مهاجرون بلا أنصار

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

حتى من غير حروب، تمثل مسألة الهجرة غير الشرعية هاجساً أمنياً وإنسانياً منذ سنوات طويلة. ودواعي قصد أوروبا أو بلدان الحلم كثيرة، وتَحْمِلُ الباحثين عن حياة أخرى كل يوم على المجازفة بأرواحهم عبر قوارب الموت عادة، وفي أحيان بالاختباء في شاحنات تعبر حدوداً، بل وصل الأمر إلى اختباء البعض في عجلات الطائرات.

لا مبرر منطقياً لدى بعض من يجازفون في هذه الرحلات المحفوفة بالموت والمهانة، وتحويل البشر إلى سلع أو محظورات، تكون أول ما يلقون به في الماء، إذا حال بينهم وبين وصول وجهتهم حائل. ورغم ذلك، لا يمكن نكران أثر الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة في بلدان فقيرة، يرى بعض أبنائها أن لا مهرب إلا بالفرار منها، ولو إلى الموت.

والموت المحتمل في رحلة الهجرة غير الشرعية قد يكون أهون من المحتوم في حدود دولة مبتلاة بالحرب، سواء خارج حدودها، أو داخلها، كما نرى.

هؤلاء تحديداً، أي الهاربون من الحروب، تزداد معاناتهم الآن، فخروجهم من دائرة الصراع، وانضمامهم مجبرين إلى غيرهم من الراغبين في الهجرة، أمامهم عقبات تتزايد في صور تشريعات، تسعى البلدان المستقبِلة للمهاجرين إلى إقرارها، فردياً وجماعياً.

 منذ مطلع العام، تنشغل دول الاتحاد الأوروبي ببحث سبل التضييق على المهاجرين، والتنسيق في شأن إعادة المهاجرين الذين لا يحق لهم طلب اللجوء في أوروبا إلى بلدانهم الأصلية.

ووفق بيانات الأمم المتحدة، سجلت أعداد المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط في 2022 إلى سواحل الاتحاد الأوروبي زيادة قياسية، إذ بلغت نحو 160 ألفاً، إلى جانب قرابة ثمانية ملايين لاجئ أوكراني في أوروبا.

وتخطط الحكومة البريطانية لمواجهة الحد من الهجرة غير الشرعية، بمشروع قرار، لم تنكر على لسان سويلا بريفرمان وزيرة الداخلية، تخطيه «حدود القانون الدولي»، بنصّه إلقاء القبض على كل من يعبر القنال الإنجليزي، فيما عدا القاصرين والمصابين بأمراض خطيرة، وحظر تقدم المهاجرين غير الشرعيين بطلب اللجوء إلى بريطانيا، وترحيلهم.

وكان ما رافق قانون التقاعد من صدامات في فرنسا وراء تأجيل طرح الحكومة مشروع قانون حول الهجرة، يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إقراره، لكنها أعلنت حشد 150 عنصراً أمنياً إضافياً على الحدود مع إيطاليا، لمواجهة الضغوط المتزايدة للهجرة غير الشرعية.

وقبل أيام، أقر برلمان ليتوانيا تشريعاً يسمح بإعادة طالبي اللجوء، واعتبر ذلك إجراء إضافياً لمكافحة تدفق المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد عبر الحدود مع بيلاروسيا.

كل ذلك وغيره من جهود، نراه قائماً في مواجهة المدفوعين إلى الهجرة الشرعية، ولا توازيه جدية في محو الأسباب الحقيقية للظاهرة، بعيداً عن طيش الشباب وأحلام الثراء في عالم آخر.

أوَليست الحروب التي تتسع رقعتها مأسأة، هي التي تدفع إلى الفرار مَنْ لا يسعفهم النزوح، ولا يمكنهم الالتجاء إلى قريب في دولة مجاورة، أو دفع كلفة النجاة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvvbakpc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"