عادي

حكم الغيرة في الإسلام

22:22 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
لم يرد ذكر الغيرة في القرآن الكريم، لكن وردت الحميّة، والحميّة هي غيرة يبغضها الله، لأنها غضب من أجل باطل، لذلك وصفت بأنها حميّة الجاهلية.

يقول ابن حزم: الغيرة خلق فاضل متركب من النجدة والعدل، لأن من عدل كره أن يتعدى إلى حرمة غيره، وأن يُتعدى إلى حرمته، ومن كانت النجدة طبعاً له حدثت فيه عزة، ومن العزة تحدث الأنفة من الاهتضام، انظر: كتاب «مداواة النفوس»، ص55.

ويقول ابن القيم: غيرة العبد على محبوبه نوعان: غيرة ممدوحة يحبها الله، وغيرة مذمومة يكرهها الله، فالتي يحبها الله أن يغار عند قيام الريبة والتي يكرهها الله يغار من غير ريبة، بل من مجرد سوء الظن، انظر: «روضة المحبين» ص 296.

ولو نظرنا إلى تأثير الغيرة في حياتنا، لوجدنا أن المعتدلة منها محمودة، وإذا بلغت حدّ الإفراط أفسدت حياتنا، فالغيرة على العرض وعلى محارم الله واجبة ومحمودة.

والإسلام كره الديّوث، لماذا؟ لأنه يقرّ المنكر والفاحشة في أهله، ولا يتغير وجهه لله، فالغيرة من الإيمان، وعدم وجود الغيرة دليل على موت القلب عند الإنسان.

وما أكثر الغيرة عند النساء، وغيرة النساء معظمها يخرج عن حد الاعتدال إلى سوء الظن، وضيق الصدر، وشن العدوان على الطرف الآخر، وحب الانتقام.

يقول ابن عثيمين: نصيحتي للنساء ألا يغرن الغيرة العظيمة إذا تزوج عليهن، بل يصبرن ويحتسبن الأجر من الله، ولو تكلفن، وهذه الكلفة تكون في أول الزواج ثم بعد ذلك تكون المسألة طبيعية، انظر: «فتاوى ابن عثيمين نور على الدرب» 19/2.

نعم، ولو رجعنا إلى عصر النبوة لوجدنا أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أقرّ بأن تعدد الزوجات يسبب أحياناً ضرراً كبيراً لبعض النساء بسبب غيرتهن الزائدة.

وعن أم سلمة، رضي الله عنها، قالت: أرسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتاً وأنا غيور، فقال: أما ابنتها فتدعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة، رواه مسلم.

وورد أيضاً أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله وقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول الله صلى الله وصعد المنبر، وقال: إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، وإني لست أحرّم حلالاً أو أحلّ حراماً، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبداً، فترك علي الخطبة، رواه البخاري ومسلم.

يقول ابن حجر: يؤخذ من فقه البخاري في ترجمة الباب: تقرير حق المرأة المسلمة وأهلها في الاعتراض على التعدد وطلب الطلاق، إذا كانت المرأة شديدة الغيرة.

وكذلك تزويج ما زاد على الواحدة خلال حتى الرابعة، لكن بشرط ألا يترتب عليه ضرر.

وإذا كانت المرأة كثيرة الغيرة من حق وليّها أن يقف بجانبها ويسعى في ما فيه الصلاح لا الضرر، انظر: «فتح الباري» ج11-ص242-243.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wry8b5z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"