فكر التطهير العرقي يتسلل إلى البيت الأبيض

02:41 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

أثار ظهور أكاديمي فلسطيني له صلات استشارية مع حركة حماس على برنامج لقناة الجزيرة مع صحفي «إسرائيلي» مغمور ضجة واسعة في الوسط الفلسطيني، خاصة وأن الأكاديمي المعروف بضحالة مخزونه السياسي والإعلامي قال كلاماً شكك فيه بوحدانية التمثيل الفلسطيني من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، ما جعل الصحفي «الإسرائيلي» يصفق فرحاً ويطالب الفلسطينيين بالهجرة إلى أوروبا، حيث هناك من سيتولى توطينهم ومنحهم أموالاً. إذ يبدو وكأن هناك من يعمل جدياً على تغييب منظمة التحرير، وإبراز حماس ومن لف لفها كبديل سياسي يقبل بدولة غزة ضمن «صفقة القرن».
عملياً جرى على ألسنة «الإسرائيليين» والأمريكيين في الآونة الأخيرة كلام يشكك في تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين، بل يشكك في الوجود الفلسطيني نفسه واحتمالات تصفيته بالكامل في الضفة الغربية، إما ضمن حكم ذاتي محدود للمدن المكتظة، وإما ممارسة التطهير العرقي والتهجير، بالتساوق مع الفكر الترامبي الكاره للمهاجرين، فإن الرئيس البرازيلي الجديد اليميني بولسونارو يتبنى نفس الأفكار، حيث وجدت تصريحاً قديماً له في البرلمان البرازيلي يشيد فيه بسلاح الفرسان الأمريكي، لأنه قضى على نسبة كبيرة من الهنود الحمر في الولايات المتحدة، بينما عجز سلاح الفرسان البرازيلي في إبادة السكان الأصليين في البرازيل.
هذا الفكر الفاشي المتوحش بدأ يتسلل علناً إلى البيت الأبيض والكونجرس، وهو جزء من الفكر الصهيوني ويمارس في الحملات الانتخابية وفيه دعوة مبطنة لإبادة الفلسطينيين وممارسة التطهير العرقي ضدهم، مثلما أن وضع المحميات الطبيعية في غابات الأمازون بالبرازيل الخاصة بالسكان الأصليين تحت تصرف وزارة الزراعة لمحاولة نزع ملكية هذا الأراضي من الهنود الحمر، وتحويلها للشركات الاحتكارية التجارية التي كانت تخرب البيئة والغابات إبان الحكم العسكري للبرازيل في الستينات بدعم من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
المفاجئ في البحث عن فكر الرئيس ترامب ونظيره البرازيلي بولسونارو هو أنك تجد في موقع إلكتروني ما يشير إلى نمو فكرة التطهير العرقي للفلسطينيين في أروقة الكونجرس والبيت الأبيض وخاصة في مكتب نائب الرئيس مايك بنس الذي يؤيد الكنيسة الإنجيلية الداعية إلى دعم «إسرائيل» كمقدمة لقدوم المسيح بينما هناك الكنيسة الصهيونية المسيحية وهي من يهود صهاينة خلطوا الدين اليهودي بالمسيحي، ويروجون لإفراغ فلسطين من سكانها لصالح اليهود كمقدمة لظهور المسيح اليهودي.
وقد عملت هذه الجماعة المؤيدة ل«إسرائيل» على جعل المشرعين في الكونجرس والمسؤولين البارزين في البيت الأبيض، يتبنون خطة من شأنها دفع الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى مغادرتها بكل هدوء.
وتهدف هذه الخطة إلى إعادة تشكيل التركيبة العرقية والانتماءات الدينية داخل الأراضي التي تخضع للسيطرة «الإسرائيلية»، وفقاً لما صرح به رئيس هذه الجماعة السفير الأمريكي ليبرمان التي تدعى: «التحالف من أجل الدفاع عن إسرائيل»، وفي حال سارت الأمور حسب الخطط التي رسمتها الجماعة، سيصدر تشريع للقيام بهذه الخطوات خلال شهر يناير /‏كانون الثاني المقبل تزامناً مع تحديد تركيبة الكونجرس الجديد. بموجب ذلك، سيُعاد توجيه المساعدات الإنسانية التي تخصصها الأمم المتحدة لدعم الفلسطينيين، لتصبح ضمن برنامج قسائم تديره الحكومة «الإسرائيلية». وينص ملخص مشروع التشريع على أن هذه الأموال ستساعد على تمويل عمليات النقل الدائم للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى بلدان مثل تركيا والسويد، أو الولايات المتحدة وفقاً لكلام ليبرمان.
وقال ليبرمان في تحقيق لموقع «إنترسبت»: إن «الأمر يندرج في إطار تشريعاتنا المقترحة، حيث «تسعى منظمتنا لتقديم الدعم المادي لكل فلسطيني يرغب في مغادرة «إسرائيل» والتوجه نحو بلدان أخرى، نحن سنوفر الدعم المادي حتى يتسنى لهم الرحيل». ويضيف:«إن الحقوق الوحيدة التي يمتلكها الفلسطينيون هي حقوق الحيازة المكتسبة، وفي حال كان هناك فلسطيني يرغب في المغادرة فسنوفر له الأموال اللازمة لذلك، على أمل أن تتغير التركيبة الديموغرافية للضفة الغربية خلال 10 سنوات حتى يتسنى لنا ضمها إلينا في نهاية المطاف».
وقد لعبت هذه الجماعة دوراً في ذلك، بما لها من اتصالات داخل الكونجرس ومع البيت الأبيض ومع المبعوث الأمريكي جرينبلات في إقرار الكونجرس لقانون يحظر تقديم المساعدات للفلسطينيين بحجة أنهم يمولون أسر الشهداء والأسرى وإقرار قانون آخر يحجب المساعدات عن وكالة غوث اللاجئين.
فالفكر العنصري لهذه الجماعة يسير بانتظام مع «صفقة القرن» التي تحاول نسف أسس القضية الفلسطينية وكل القرارات الدولية التي صدرت لصالح الشعب الفلسطيني. لكن الغريب في كل هذا هو خروج أصوات فلسطينية تشكك في التمثيل الفلسطيني وكأنها تتساوق مع مضامين الصفقة ومع الفكر العنصري الذي يدعو لتهجير الفلسطينيين من أرضهم أو إبادتهم، ما يشير إلى انهيار في الفكر السياسي لبعض الفصائل الفلسطينية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"