حكم منع الحمل (2-2)

05:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
تحدثنا في المقال السابق عن منع الحمل باستخدام العزل الشرعي، وهو أن يصب الرجل ماءه خارج الفرج . وقلنا بأنه جائز شرعاً بشرط رضا الزوجة كما قال الجمهور، أو من غير رضاها كما هي الحال عند الشافعية .
واليوم وجدت بدائل كثيرة عن العزل، فبإمكان الزوج أن يستمر معها من غير نزع، لأن الواقي الذي يلبسه يقيه الإنزال في الفرج، والواقي هو إما كيس يلبسه الرجل يسمى اللباس، وإما لولب تربط به المرأة عنق رحمها .
ولمنع الحمل قد تلجأ الزوجة إلى أخذ الحقن، أو إلى بلع حبوب منع الحمل .
أما اللولب فبلاستيك قيل عنه بأنه يشتمل على أحماض تؤثر في أعضاء المرأة الداخلية ولكنه غير مضمون إذ قد يتسرب منه بعض الحيوانات المنوية إلى الرحم فتحمل الزوجة .
وأما الحقن فمن أضرارها أنها تغير الهرمونات أو تنقص أو تغير لون وجه المرأة، أو تؤدي إلى سرطان الثدي .
وأما الحبوب فمن مضارها أنها تؤدي إلى الاستحاضة الدائمة وزيادة الخصوبة وإلى بعض الأمراض في الرحم مثل التورم والتليف .
إذن نرجع إلى العزل وهو وإن كان غير مضمون أيضاً إذ قد يتسرب بعض الحيوانات المنوية أثناء العزل، إلا أنه أقل ضرراً، ولذا أجازه الشرع إذا اتفق عليه الطرفان .
وهناك وسيلة أخرى لمنع الحمل، وهي ألا يواقع الزوج زوجته في فترة نزول البويضة، أي خلال اليوم الرابع عشر واليوم الخامس عشر من بداية الدورة وهي الفترة الخطرة .
على الزوجة أن تحسب، وعلى الزوج أن يمسك نفسه في هذين اليومين، وبعدها لا يحصل حمل بإذن الله تعالى، لأن البويضة تتقلص إذا لم تلقح .
هذا عن طرق منع الحمل، ولكن ما حكم منع الحمل؟ هل هو جائز للضرورة، أم أنه جائز مطلقاً؟
ثم هل يمنع الزوج الحمل لمرض الزوجة مثلاً، أو لتنظيم النسل، أم أنه بغرض تحديد النسل؟
قال الفقهاء بجواز التنظيم، لأن كثرة الأطفال في فترة زمنية قصيرة قد ترهق الأم صحياً، وقد يرهقهما تربوياً، ولا يجوز منع الحمل خوفاً من الفقر أو خوفاً من الإنفاق، لأن الطفل يولد ورزقه معه، والله تعالى يقول: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" (الآية 6 من سورة هود) .
سئل الشيخ ابن عثيمين عن حبوب منع الحمل، فأجازها بشرطين: الأول أن تكون المرأة مريضة لا تطيق الحمل، والثاني أن يأذن لها الزوج بعد مشاورة الطبيب لمعرفة ما إذا كانت الحبوب غير ضارة أو العكس .
وسئل الشيخ عبدالعزيز بن باز عن استئصال الرحم نهائياً، فأجاب بأنه لا بأس بذلك، إذا كانت هناك ضرورة، وإلا يجب تركها لأن الشارع يحبذ النسل ويدعو إلى تكثير الأمة .
ومن المعلوم أن علماء المسلمين أجمعوا باتفاق على أن الضرورات التي تجب المحافظة عليها خمس: النفس والدين والعقل والنسل والمال .
وقد قال الدكتور أحمد الشرباصي بعد أن تطرق إلى ذكر أحاديث العزل: نخلص من البحث في الموضوع إلى أن أدلة الإباحة في العزل أكثر وأقوى من أدلة المنع، وأن القائلين بجوازه أكثر من القائلين بحرمته، ومن الممكن التوفيق بين الطائفتين، بأن يقال: إن العزل يجوز وجود السبب القوي والعذر الشرعي، ولا يجوز لمجرد الهوى أو السبب التافه (انظر يسألونك في الدين والحياة للشرباصي ج2 ص 195 - 196) .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"