عادي

«النستعليق» في حضرة جلال فاتحة الكتاب

23:31 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

حرص الخطاطون المسلمون على تقديم لوحات غاية في الجمال لفاتحة القرآن الكريم بخاصة، وهناك مئات، بل آلاف التجارب الخطية وفي أنواع الخطوط كافة، من النسخ والثلث والكوفي والديواني والرقعة، وأيضاً خط النستعليق.

وبين أيدينا تحفة خطية قديمة للبسملة بخط النستعليق، تعود لواحد من كبار الخطاطين، وهو مير عماد الحسني القزويني، عاش بين عامي 961 و1615م، ويعود لهذا الخطاط الفضل في تجديد هذا الخط وتطويره، من دون الإخلال بقواعد كتابة الحرف.

في هذه اللوحة، التزم الخطاط عماد الحسني أولاً وقبل كل شيء، بضوابط خط أو رسم الحرف، هذه الحروف التي تتراوح زوايا كتابتها بين 50 و65 درجة، وقد أنجز اللوحة في إطار زخرفي ملون زاد من جمال الخط بهاء وإشراقاً.

في «البسملة» التي أمامنا، يبدأ حرف الألف بنصف القلم مائلاً على زاوية 65 ويحرص الخطاط على أن يكون طول الألف بمقدار ثلاث نقاط، أما حرف الباء فيبدأ خطه بزاوية 65 درجة وينتهي عند 50 درجة.. وهكذا بالنسبة لحرف الحاء الذي يبدأ بزاوية 65 درجة نزولاً إلى درجة 50 في نهاية هذا الحرف.

وتستمر قواعد النستعليق في هذه اللوحة البديعة وفق ضوابطه المعروفة، وفي هذا الخط على وجه الخصوص تظهر براعة الخطاطين في تلك المقاييس الدقيقة لزوايا وانحناءات وتقوسات الحروف، كل على حدة، كما هو في هذه اللوحة، ولنأخذ كذلك حرف الحاء الذي بدأ الحسني رسمه بنصف القلم الرفيع وتكون نهايته بالخط السميك. أما بالنسبة للراء، فحرص الخطاط أن يضع القلم على زاوية 45 درجة نزولا بنفس الاتجاه، ثم يبدأ بميل الحرف وتغيير الاتجاه نزولاً بذات الزاوية، ثم يدخل الحرف مرحلة أخرى من تغيير الاتجاه نزولاً إلى نهايته بطول نقطتين.

حرف السين في اللوحة، وفي البسملة على وجه الخصوص ذات صلة بنصف القلم، وهو حرف يبدأ بسماكة رفيعة، نزولاً بمقدار نقطة، ثم ميل إلى ما يطلق عليه الخطاطون (كأس السين) التي تبدأ بدورها (أي الكأس) بزاوية أقل من 65 ثم ينحني الحرف، أو يتقوس نزولاً، ثم بارتفاع بسيط جداً ثم يشبك مع الحرف الذي يليه. ونتابع هذه الضوابط، مع اتصال حرفي الميم والنون في البسملة، وهنا يحرص الخطاط في النستعليق على اتباع ذات القواعد في صلتها بضبط الحروف منفردة قبل اتصالها مع بعضها بعضاً.

واتصال الميم والنون، عند عماد الحسني بدأ مع الميم، التي قام برسمها بمقدار بسيط، ثم بدأ الحرف يخرج تدريجياً من طرف الميم بمقدار نقطة، والميم تكون مرتفعة عن السطر بمقدار نقطة كذلك.

وحرف الميم يحتاج إلى ثلاث حركات، الأولى بنصف القلم وصولاً إلى الثالثة وترسم بنصف القلم أيضاً، ثم يبدأ الخطاط بالخروج من النتوء في حلقة حرف الميم بأقل من نقطة، ويكون الاتصال بين الميم والنون بنصف القلم، ثم يبدأ الخطاط بالتدرج مع الحرف نزولاً بمقدار نصف نقطة بسماكة الخط الرفيع، وهذا يطلق عليه الخطاطون (الانتقال من القوة إلى الضعف) ثم يشرع الخطاط برسم كأس النون بعناية فائقة، وصولا إلى تثبيت نقطة النون في منتصفها، وفي كأس النون يراعي الخطاط الزوايا المتبعة ما بين 50 و65، وهكذا بالنسبة لبقية الحروف في الآية الكريمة.

انسيابية

يعتبر النستعليق من الخطوط الجميلة جداً، وهو يمتاز، كما هو معروف وموثق، بكثرة رسومه، وبخفة ولطافة وليونة استداراته، كما يمتاز بانسيابيته الهائلة، وبضآلة خطوطه القائمة وامتلاء مدّاته، ويضطر الخطاط أحياناً في كتابته إلى تبديل وضع القلم، بحيث يختلف عرضه من جزء إلى آخر في الحرف الواحد، وجمال هذا الخط يتوقف على المهارة الذاتية للخطاط، وقدرته على تقديم لمسات جمالية تضيف إلى جمال وروعة هذا الخط، الذي تكتب بعض حروفه بثلث القلم، وقد شاع استخدام هذا الخط في إيران وتركيا، وغيرهما من حواضر الدول الإسلامية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/58sa5bk2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"