الحمائية والتجارة بين اليابان وأوروبا

04:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي *

بعد جهد استمر أربعة أعوام توصّل الاتحاد الأوروبي واليابان إلى اتفاق تجارة حرة في إعلان لمعارضتهما لما وصفاه بمنحى الحماية التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقد تمكن الجانبان من إزالة بعض الخلافات الرئيسية التي كانت تقف عائقاً أمام إتمام
اتفاق التجارة الحرة التي تعتبر الأولى من نوعها بين اقتصادين رئيسيين من اقتصادات الدول المتقدمة، وهو ما يغطي نحو ثلاثين في المئة من إجمالي الناتج المحلي للعالم.
وكان الطرفان منخرطين في جولات من المفاوضات، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل حول السلع والخدمات والاستثمار لإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية، كما تغطي أموراً أخرى ذات صلة بالتجارة، مثل المشتريات العامة والقضايا التنظيمية والمنافسة والتنمية المستدامة. وكانت الفكرة قد طرحت للمرة الأولى بين الجانبين في ربيع عام 2010، ثم اقترحت المفوضية الأوروبية - الهيئة الإدارية للاتحاد الأوروبي - بدء مفاوضات لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية مع اليابان في يوليو 2012. وكانت المفاوضات بطيئة وتسير رويداً، حتى قرب نهاية العام الماضي. حيث بوغت الطرفان بالفوز المفاجئ وغير المتوقع لدونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية وتحوّله من نظم التجارة المفتوحة متعددة الأطراف إلى سياسة متشددة تطبق مبدأ «أمريكا أولاً»، ومن ثم منذ الأيام الأولى لدخوله البيت الأبيض، علّق الرئيس دونالد ترامب مشاركة الولايات المتحدة باتفاقية «الشراكة عبر الهادي» TPP، الذي يشمل اليابان، وهي معاهدة للتجارة الحرة يبلغ الناتج الإجمالي المحلي الاسمي للدول ال12 نحو 26 تريليون و600 مليار دولار ليمثل 38.0% من الناتج الإجمالي المحلي في العالم. ويكون ذلك أكثر من الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (19 تريليون و900 مليار دولار التي تقودها الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا، والاتحاد الأوروبي (17 تريليون و600 مليار دولار). ووصل حجم التجارة للدول المشاركة في TPP إلى 10 تريليونات و200 مليار دولار بأقل قليلا من الاتحاد الأوروبي (11 تريليون و700 مليار دولار) ويشكل 27.8% من حجم التجارة الإجمالية في العالم. وتأذّت اليابان كثيراً بذلك الانسحاب الأمريكي لأنها كانت ستعمل على تعزيز «اقتصاد آبي»، أو استراتيجية تنشيط الاقتصاد، كما تقول تقديرات الحكومة اليابانية إن اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ كانت ستقود إلى زيادة الناتج الإجمالي المحلي لليابان بنحو أربعة عشر تريليون ين، أي بأكثر من مئة وخمسة عشر مليار دولار أمريكي.
كما أن محادثات عقد اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تركت في حالة معلقة. وهذه الاتفاقية كانت ستضيف ما يصل إلى 157 بليون دولار إلى الاقتصاد الأوروبي و127 بليون دولار إلى الاقتصاد الأمريكي، وما يقدر بحوالي 133 بليون دولار إلى بقية اقتصادات العالم. وبالإضافة إلى ذلك فإن صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة كان يمكن أن ترتفع بنسبة 28 في المئة، مما يتيح للمصدرين للسلع والخدمات 187 مليار يورو (254 مليار دولار) سنوياً. وإزاء خيبات الأمل من السياسة التجارية للولايات المتحدة، ونظراً لأن اليابان والاتحاد الأوروبي لهما مصلحة مشتركة في التوصل إلى اتفاق التجارة الحرة، فقد تسارعت المفاوضات بين الطرفين للوصول إلى النهاية السعيدة التي تقضي بأن يزيل الاتحاد الأوروبي تعريفة سيارات الركاب اليابانية والبالغة حالياً عشرة في المئة خلال سبع سنوات
* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"