في حب الإمارات.. الأيام القادمة أجمل

02:44 صباحا
قراءة 4 دقائق

هناك مواقف إنسانية متميزة هي وراء الأعمال العظيمة التي تأتي من أناس عظماء لتخدم وتساعد الملايين من الناس المحتاجين لها، والتي تلبي حاجاتهم الضرورية من الغذاء والملبس والمسكن، وتوفي متطلباتهم الضرورية الأخرى في ظل العوز والفقر الذي يعيشه الإنسان هنا أو هناك.

وقد جاءت مكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لأشقائه في مصر واليمن وسوريا المتمثلة بتقديم العون الغذائي السريع لحل الأزمة الناشئة عن الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية، وأثر ذلك على معظم البلدان العربية والإسلامية كلفتة كريمة وعطاء عظيم من ينابيع الخير والكرم لهذا القائد الإنسان تجاه أشقائه ومحبيه في اليمن ومصر وسوريا وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.

كما جاءت منحة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ل 46 ألف طالب يمني ببناء مدارس لتؤكد احتضان قادة دولة الإمارات لأعمال الخير والأعمال الانسانية الكبيرة.

وهذا العطاء المتواصل له جذوره الإنسانية والتأريخية والثقافية؛ فالشيخ خليفة بهذه المواقف والأعمال وبهذه الخطى الداخلية والخارجية هو امتداد وتواصل متجدد لذلك النهج وتلك الفلسفة التي أرساها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ذلك القائد العربي الجليل، وهو من كان يحب غيره ويؤثرهم على نفسه، فما ذلك ببعيد عن أخلاق الشيخ رحمه الله ولا أبنائه ورجال دولته الذين يسيرون في حبهم وعطائهم على نهج الصالحين، الذين قال الله فيهم في كتابه الكريم: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (سورة الحشر الآية 9).

فالمسلم رحيم والرحمة خلق من أخلاقه يبذلها ويوصي بها ويدعو إليها مصداقاً لقوله تعالى "ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة * أولئك أصحاب الميمنة" (سورة البلد الآيتان 17 و18).

وعملاً بقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، وفي تواصل مواقف المحبة القائمة على محطات راسخة من العلاقات الأخوية الشعبية والرسمية كتبت مرة في "الاتحاد" الغراء بتأريخ 11 مارس/ آذار 1999 تحت عنوان "الإمارات واحة أمان رسمتها ريشة قائد شاعر"، وضمنت المقال في كتابي المعنون "متى يبدأ التعافي العربي؟"، حيث سجلت ذلك الإعجاب والاندهاش والتأييد والمحبة التي تملؤني لهذا البلد، ولهذه التجربة القائمة على النظام الاتحادي، ولتلك القيادة الحكيمة برئاسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وطيب ثراه.

وفي كتابي الجديد "الغربة ليست وطناً" ذكرنا وسجلنا الوفاء والتقدير لمن أكرمونا عندما كنا خارج ديارنا، وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان والملك فهد بن عبدالعزيز، كما وثقت في هذا الكتاب مقالتي في صحيفة "الخليج" المؤرخة في الأول من مايو/ أيار 2006 بعنوان "الحرية وأوجاع الوطن الكبير"، والتي أوردت فيها مشاهداتي لما يجري في دولة الإمارات العربية المتحدة من تجديد للرؤية وتجديد للحلم والأمل والثقافة، بل في تجديد الحرية التي هي أساس نهضة هذا البلد.

إن تلاصق وتزامن هذا الاحترام قد جاء منذ وقت مبكر وعبر محطات تأريخية هامة بدأت في منتصف السبعينات عندما قام الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، بزيارته التأريخية إلى صنعاء وعدن، مفتتحاً سد مأرب وحي الشهيد عبدالولي في عدن وغيرها من المنشآت الإماراتية التي قدمتها دولة الإمارات كمساعدة سخية لأشقائهم في اليمن، وعندها تعرفنا إلى الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، وتعمقت هذه الصلات عندما كنت وزيراً للخارجية، وبعدها عضواً لمجلس الرئاسة في دولة الوحدة، وتواصلت علاقات المحبة والتقدير والاحترام مع أبنائه الشيوخ والمسؤولين ومع هذا البلد الذي عشت فيه سنوات طويلة، ولا زلت أتمتع فيه بإقامة نظامية باعتباره بلدي الثاني، كما هو وطن كل عربي.

إنني إحدى الشخصيات التي شهدت نصف قرن من الأحداث والتطورات العربية كمساهم ومشاهد لأربعة عقود من العلاقات الدافئة بين البلدين القائمة على التضامن الأخوي والتكافؤ المتبادل في المصالح والمواقف المشتركة، وخاصة تجاه حق الإمارات العربية في جزرها الثلاث ودعم دورها البناء الحكيم في السياسة العربية والإقليمية والدولية، والذي هو واجبنا الوطني والقومي تجاه هذا الشعب الشقيق وهذه القيادة الحكيمة.

يقول الشاعر التركي ناظم حكمت: "إن أجمل الأيام يوم لم نعشه بعد"، وفي ظل ما تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة من تطورات ايجابية وخاصة في مجال التنمية المتوازنة الهائلة فإن الأيام القادمة ستكون أجمل من الأيام الماضية بين الأشقاء حباً ودفئاً وتضامناً.

وذلك يذكرني أيضاً ببعض ما جاء في القصيدة التي نظمها صديقي الشاعر فضل النقيب مخاطباً الرئيس علي عبدالله صالح في حضور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه في أبوظبي في عام 1998 عندما قال:

إنا هنا سيدي في دار إخوتنا

أعزة في حمى حر ومؤتمن

في دار زايد حيث العدل قاعدة

والجود صارية والحب كالمزن

حيث الغيوث من الأخلاق ممطرة

قبل الغيوث على الكثبان والدمن

الأرض خضراء لكن قبل خضرتها

كان اخضرار بقلب الشيخ يأسرني

* مستشار رئيس الجمهورية اليمنية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"