الأضحى الفلسطيني

02:38 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

اقتحام العشرات من المستوطنين «الإسرائيليين» المتطرفين باحات المسجد الأقصى، صبيحة عيد الأضحى المبارك، بحماية المئات من جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة، والاعتداء على المصلين بالقنابل الصوتية، والأعيرة المطاطية، ليس بعمل مستغرب على المحتلين «الإسرائيليين»، الذين دأبوا ومنذ إقامة المشروع الاستيطاني العنصري في فلسطين، على ممارسة العدوان، وأبشع أنواع العنصرية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، أصحاب الأرض الشرعيين؛ لكن ما يميز الجريمة «الإسرائيلية» الجديدة، التي ارتكبت في يوم مقدس لدى جموع المسلمين في العالم، أنها تأتي في الواقع في إطار تصعيد «إسرائيلي» شامل، ليس في القدس فقط، وإنما على أكثر من صعيد، ولا سيما على صعيد التوسع الاستيطاني السرطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ الأمر الذي ينذر بانفجار شامل في وجه الاحتلال، وهو ما ذهبت إليه الفصائل الفلسطينية، التي رأت أن الهجمة «الإسرائيلية» الجديدة؛ محاولة حثيثة لتنفيذ مخططات التهويد بحق مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، إضافة إلى استثمار التصعيد في خدمة الدعاية الانتخابية.
لا سيما وأن هذه الاعتداءات متزامنة مع تصعيد سياسة الاستيطان «الإسرائيلية»؛ حيث صادقت ما تُسمى «الإدارة المدنية» للاحتلال على بناء مئات الوحدات الاستيطانية في مستوطنة «عتصيون» جنوبي بيت لحم.
كما ذكرت منظمة «السلام الآن» اليسارية «الإسرائيلية»، أن لجنة التخطيط والبناء التابعة لما تُسمى «الإدارة المدنية» التابعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية وشرقي القدس، ستروج لبناء ألفين وأربعمئة وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست «الإسرائيلية»، عن منظمة «السلام الآن»، قولها: إنه سيتم إعادة بناء أربع بؤر استيطانية تم إخلاء بعضها، مشيرة إلى أن «المجلس الوزاري «الإسرائيلي» المصغر (الكابنيت) وافق قبل أيام بشكل مبدئي على بناء نحو 700 وحدة سكنية للفلسطينيين في مناطق تخضع للسيادة «الإسرائيلية»، على أن يتم مقابل ذلك بناء ستة آلاف وحدة استيطانية في المستوطنات «الإسرائيلية»، بينما من المقرر أن يوقع مرشحو تحالف اليمين الموحد لانتخابات الكنيست، ميثاقاً يتعهدون بموجبه ب«القيم» التي سيدفعها التحالف قدماً؛ ومنها: «إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي وتضمن الحقوق الفردية والمساواة لجميع مواطنيها، والمعارضة لإقامة دولة فلسطينية، وفرض السيادة «الإسرائيلية» على الضفة الغربية»، وتأتي موافقة «الكابنيت» على خطة نتنياهو المفاجئة، للبناء في مناطق تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية «الإسرائيلية» على أنها الخطوة الأولى على طريق ضم الضفة الغربية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تصريحات سفير الولايات المتحدة لدى «إسرائيل» ديفيد فريدمان في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» المرحبة بخطوة الاحتلال، والتطابق الكبير في السياستين «الإسرائيلية» والأمريكية تجاه قضية الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»؛ بل ومزاودة واشنطن على المواقف «الإسرائيلية» في عدائها للقضية الفلسطينية.
وبغض النظر عن المواقف السياسية «الإسرائيلية» أو الأمريكية، والرسائل التي يريد قادة الاحتلال الأمنيون توجيهها؛ من خلال التصعيد والاستفزاز اليومي للفلسطينيين، فإنه يمكننا القول: إن الخطوات التصعيدية «الإسرائيلية»، تشكل اختباراً حقيقياً لقيادة السلطة في تنفيذ قراراتها؛ المتعلقة بوقف التعامل مع الاتفاقات، فخطورة الأوضاع الميدانية، وشمولية العدوان بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته؛ تستدعي اتخاذ قرارات جريئة وواضحة، وغير مرتبكة باتجاه قطع كل العلاقات القائمة مع الاحتلال، وفي مقدمتها سحب الاعتراف ب«إسرائيل»، ووقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، بشكل عملي، وليس من خلال البيانات، خاصة وأن الشعب الفلسطيني، سواء في مدينة القدس، أو غيرها لم يلمس أية جدية من قيادة السلطة، بتنفيذ ما أعلنت عنه مؤخراً.
وأخيراً وليس آخراً، يمكن القول: إن الهجمة «الإسرائيلية» على مدينة القدس، والاعتداءات على الأقصى، وعمليات الاستيطان المستمرة، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والداخل المحتل، ليس إلا خطة «إسرائيلية» شاملة؛ لإنهاء أي أمل محتمل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن ما يقوم به المواطنون الفلسطينيون من دفاع مستميت عن أرضهم ومقدساتهم؛ إنما ينذر بانفجار قريب، قد يمثل انتفاضة جديدة ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، ما يستدعي لحمة فلسطينية حقيقية؛ تكون على مستوى خطورة مخططات الاحتلال المدعومة أمريكياً؛ لتصفية القضية الفلسطينية، وفق المصالح العنصرية «الإسرائيلية».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"