عادي

كيف تحافظ على مكاسب حجك.. بعد العودة؟

21:59 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

يبدأ ضيوف الرحمن خلال الساعات القادمة، رحلة العودة إلى أوطانهم سالمين غانمين، بعد أداء أشق وأجمل عبادة على نفوسهم، وهي «فريضة الحج». عادوا إلى حياتهم الطبيعية، وما فيها من سلوكيات مقبولة ومرفوضة. وتبقى تساؤلات مهمة ينبغي أن يسألها كل حاج لنفسه منها: كيف أحافظ على مكاسب هذه الرحلة الشاقة بدنياً والمكلفة مادياً وسط حياة مليئة بالتجاوزات والسلوكيات المقبولة والمرفوضة؟ وما الذي ينبغي أن أحرص عليه من آداب وأخلاق في تعاملاتي اليومية مع الآخرين؟ وماذا يعني العودة إلى حياة المعاصي والذنوب والانفعالات التي كنت عليها قبل الحج؟

الصورة

يدعو عالم السنة النبوية الأزهري د. أحمد معبد عضو هيئة كبار العلماء، ضيوف الرحمن العائدين من رحلة الحج، إلى الحرص على مكارم الأخلاق التي تعودوا عليها طوال الرحلة المباركة؛ ولذلك فالحاج مطالب شرعاً وعقلاً بأن يحافظ على مكاسبها، وكل إنسان عاقل لا يُهدر ما بُذل من أجله الجهد والعرق والمال بسهولة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بثمار عبادة مثل الحج.

ويوضح د. معبد أن للحج آثاره في سعة الرزق؛ حيث ينفي الفقر كما بشّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فسوف يُنعم الله على كل من أنفق بإخلاص على هذه العبادة، وسوف يفتح الله عليه أبواب الرزق لو تعامل بالحلال، وتجنب كل ما فيه شبهة حرام.

ويضيف: «من هنا ندرك ما للحج من أثر ديني ودنيوي، وما له من أثر في مغفرة الذنوب»، ويقول: «يجب على كل من أنعم الله عليه بأداء هذه الفريضة، أن يُطهر نفسه من كل ما هو حرام، أو يحمل شبهة حرام، وأن يتحرى الحلال في كل معاملاته وسلوكياته، وعليه أن يحافظ على توبته النصوح، وأن يتجنب المظالم، وأن يعزم على عدم العودة إلى المعاصي والذنوب التي ألفها».

بدء حياة جديدة

د. حسن الصغير الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، يؤكد أن الحج مكسب كبير وحصاد عظيم ينبغي أن يُحافظ عليه الحاج بعد عودته. ومن علامات الحج المبرور، كما أكد العلماء، أن تغيير نمط حياة الحاج بعد العودة واتجاهه إلى الأفضل والأرقى من السلوك، والتوقف عن ما ألفه من تجاوزات سلوكية، وحرصه على الحلال، وبُعده عن كل ما هو حرام وكل ما فيه شبهة حرام، دليل وبرهان على أن حجه كان مبروراً، فالحج المبرور هو الذي يعود منه الحاج أفضل مما كان عليه قبل سفره.

ولذلك ينبه الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، كل حاج إلى ضرورة الحفاظ على ثمرات رحلته الطيبة، ويقول: «المسلم الحق لا يتحمل الأعباء البدنية والمادية لهذه الرحلة لكي يحصل على لقب «حاج»، بل يتحمل كل ذلك من أجل الثمرات الحقيقية للحج، وهي كثيرة ومتنوعة، وعليه أن يحافظ عليها، ويجعل هذه الرحلة نقطة تحول حقيقية في حياته، فلا يعود بعدها إلى ما ألفه من سلوك مخالف لتعاليم الإسلام، ولا يعود إلى ما تعوّد عليه من ظلم للناس، وإهدار لحقوقهم، وانتهاك لحرماتهم، وما كان عليه قبل الحج من غيبة ونميمة وغير ذلك من سلوكيات مرفوضة شرعاً، إذ سيكون قد فرّط في أهم مكاسب رحلته الشاقة التي تكبّد فيها الصعاب، وأنفق عليها الكثير من المال، خاصة في هذا الوقت الذي أصبح الحج فيه مكلفاً ومرهقاً بدنياً ومادياً.

ويوضح عالم الشريعة الإسلامية، أن الحج عبادة تستهدف تغيير حياة الإنسان إلى الأفضل، فهو ليس مجرد طقوس شكليّة خالية من الروح، فالطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، كلها مناسك تهدف إلى معانٍ ينبغي أن يُدركها الحاج.

تحقيق الأهداف

د. فتحية الحنفي أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- فرع البنات، تقول: «لا ينبغي أن يرتكن المسلم إلى الحج، ويعتقد أنه قد تخلّص من ذنوبه وآثامه، فعبادات الإسلام تتنوع وتتكامل، وتحقق أهدافاً مترابطة تصبّ في النهاية في مصلحة الإنسان وانضباط سلوكه؛ ليُرضي خالقه، ويحقق أهدافه وطموحاته في الحياة».

وتؤكد أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر، أن مكاسب الحج كثيرة ومتنوعة، وواجب الحاج أن يعض عليها بالنواجذ، ولا يُفرط في شيء منها، وتقول: «مكاسب هذه الرحلة كثيرة وكلها مهمة لكل مسلم يتطلع إلى التخلص من ذنوبه وآثامه، لكن هناك فائدة عملية ينبغي أن تؤثر في حياة الحاج بعد العودة، وهي «فضيلة الصبر» فقد تدرّب الحاج عملياً على الصبر وتحمّل المشاق، فالحج يحتاج إلى صبر؛ صبر على فراق الأسرة والأحبة، صبر على متاعب السفر ومشاقه، صبر على الانتقال من بيت مجهّز معد لمواجهة الحرارة والبرودة إلى خيمة في العراء وحرارة محرقة في أغلب الأوقات، صبر على طعام محدود ومتواضع، صبر على المبيت في مخيم به أجناس شتى وعادات متباينة».

ولذلك توصي د. فتحية الحنفي كل حاج أو حاجة بالتمسك ب«روحانية الحج»، وما تعلّمه من آداب وسلوكيات راقية طوال هذه الرحلة.. وتقول: «على الحاج أن يحتفظ بالمعاني الجميلة للحج، وعدم الانصهار من جديد في عالم المعصية، وألا يستجيب لشياطين الجن والإنس التي تحيط به، وأن يظل قلبه متعلقاً بخالقه، وأن يتذكر أنه تخلص من ذنوبه وآثامه، ولا ينبغي أن يجلب لنفسه ذنوباً وآثاماً أخرى؛ لأنه لا يدري هل يستطيع أن يقوم بهذه الرحلة مرة أخرى أم لا».

وتضيف: «ننصح حجاج بيت الله الحرام أن يتمسكوا بما حصلوا عليه من مكاسب عظيمة، وألا يعودوا إلى حياة المعاصي والأثام مرة أخرى، وعلى الجميع أن يدرك أن الحج لا يفيد مدمني المعاصي الذين يعيشون حياة عبثية أو يرتكبون محرمات ويذهبون إلى الحج كل عدة أعوام ليغسلوا ذنوبهم، فلو استطاع هؤلاء خداع الناس، فلن يستطيعوا خداع خالقهم الذي يعلم ما تخفيه القلوب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5atmx8db

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"