عادي

نحن نتجمل بالثياب

23:30 مساء
قراءة دقيقة واحدة

رغيد جطل

- كان أبو الحسن علي بن عيسى الوزير، يحب أن يبين فضله على كل أحد، فدخل عليه القاضي أبو عمرو في أيام وزارته، وعلى القاضي قميص جديد فاخر غالي الثمن، فأراد الوزير أن يخجله؛ فقال: يا أبا عمرو، بكم اشتريت شقة هذا القميص؟ قال: بمئة دينار. فقال أبو الحسن: أنا اشتريت شقة قميصي هذا بعشرين ديناراً.

قال أبو عمرو: إن الوزير، أعزه الله تعالى، يجمل الثياب فلا يحتاج إلى المبالغة فيها، ونحن نتجمل بالثياب فنحتاج إلى المبالغة فيها؛ لأننا نلابس العوام، والوزير يخدمه الخواص، ويعلمون أن تركه ذلك لمثلي إنما هو عن قدرة.

كان سقراط الحكيم قليل الأكل خشن اللباس، فكتب إليه أحد الفلاسفة: «أنت تحسب أن الرحمة لكل ذي روح واجبة، وأنت ذو روح فلا ترحمها بترك قلة الأكل وخشن اللباس»، فكتب سقراط في جوابه رداً عليه: «عاتبتني على لبس الخشن، وقد يعشق الإنسان القبيحة ويترك الحسناء، وعاتبتني على قلة الأكل، وإنما أريد أن آكل لأعيش، وأنت تريد أن تعيش لتأكل، والسلام»، فكتب إليه ذلك الفيلسوف: «قد عرفت السبب في قلة الأكل، فما السبب في قلة الكلام؟ وإذا كنت تبخل على نفسك بالمأكل، فلِمَ تبخل على الناس بالكلام؟»، فكتب في جوابه: «ما احتجت أنا إلى مفارقته وتركه فليس لك أن تسأل عنه، كما أن الشغل بما ليس لك عبث، وأنت مخلوق تمتلك أذنين ولساناً؛ لتسمع ضعف ما تقول، ولا لتقول أكثر مما تسمع، والسلام».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxfz59a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"