محمد بن راشد وترويض العقول

00:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
" . . .، والأمم العاقلة هي الأمم التي تؤمن بالإنسان وبقيمته، وبأن رأسمال مستقبلها الحقيقي في عقل هذا الإنسان وأفكاره وإبداعاته" بهذه العبارة اختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مقالته الأخيرة التي عنونها ب "الهجرة المعاكسة للعقول" مبدياً فيها فخره بقدرة دولة الإمارات العربية المتحدة بنموذجها التنموي من تغيير مسار هجرة العقول إلى الغرب وتصدرها قائمة الوجهات الجديدة في استقطاب العقول على مستوى العالم كما ورد في الدراسة التي قامت بها شركة "لينكد إن" .
ونرى أن هذا التحول ناجم عن ترويض العقول التي كانت سابقاً لا تقبل إلا بالنموذج الغربي كنموذج منفرد للتنمية وترفض بأن ترى بريق أمل لبروز دولة عربية لتشكل نموذجاً ناجحاً يحتوي على ما لدى النموذج الغربي من فكر وتطبيق يساعد على استقطاب العقول واستثمارها الاستثمار الأمثل، هذا التسليم واجهه النموذج الإماراتي بقوة فقدم نموذجاً استثنائياً لدولة عربية استطاعت أن تغير بوصلة الهجرة إلى الغرب، ولعل المميز في النموذج الإماراتي هو استقطابه لثلاثة أنواع من العقول: الأول هو النوع التقليدي المتمثل بالعقول التي لم تجد بيئة حاضنة لها في دولها فتتجه للبحث عن بيئه أفضل للعيش والإبداع فكانت تتجه في السابق إلى الغرب فتحول اتجاه الجيل الجديد منها إلى الإمارات، أما النوع الثاني من العقول فهي تلك العقول المهاجرة منذ زمن للغرب والتي وجدت لها بيئة مناسبة للحياة والإبداع فأعادت مراجعة قناعاتها وتوجهت من جديد إلى الإمارات على اعتبار أنها أفضل بشموليتها من البيئة التي استقطبتها بداية، وأما النموذج الثالث والذي يعتبر استثنائياً فهو اقتناع العقول الغربية بترك أوطانها التي تربت فيها وكانت بيئتها صالحة للحياة والإبداع وتوجهها للإمارات لقناعتها بأفضلية النموذج الإماراتي، والسؤال الأهم هو ما الذي روض تلك العقول وغير قناعاتها لتحول مسارها للإمارات؟ الإجابة في نظرنا تكمن في الصفات المميزة للإمارات والتي ترسم الملامح الرئيسية لهويتها أمام العالم، وتنقسم تلك الصفات إلى شقين رئيسيين: الأول هو الصفات الثقافية الاجتماعية للإمارات فبالإضافة لكونها دولة عربية إسلامية ذات طابع بدوي في العادات والتقاليد فإن المجتمع الإماراتي يتميز بتسامحه وتقديره للآخر أيا كانت جنسيته فمن يزور الإمارات لا يشعر بغربة فيها بل يجد فيها بيئة مناسبة ثقافياً واجتماعياً للعيش والاستقرار، أما الشق الثاني فهو الصبغة الجديدة للإمارات أمام العالم والتي تلونت بفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من خلال التطور الملحوظ في العمل الحكومي والخاص بشكل استطاع أن يستنسخ به الكثير من صفات النموذج الغربي كما تفوق عليه في صفات أخرى ولعل الحكومة الذكية والقمة الحكومية ونظام تصنيف النجوم لمراكز خدمة المتعاملين وغيرها من المشاريع أقرب مثال على ذلك .
إن الفكر والتطبيق اللذين وهبهما الله للإمارات من خلال إبداعات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كلاهما استطاع أن يغير قناعات العقول ويروضها ويستقطبها ليستثمرها بما فيه خير الإنسانية، فالعقل عنده هو أساس الحضارة وهو ما اختزله في بيت من قصيدته الأخيرة "مجد الإمارات" حين قال:
حضارة ليست بالإسمنت قيمتها
بل إنها العقل والتدبير والفكر
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب