حكم الإجهاض (٢-٢)

02:58 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

من المعلوم شرعاً أن الاعتداء على الجنين بعد نفخ الروح فيه، كالاعتداء على الإنسان الحي، فمن تسبب في إسقاطه وجب عليه دفع ديته الشرعية. وجاء في فتوى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في الدورة الثانية عشرة للعام ١٩٩٠ بأن إجهاض الجنين المشوه تشويهاً شديداً جائز، ولكن لن يتقرر ذلك إلا بشروط مثل:
١- أن يكون بقرار من لجنة من الأطباء المختصين.
٢- أن يتم الإجهاض قبل مرور ١٢٠ يوماً من لحظة التلقيح.
٣- أن يكون خطر الحمل على الأم أشد من خطر الإجهاض.
٤- موافقة الزوجين على الإجهاض.
إذن يحرّم الإجهاض بعد نفخ الروح فيه سواء كان الحمل شرعياً أو سفاحاً، لأن الجنين لا ذنب له، وأجاز بعض الفقهاء الإجهاض إذا كان الحمل نتيجة الاغتصاب، من باب تغليب المصلحة على المفسدة، مراعاة للقاعدة التي تقول «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».
أما إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه فموضع خلاف بين العلماء، حيث أجازه بعضهم لظنه أنه لا حياة فيه.
ومنهم من قال بكراهيته ومنهم من قال بحرمته، ولعل أشدهم هم المالكية حيث إنهم حرّموا الإجهاض مطلقاً.
أقول: إن رأي المالكية هنا أكثر احتياطاً، وهو من باب سد الذريعة أيضاً، لأننا لو فتحنا الباب أمام النساء فلربما اتخذنه وسيلة للانتقام من أزواجهن.
ثم إن الإجهاض المتعمد ليس خالياً من المخاطر، فلماذا تلجأ إليه المرأة؟ أليس لتنفيذ خطة شيطانية، أو لتحقيق رغبة الزوج الذي لا يريدها أن تحمل، أو لتحقيق رغبتها هي إذا لم ترد الحمل؟
نعم إن الإسلام أباح لها الإجهاض في حال لو كانت هي نفسها في خطر، لكن لم يبحه لها ولا لزوجها لمجرد منع الحمل أو تحديد النسل.
ثم إن منع الحمل إذا كان بواسطة الدواء وقبل تكوّن النطفة الأولى لم يجزه الشرع إذا لم تكن هناك ضرورة، فكيف يمنع الحمل بعد تكوّنه؟
أتقول إن المرأة يرهقها الحمل المتتالي أو بها مرض أو تحب أن يحصل المولود على قسطه من التربية؟
إذا كان ذلك قصدك وقصدها، فإنكما في حاجة إلى تنظيم النسل وليس منع النسل.
والتنظيم لا يكون بالضرورة بتناول الدواء الذي قد يضر المرأة وقد لا يفيد فتحمل، وإنما يمكن تنظيم النسل بالعزل وهو لايزال من أنجح وسائل منع الحمل.
والعزل جائز شرعاً لأن جابر رضي الله عنه يقول «كنا نعزل والقرآن ينزل» وورد في حديث آخر بأن «العزل هو الوأد الخفي».
ولكي نوفق بين الحديثين نقول إن الحديث الأول أصح، ومعظم الفقهاء قال بجواز العزل.
لذا فإننا نقول: لا إجهاض بعد نفخ الروح من غير عذر شرعي، فلتتق الله النساء في حملهن ،ويجوز الإجهاض إذا كان العذر شرعياً، وأما العزل فجائز والله أعلم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"