عادي

«الحنطور».. بهجة المسافر في ليالي القاهرة

23:11 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تسابق حناطير النيل، عقارب الساعة طوال ليالي الصيف في مصر، وتجذب بجيادها عيون المارة في ميادين القاهرة القريبة من النيل، وهي تحمل ركابها من السائحين، بعدما تحولت منذ عقود بعيدة إلى واحدة من أهم وسائل الترفيه في مصر، خصوصاً في موسم الصيف، إذ تعد بهجة المسافر في جولاته القاهرية.

كانت عربات الحنطور، وسيلة الانتقال الرئيسية في مصر حتى مطلع العشرينات من القرن الماضي، بعد دخول السيارات إلى البلاد، وإن ظلت الأخيرة، على مدار أكثر من ثلاثة عقود تالية، حكراً على العامة والأعيان، قبل أن تتبدل الأحوال، وتشرع الحكومات المصرية المتعاقبة في تخصيص باصات لنقل الركاب إلى الأحياء المختلفة، لتتحول معها عربات الحنطور إلى تراث، يستمتع باستخدامه السائحون من مختلف الجنسيات، على ما توفره من نزهات لطيفة منذ بدء ساعات العصر، وحتى ما بعد منتصف الليل، عندما تخلد العاصمة الأكثر ازدحاماً في منطقة الشرق الأوسط، إلى الراحة بعد عناء يوم طويل.

وتنتشر عربات الحنطور على امتداد شاطئ النيل، وفي مواجهة الفنادق الكبرى، بمواقف خاصة حددتها شرطة السياحة في مصر، تنتظر زبائنها طوال فترة الصيف في شوق بالغ، ويروي محمد علي البالغ من العمر 65 عاماً، والذي يعد واحداً من أشهر ملاك الحناطير في وسط القاهرة، كيف بدأ تلك المهنة منذ أن كان صبياً، يخرج مع أبيه لالتقاط السائحين في المنطقة القريبة من كوبري قصر النيل، قبل أن يرتبط بتلك المهنة ارتباطاً وثيقاً، دفعه إلى هجر دراسته والتفرغ لها بكامل وقته.

يمتلك محمد علي ثلاث عربات حنطور تجري في شوارع وسط القاهرة، وتعاني قلة الزبائن طوال فترات العام، باستثناء شهور الصيف، لكن محمد علي يقول إنه لم يفكر يوماً في هجر تلك المهنة، رغم ما تدره عليه من دخل بسيط، وكأن لسان حاله يقول: إنها مهنتنا التي توارثناها جيلاً تلو جيل، فكيف نهجرها اليوم؟

يلتزم ملاك الحناطير في مصر بقوانين النظافة التي وضعتها الحكومة ‏للمحافظة على البيئة من التلوث، إلى جانب الالتزام بالتراخيص اللازمة لتلك العربات، حيث تحظر السلطات المصرية، سير أي عربات حنطور غير مرخصة، وتخضع تلك العربات لعمليات حصر دقيق قبل فحصها ووضع اللوحات المعدنية الظاهرة عليها،‏ ‏والترخيص لقائدها بعد فحص بياناته وتسجيلها، والتأكد من حسن سيرته، تلافيا‏ً ‏للآثار المترتبة على تشغيل مجهولي الهوية على هذه الحناطير.

‏وتتطلب تلك المهنة العتيقة إلى جانب الجهد الكبير الذي يبذله سائق الحنطور، في تزيين عربته بوسائل الترفيه اللازمة لجذب زبائنه، ‏معرفة كاملة بأسماء الشوارع، ومن قبلها الأماكن المزدحمة التي يتعين عليه الابتعاد عنها، خصوصاً في تلك الرحلات الليلية التي يصطحب الحنطور فيها زبائنه، في نزهات بطول الشوارع الموازية لنهر النيل، من دون الدخول إلى وسط العاصمة المزدحم بالمارة والسيارات، ويقول محمد علي: السائحون القادمون من دول الخليج العربي، هم أكثر الفئات إقبالاً على استخدام الحنطور في نزهاتهم الليلية، بالقرب من نيل القاهرة، ودائماً ما يكونون عائلات كاملة، ويرغبون في الاستمتاع بوقتهم بركوب عربة الحنطور مع أطفالهم.

وبخلاف السائحين الذين يتوافدون على مصر في مواسم الصيف المختلفة، يحرص كثير من الشباب المصري، خاصة المتزوجين حديثاً، على اصطحاب زوجاتهم بجولة على ضفاف‏ ‏النيل، باستخدام الحنطور، بل إن بعضهم قد يلجأ إليه في ليلة الزفاف لاستخدامه في «الزفة»، تخليداً لذكرى ليلة العمر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24fyh3y6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"