علاج الأمراض ... (2-2)

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
ذكرنا في المقال السابق أن المرض ابتلاء من الله تعالى . فمن صبر كان له الأجر، ومن طلب العلاج كان له ذلك أيضاً، والعلاج قد يكون بالدعاء، وقد يكون بالدواء، وفي كلٍ خير، وفي قصص الأولين نقرأ عن العلاج بالدعاء، ذلك أن الله تعالى يحب عبده الذي يلجأ إليه عند الكرب، وهو القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" (الآية 186 من سورة البقرة) .
وهذا الفعل من العبد لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى، بل هو من الأخذ بالأسباب، وإذا لم يدع بنفسه عند نزول البلاء، وذهب إلى رجل صالح ليرقيه، لم يكن ذلك منافياً للشرع أيضاً، بشرط أن يتوجه ذلك الراقي إلى الله عزّ وجل عندما يرقيه من المرض .
فالراقي بنفسه لا يملك الشفاء، والدواء أو الدعاء بنفسه لن يكون قادراً على دفع البلاء، إلا إذا أمره الله تعالى، أو وضع فيه الشفاء، لذلك لما قذف نبي الله إبراهيم في النار، جاءه جبريل عليه السلام وعرض عليه مساعدته فقال: "يا إبراهيم هل لك من حاجة؟" فقال إبراهيم: "أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم"، ثم قال: "علمه بحالي حسبي من سؤالي"، وعندئذ قال الله تعالى: "قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم" . (الآية 69 من سورة الأنبياء) .
واعلم قبل كل شيء أن القرآن الكريم والسنة علاج لجميع الأمراض: القلبية والروحية والعضوية، فالله تعالى يقول: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" . (الآية 82 من سورة الإسراء) .
وكان عليه الصلاة والسلام يرقي المريض بالفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي وآيات الشفاء عموماً، وبآخر سورة البقرة .
وكان يرقي بأدعية مثل: "اللهم رب الناس مالك الناس، إله الناس، اذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً ولا ألماً" .
وقد قال العلماء: إن أفضل الطرق أن يرقي الإنسان نفسه بنفسه، وإلا فبالاستعانة بشخص آخر صالح، والسر في أن يكون هو الراقي، كما يقول العلم الحديث أن الدماغ يتأثر إيجابياً أو سلبياً لدى تعريضه لترددات صوتية محددة، فعندما قام بتعريض الأذن إلى ترددات صوتية متنوعة، وجد أن خلايا الدماغ تتجاوب مع هذه الترددات .
وقد قال العلماء: إن المعالجين قاموا باستخدام الذبذبات الصوتية لعلاج أمراض السرطان والأمراض المزمنة التي عجز عنها الطب، ووجدوا هذه الطريقة علاجاً لكثير من الأمراض النفسية والعادات السيئة مثل الإدمان .
لذلك قالوا إن الراقي ينبغي أن يقرأ آيات الرقية الشرعية والأذكار النبوية بصوت مرتفع قليلاً، لما لها من تأثير في نفسية المريض .
ومما ينبغي أن يتنبّه إليه المسلم أن قراءة آيات الرقية والأذكار لا تعطي ثمارها إلا إذا توافرت شروطها مثل:
1- أن يكون الراقي والمريض يعتقدان أن الله تعالى هو الشافي وهو المعافي .
2- أن يكونا من المحافظين على الصلاة، ومن المداومين على ذكر الله تعالى، لأن الشيطان يدخل على قلب ابن آدم عن طريق الغفلة .
3- أن يدعو ويلح في الدعاء ويتيقن بالإجابة، لقوله عليه الصلاة والسلام: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" (رواه الترمذي) .
4- أن يطيّبا المأكل والمشرب، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً .
5- أن يكرر الدعاء ولا يستعجل في الإجابة، فالرسول "صلى الله عليه وسلم" يقول: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي" . (رواه البخاري) .
6- أن يلزم الاستغفار، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل همّ فرجاً، ورزقه الله من حيث لا يحتسب" (رواه أبو داوود) .
7- أن يكثر من الأعمال الصالحة، فالرسول "صلى الله عليه وسلم" يقول في حديث قدسي: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" .
8- أن يصبر على البلاء بإرادة قوية، ويترك المعاصي، فإن منع إجابة الدعاء، يتولد من المعصية والغفلة، كما يقول ابن القيم في كتاب "الفوائد" .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"