ضريبة الدخل الشخصي

02:11 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العظيم محمود حنفي

يتعين أن تبدأ أية دراسة لضريبة الدخل في البلدان النامية بملاحظة أن هذه الضريبة تدر إيرادات قليلة نسبياً في معظم هذه البلدان، وأن عدد الأفراد الخاضعين لها صغير (وخاصة عند أعلى معدل حدي) ويعتبر هيكل معدلات ضريبة الدخل الشخصي هو أكثر أدوات السياسة وضوحاً من بين الأدوات المتوفرة لمعظم الحكومات في البلدان النامية لكى تؤكد التزامها بتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن حيث تكتسب التأييد السياسي اللازم لسياستها. وكثير ما تولي البلدان أهمية كبيرة للإبقاء على درجة من التصاعدية الاسمية في هذه الضريبة من خلال تطبيق العديد من الشرائح الضريبية. ومع ذلك، فكثيرًا ما تتأثر فاعلية الضريبة التصاعدية في المعدلات الضريبية تأثيراً شديداً بارتفاع مستوى الإعفاءات الشخصية وفرط الإعفاءات والتخفيضات الضريبية الأخرى.التي يستفيد منها أصحاب الدخول المرتفعة (كإعفاء المكاسب الرأسمالية من الضرائب والتخفيضات السخية للنفقات الطبية والتعليمية والضرائب المنخفضة على الدخل المالي) ويعتبر تخفيف الضريبة من خلال التخفيضات مسلكاً بالغ السوء، ذلك أن هذه التخفيضات تزداد عادة في الشرائح الضريبية الأعلى. وتشير التجارب السابقة بكل وضوح إلى إمكانية تحسين تصاعدية المعدلات الضريبية الفعلية من خلال تخفيض رجة تصاعدية المعدلات الاسمية وعد الشرائح الضريبية وكذلك الحد من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية. وبالفعل فإن تحقيق أي هدف معقول من أهداف العدالة لا يستلزم أكثر من بضع شرائح ضريبة اسمية في هيكل ضريبة الدخل الشخصي. وإذا كانت القيود السياسية تعوق إعادة الهيكلة الفعالة لللمعدلات الضريبية، فإنه يظل بالإمكان إحراز تحسين ملحوظ في درجة العدالة الضريبية عن طريق إحلال الاعتمادات الضريبية محل التخفيضات، وهو ما يمكن أن يحقق نفس المنافع للممولين في جميع الشرائح الضريبية. كذلك فإن فاعلية معدل الضريبة الحدي المرتفع تقل إلى حد كبير حين يغلب تطبيقها على مستويات الدخل المرتفعة (معبراً عنها في صورة نسب من إجمالي الناتج المحلي للفرد) حتى أن القليل من الدخل فحسب هو الذي يصبح خاضعاً لهذه المعدلات. وفي بعض البلدان النامية، نجد أن دخل دافع الضريبة يجب أن يبلغ مئات أضعاف نصيب الفرد من الدخل الكلي حتى يمكن تصنيفه ضمن أعلى شرائح الضريبة. وعلاوة على ذلك فإن معدلات الحدية العليا للضريبة على الدخل الشخصي تزيد بفارق كبير في بعض البلدان على ضريبة دخل الشركات، مما يعد حافزاً قوياً لدافعي الضرائب كي يختاروا شكل الشركة في مزاولة أعمالهم لأسباب ضريبية بحتة. فمن اليسير على أصحاب المهن التخصصية والمشاريع الصغيرة أن يتحايلوا على سداد الضريبة على أرباحهم من خلال التخفيضات الضريبية التدريجية على المصروفات ومن ثم الإفلات بشكل دائم من الخضوع للمعدلات العليا لضريبة الدخل الشخصي. ويعتبر تأخير الضريبة كالتهرب منها. ولذلك فإن السياسة الضريبية الجيدة تضمن عدم اختلاف المعدل الحدي الأعلى لضريبة الدخل الشخصي اختلافاً كبيراً عن معدل الضريبة على دخل الشركات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"