توطين متكامل

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

يعد القطاع المصرفي الإماراتي الأكبر في الشرق الأوسط وإفريقيا؛ حيث يبلغ إجمالي الأصول فيه ٨٢٤ مليار دولار، أي ما يعادل ٣٠٢٢ مليار درهم، وتصل نسبة عدد الموظفين من أبناء وبنات الإمارات العاملين فيه إلى ٢٦.١٪، يشغلون أكثر من عشرة آلاف وظيفة، مما يمثل تراجعاً ملحوظاً مقارنة بعام ٢٠١١، ويقابل ذلك زيادة في عدد الموظفين غير الإماراتيين بنسبة ٧٪ من الفترة ذاتها.
وقد اعتمد قطاع المصارف وشركات التأمين نظاماً للتوطين بالنقاط، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في عام ٢٠١٥ -بديلاً لنظام النسبة- وتم تنفيذه فعلياً من قبل مصرف الإمارات المركزي في عام ٢٠١٧، وها نحن نعود في عام ٢٠١٩، لنناقش التحديات ذاتها، حيث لم نلمس سوى تسجيل لأدنى مستويات التوطين في هذا الميدان الحيوي والديناميكي منذ أعوام، فكان أن عرضت تحديثات المشروع خلال الاجتماع التعريفي الأخير، والذي نظمه معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، الذراع التدريبي للقطاع المصرفي بالدولة.
إن الوقت يسبقنا في هذا المجال خصوصاً ونحن نعيش تغيرات الثورة الصناعية الرابعة، ونشهد آثارها في مستقبلنا كأفراد، ولا خيار أمامنا سوى النمو والتقدم واستثمار الفرص المتاحة، أما في ظل ما يتعرض له القطاع المالي عموماً من تحديات كبيرة، أفرزتها التكنولوجيا وحلول الأتمتة التي ستسيطر على المشهد بما نسبته ٣٠٪، مما سيعرض ٥٪ من فرص العمل إلى الخطر بحلول ٢٠٣٠، في ظل كل ذلك، كيف استعدت المؤسسات العاملة في هذا المجال لهذه الإشكالات، وإلى أي مدى ترتبط مشاريعها بتوجهات الحكومة المستقبلية في الاقتصاد والمال والأعمال؟
إن الدور التكاملي الذي يقوم عليه مشروع «نظام النقاط» يجب أن يكون حازماً بما يكفي لمعالجة هذا الخلل الذي لا يزال يشكو منه آلاف المواطنين والمواطنات في الدولة، والذي تعود أسبابه حسب دراسة أخيرة لشركة «غالف تالنت»، إلى جهل الباحثين عن العمل بالمهارات المطلوبة من قبل الشركات، و عدم توفير المؤسسات التعليمية للمهارات الصحيحة أثناء الدراسة، وعدم اتخاذ الشركات الإجراءات المناسبة لاستقطاب المواهب المحلية، إضافة إلى صعوبة إيجاد المواطنين المناسبين للشواغر المتاحة، مقارنة بالعثور على العمالة الوافدة المناسبة.
ما سبق هو معني بالمواطنين بالدرجة الأولى، الذين تقع على كواهلهم مسؤولية الالتفات إلى مهارات العصر مثل قدرة الفرد على الترويج الذاتي، الاستكشاف، القدرة على التكيف، مهارات المنطق والتفسير، الابتكار، حل المشكلات، إدارة الأفراد، الذكاء الاجتماعي والعاطفي، المعرفة بالتكنولوجيا والرياضيات والمهارات الرقمية، إضافة إلى المعرفة بوسائط الإعلام الجديدة، والقائمة تطول.
أما الخطط التدريبية والبرامج التأهيلية فمن المهم ألا تقتصر على النمو الوظيفي والتطور المهاراتي والتزود بحلول التكنولوجيا، وإنما يجب أن تشمل خصائص الأنموذج الحكومي لتمكين الأفراد، والذي يشمل تحقيق الذات واحترام الذات و الحب والانتماء، والسلامة والأمن والاحتياجات الفسيولوجية، بذلك وحده يمكننا أن نصل إلى توطين متكامل في القطاع المصرفي وغيره من القطاعات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"