الإمارات.. حلم الأمس وأمل الغد

03:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود حسونة

2 ديسمبر.. يوم ليس كمثله يوم عند أهل الإمارات، فهو يوم الميلاد، ويوم التأسيس، ويوم الانطلاق، ويوم الاتحاد، ويوم تحقيق الحلم؛ الحلم الكبير للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وللآباء المؤسسين الذين آمنوا بالحلم، وتعاهدوا على تحويله واقعاً، وتوافرت لديهم إرادة التنفيذ؛ وأيضاً حلم شعوب الإمارات المتصالحة التي تمنت أن تتحول إلى شعب واحد متوحد، وراء قيادة لبناء دولة واحدة، قوية البنيان والإرادة والعزيمة، وتكون رقماً مهماً على خريطة العالم، وصعباً على المتربصين بها.
يوم غد، يستعيد أهل الإمارات، دولة وشعباً، ومعهم محبوها، ذكريات يوم الاتحاد، وهي الذكريات التي ستظل محفورة في وجدان التاريخ، لتتناقلها الأجيال بفخر وعز وفرح.
2 ديسمبر، كان يوم التتويج، ويوم مولد دولة الإمارات العربية المتحدة. سبقته أيام وليال من العمل الدؤوب، واللقاءات والمحادثات والاتفاقات حتى تمت بلورة الاتحاد الحلم، الذي كان تساعياً، وتم إعلانه في 2 ديسمبر 1971سداسياً (أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة)، ثم أصبح سباعياً بعد انضمام رأس الخيمة إلى شقيقاتها في 10فبراير 1972.
صاحب الفكرة والحلم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قضى 47 شهراً يعقد اجتماعات ويجري مباحثات دبلوماسية ليحول حلمه إلى حقيقة. التقى عدة مرات وفي عدة مواقع مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد ليشكلا معاً النواة الأولى للاتحاد، الساعية لبناء دولة، ليست كباقي الدول، متفردة في دستورها ونظامها الأساسي، ولتكون النموذج الذي يمكن أن يحتذيه كل حالم بالوحدة بين أهل الأرض، وكل مؤمن بأن في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف.
الشيخ زايد قدم الإمارات نموذجاً لحلم أكبر، وهو «الأمة العربية الموحدة والمتوحدة»، وقد نجح في تكوين مجلس للتعاون الخليجي، وساند كل جهود الوحدة العربية، التي لم تتحقق لأن كثيراً من قادة العرب لا يتوافقون رأياً ورؤية وهدفاً وطموحاً.
قادة الإمارات، الذين أسسوا، والذين يستكملون المسيرة، لا يحيدون عن النهج الواحد، وساروا ويسيرون بإرادة لا تقبل عن التميز بديلاً، ولا تعرف للمستحيل مكاناً، ولا ترضى بغير الرقم واحد مكانة.
الشيخ زايد أرادها ورآها دولة تحترم الآخر، وتساند الشقيق، وتدعم المحتاج، وتؤازر المظلوم، أياً كان لونه أو دينه أو انتماؤه أو عرقه أو موقعه على خريطة العالم؛ ورآها دولة للإنسانية تجمع ولا تفرق، تستضيف على أرضها جنسيات العالم وتتعامل معهم جميعاً بمبدأ واحد من دون أي تفرقة، موطناً للتسامح، يمارس فيه كل مقيم طقوسه وشعائره من دون أي تجاوز أو مساس بطقوس وشعائر الآخر. رسمها في مخيلته دولة تكرم العلم والعلماء، وتتبنى ما ينفع الناس، وتطلق من المبادرات ما يشجع على فعل الخير ويحيي القيم المفقودة، دولة تفخر بماضيها ومنجزات الأوائل وتعيش الحاضر وتفكر للمستقبل.
رآها دولة تسابق الكبار في علوم الغد وتنطلق إلى الفضاء وتسعى للمريخ وتحلم بمكان على الكواكب الأخرى.
رآها زايد دولة تستغل نعم المولى عز وجل عليها؛ لأجل خلق مستقبل متميز لأبنائها، وبالفعل وجهت ثروتها للاستثمار في الإنسان ولبناء المدن وإنشاء الطرق وزراعة الصحراء وفعل الكثير مما أبهر العالم والذي سيزداد انبهاراً بها في المستقبل.
إمارات زايد حققت كل ما كان يحلم به الأب المؤسس، حققت خلال حياته الكثير ووضعت لبنات المستقبل؛ ولأن قادتها اليوم، كل واحد منهم، خير خلف لخير سلف، فهم على الدرب يسيرون، ويضيفون إنجازات وإنجازات، متسلحين بعلوم الحاضر، ويسعون للقفز إلى المستقبل بطرق وأساليب غير مسبوقة. ففي حين أن بعض الدول المحيطة غارقة في صراعات مذهبية وطائفية، والبعض الآخر يكتفي بخطط خمسية وعشرية، يتطلع قادة الدولة إلى عام 2071 «مئوية الإمارات» بالقفز 52 عاماً في عمق المستقبل.
من يتأمل الإمارات، لا يملك سوى الفخر بهذه التجربة العربية المتميزة، فالقادة يعملون ويحلمون للشعب، والشباب والكبار لا يقبلون سوى بتحقيق آمال وطموحات أولياء الأمر، والمرأة تعيش أزهى العصور، نجاحاً وتميزاً وتحملاً للمسؤولية لتكون محط إعجاب وحسد الأخريات في آن واحد.
الإمارات التي كانت حلم الشيخ زايد والآباء المؤسسين، ما زالت حلماً للشباب العربي ولكل طامح وباحث عن فرصة للنجاح، ولكل ساع لحياة أفضل. حفظ الله الإمارات، حلم الماضي وأمل المستقبل، وعاش اتحادها وأدام الله بيتها متوحداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"