هل يعود ترامب؟

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

أحمد مصطفى

أظهر أول استطلاع للرأي بين أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي، أن دونالد ترامب يحظى بنسبة تأييد بين أعضاء الحزب تفوق ما يحظى به نصف دستة من المرشحين لمنافسته في الانتخابات التمهيدية، لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية العام القادم. وقبل المناظرة الأولى لمرشحي الحزب للاختيار نهاية أغسطس، حصل ترامب على نسبة 56 في المئة من أصوات المشاركين في استطلاع الرأي الذي أجرته شركة مورننج كونسلت.

رغم الاتهامات والقضايا المتتالية، وحتى احتمالات إدانة ترامب ومحاكمته، فمن الواضح منذ قرر ترامب الترشح للرئاسة، أنه سيفوز بالانتخابات التمهيدية. وحتى الآن لم تفلح محاولات البعض في الحزب الجمهوري، تقديم مرشح منافس له مثل رون دوسانتوس الذي لا يحظى بتأييد دوائر المال والأعمال القريبة من الحزب الجمهوري.

صحيح أن الاحتمالات تبقى مفتوحة حتى نتائج الانتخابات التمهيدية في الحزب، لكن الأرجح أن ترامب سيفوز بشكل واضح، وسيكون المرشح الجمهوري المنافس لمرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات العام القادم. ذلك أنه في النهاية يدرك أغلب قادة الحزب الجمهوري، أن مرشحهم الوحيد القادر على هزيمة منافسه الديمقراطي، خاصة أنه في الأغلب سيكون الرئيس الحالي جو بايدن، هو دونالد ترامب حتى، وإن كانوا يعترضون على طريقته وأسلوبه. فالسياسة بها قدر معقول من الانتهازية يستبعد الأهواء الشخصية، لصالح الوصول إلى السلطة.

أما القواعد الانتخابية للحزب الجمهوري، فإنها ربما تتحمس لترامب أكثر كلما زادت الاتهامات له من السلطات، وعدد القضايا المرفوعة ضده. فذلك يعزز لدى هؤلاء موقفهم المناوئ للسلطة، أي سلطة، بل وربما يعتبرون ترامب «بطلاً» تستهدفه السلطات، لأنه «ضد المؤسسة».

وبما أن مرشح الحزب الديمقراطي الحاكم سيكون جو بايدن، فإن الطريق إلى عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض لن يكون صعباً. فبغض النظر عمّا نقرأ ونسمع من تعليقات وآراء النخبة في الولايات المتحدة وتحليلات وسائل الإعلام، فإن فترة حكم بادين حتى الآن لم تقنع الكثير من الأمريكيين بأنه الشخص المناسب لقيادة البلاد. 

وحتى داخل حزبه الديمقراطي، تنقسم الآراء حول بايدن. فالجناح اليساري في الحزب يرى أنه لم يحقق ما يكفي من أجندة اليسار الليبرالي. أما الجناح التقليدي في الحزب والذي يقترب من التيار المحافظ المعتدل، فيرى أن بايدن اتجه يساراً أكثر لممالأة من تحمسوا له زعيماً للحزب.

أما بالنسبة للناخب الأمريكي عموماً، فأغلب البرامج التي طرحتها إدارة بايدن – باستثناء الدعم النقدي المباشر للمواطنين في أزمة وباء كورونا – لم يصل تأثيرها إليهم مباشرة. خاصة أن أغلب هؤلاء لا يهمه كثيراً تخصيص المليارات لمشروعات التحول البيئي، أو الخطط بعيدة المدى لنقل الصناعات من الصين إلى الولايات المتحدة، أكثر مما يعنيهم أن تتوافر السلع والخدمات بأسعار رخيصة، سواء كانت أمريكية الصنع أو مستوردة من الصين أو غيرها.

ومع أن الناخب الأمريكي آخر همه السياسة الخارجية لبلاده، إلا أن السياسة الخارجية للرئيس بايدن، لم توفر له شعبية في الداخل أيضاً. على سبيل المثال لا يهتم الأمريكيون بالأهداف الاستراتيجية لدعم أوكرانيا، قدر ما يعترضون على تقديم كل هذه الأموال «لبلد بعيد بينما بلدنا يحتاج إليها».

لذا، نشهد حالياً شبه تغير في السياسة الخارجية لإدارة بايدن، التي تحاول استمالة بكين، رغم استمرارها في محاصرتها اقتصادياً. كما تسعى إلى إصلاح العلاقات مع دول الخليج، وأيضاً مع إسرائيل، رغم انتقاداتها لحكومة بنيامين نتنياهو.

كل ذلك لأغراض انتخابية داخلية أكثر منه كتغيير حقيقي في توجهات الإدارة الأمريكية الحالية. إنما مدى نجاح بايدن في ذلك واحتمال تأثيره في حظوظه الانتخابية العام القادم، فيظل محل شك كبير، خاصة أن الأمريكيين جربوا بالفعل فترة أربع سنوات من حكم ترامب، لم تختلف فيها السياسة الأمريكية كثيراً.

حتى الآن، تبدو عودة ترامب للحكم في الولايات المتحدة احتمالاً قوياً، خاصة إذا اُختير مرشحاً للحزب الجمهوري. فهو منافس قوي ذو حظوظ أفضل كثيراً لهزيمة بايدن، وإعادة الجمهوريين إلى السلطة، بدءاً من مطلع 2025. 

طبعاً كل تلك الاحتمالات قائمة، ما لم تحدث مفاجآت تغير من الوضع الراهن بشكل جذري، وتؤدي إلى تحول كبير في توجهات الناخبين الأمريكيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2w9hdysv

عن الكاتب

يشتغل في الإعلام منذ ثلاثة عقود، وعمل في الصحافة المطبوعة والإذاعة والتلفزيون والصحافة الرقمية في عدد من المؤسسات الإعلامية منها البي بي سي وتلفزيون دبي وسكاي نيوز وصحيفة الخيلج. وساهم بانتظام بمقالات وتحليلات للعديد من المنشورات باللغتين العربية والإنجليزية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"