الوكالة

02:27 صباحا
قراءة 3 دقائق
الوكالة في اللغة العربية تأتي بمعنى الحفظ (وهي تقرأ بفتح الواو وكسرها)، وفلان وكيلي أي الذي يحافظ على أداء ما ائتمنته عليه، و(على الله توكلنا) أي فوضنا أمورنا إليه.

وفي الاصطلاح عرفها الأحناف بأنها: إقامة الغير مقام نفسه ترفهاً أو عجزاً في تصرف جائز معلوم.
والمالكية قالوا في تعريفها: الوكالة نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروط بموته.
والشافعية قالوا: هي تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته.
وعند الحنابلة: هي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخل النيابة من حقوق الله وحقوق الآدميين (انظر حاشية ابن عابدين ج4 ص400، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل ج2 ص 125، وحاشية الجمل على شرح المنهج ج3ص 400 والإنصاف ج5 ص353).
لاحظ هذه التعريفات رغم تعددها تؤدي إلى مفهوم أن الوكالة مشروعة وجائزة بالكتاب والسنة والإجماع والقياس لورود آيات وأحاديث وإجماع الصحابة عليها وقبولها بالعقل، فالآية قوله تعالى (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها... ) (الآية 35من سورة النساء). والحديث «قول أبي رافع قال: تزوج رسول الله ميمونة وهو حلال (غير محرم) وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما» (رواه الترمذي).
وانعقد الإجماع منذ عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا هذا على أن الوكالة مشروعة، والعقل يقتضي جوازها نظراً لحاجة الناس إليها.
وإذا قلنا بجوازها فبشروطها بالتأكيد، وأركانها هي صيغة مثل «وكلتك» وموكّل ووكيل وموكّل فيه.
واتفق الفقهاء على أن التوكيل لا يصح من المجنون والمغمى عليه والنائم والصبي غير المميز، ولا يجوز توكيل المرأة في النكاح عند الجمهور لكونها لا تزوج نفسها فمن باب أولى ألا تملك توكيل غيرها، إلا أن الحنفية أجازوا لأن لها حق الولاية.
والجمهور على أن المسلم لا يجوز له أن يوكل غير المسلم في بيع الخمر والخنزير أو أي شيء محرم أصلاً، لأنه لا يملك حق التصرف فيها فكيف يوكل فيما لا يملك؟ إلا أن أبا حنيفة أجاز للمسلم أن يوكل غير المسلم في بيع الخمر والخنزير مثلاً.
وعند الحنابلة لا بد أن يعرف الوكيل من وكله تمام المعرفة، ولا يكفي أن يقال له: فلان وكلك ثم لا يُذكر له شيء عن مواصفات ذلك الموكل.
واشترط الفقهاء في الوكيل ما اشترطوه في الموكل لكنهم اختلفوا في أمور مثل البلوغ فبعضهم اشترط وبعضهم لم يشترط، واستدل بحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما تزوج أم سلمة زوجها ابنها عمرو ولم يكن بالغاً والحديث رواه النسائي.
واتفقوا أيضاً أن الوكيل لا بد أن يعين شخصه فلا يصح أن يقول: وكلت أحد أهل الحي في بيع داري.
والفقهاء لم يشترطوا عدالة الوكيل عموماً، إلا أن بعضهم اشترط عدالته في بعض الأمور مثل عقد النكاح.
كما أنهم لم يشترطوا الذكورة، فالوكيل يصح أن يكون امرأة، وبعضهم اشترط الذكورة في بعض العقود مثل عقد النكاح.
والخلاصة أن الأمور التي تصح فيها الوكالة هي العقود والعبادات المالية مثل الزكاة، وكذلك الطلاق والرجعة والخلع.
أما ما لا تصح فيه الوكالة فهي مثل الشهادة والأيمان والنذور وكل ما كان فيه معصية مثل القتل والسرقة، وكذلك العبادات البدنية مثل الصلاة والصيام.

د. عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"