عادي
غيابها ترك فراغاً كبيراً لدى جميع أفراد الأسرة الملكية

عام على رحيل ملكة بريطانيا.. هل انفرط عقد أحفاد إليزابيث؟

19:19 مساء
قراءة 9 دقائق

«الخليج» - متابعات

أحيا الملك تشارلز الثالث، الجمعة، الذكرى السنوية الأولى لرحيل والدته الملكة إليزابيت الثانية وإعلانه ملكاً، بصلاة في كنيسة صغيرة، فيما دوّت طلقات مدافع في جميع أنحاء المملكة المتحدة لهذه المناسبة.

في الثامن من أيلول/سبتمبر 2022، رحلت الملكة إليزابيث الثانية عن 96 عاماً بقصر بالمورال في اسكتلندا، حيث كانت تمضي موسم الصيف على جري العادة. وبدأت عندها مرحلة حداد وطني انتظر خلالها مئات آلاف البريطانيين لعشرات الساعات في طوابير لإلقاء نظرة الوداع على ملكتهم التي تولت العرش لأطول مدة في تاريخ الملكية البريطانية.

وطوت المملكة المتحدة والأمم الأربع عشرة التي يترأسها العاهل البريطاني، بذلك صفحة من تاريخها، واعتلى تشارلز الثالث العرش في سن متقدمة، إذ يبلغ الآن 74 عاماً. ولكن ماذا حدث للأسرة الملكية البريطانية بعد رحيل الجندية الملكة والقائد الأمين التي كانت محور لمِّ الشمل لهذه العائلة العريقة؟ فهل مازالت عائلة إليزابيث «أبناء وأحفاداً» مجتمعين وفي طريق واحد يواصلون مسيرة الملكة الأم والملكة الجدة، أم أن هناك العديد من المستجدات التي حدثت خلال العام الأول، وأدت إلى انفراط عقد هذه العائلة، بعد رحيل الملكة الصارمة صاحبة الشخصية الكاريزمية والثقة العالية بالنفس، والتي جلست على العرش أكثر من 70 عاماً.

حياة استثنائية

بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة الملكة إليزابيت الثانية، لن تقام مراسم عامة كبيرة. فقد توجه الملك وزوجته كاميلا المقيمان حالياً في بالمورال، مواصلين بذلك التقليد الذي أرسته إليزابيث الثانية، إلى كنيسة كريستي كيرك الصغيرة، حيث اعتادت الأسرة الملكية أن تصلّي منذ عهد الملكة فيكتوريا.

وشاركا في صلاة ثمّ تحدثا مع موظفي الدارة الملكية الذين اجتمعوا في محيط الكنيسة.

وقال لوكالة فرانس برس الطالب روس نيكول (22 عاماً) الذي كان في المكان نفسه العام الماضي عند مرور موكب الجنازة العام الماضي «إنه يوم حزين».

من جهتها، قالت السائحة نيكول هوب التي جاءت من ميونيخ «فعلت (الملكة) الكثير من الأشياء الجيدة وكانت تشغل مكانة مهمة في العالم».

أمّا ولي العهد الأمير وليام وزوجته كاثرين، فكتبا على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، الجمعة، «نتذكّر اليوم الحياة الاستثنائية والإرث الذي تركته صاحبة الجلالة الراحلة الملكة إليزابيث. كلّنا مشتاقون إليك».

ومن المقرّر أن يشاركا في مراسم دينية خاصة في ويلز بكاتدرائية سانت ديفيدس في المدينة التي تحمل الاسم نفسه، والتي زارتها الملكة الراحلة في 1955.

إقامة نصب دائم

في لندن، دوّت طلقات مدفع من متنزه هايد بارك وبرج لندن، وكذلك في بلفاست وإدنبره، فيما دقّت أجراس كاتدرائية ويستمنسر ظهراً. ووضع زوّار باقات زهور أمام بوابات قصر باكنغهام.

وكشفت الحكومة قبل أيام عن مشروع لإقامة «نصب دائم» سيدشن في 2026 في الذكرى المئوية لولادة إليزابيث الثانية.

وقال تشارلز الثالث في رسالة سجلت في الذكرى وتصدرت عناوين الصحف «نتذكر بكثير من الحب حياتها المديدة وخدماتها المتفانية وكل ما مثلته لكثر منا».

وأضاف «أنا ممتن للغاية أيضاً للحب والدعم اللذين عُبر عنهما لزوجتي ولي شخصياً خلال السنة المنصرمة، فيما كنا نبذل قصارى جهدنا لنكون في خدمتكم جميعا».

محطات تشارلز

توفيت إليزابيث الثانية، أطول ملوك بريطانيا بقاء في الحكم، عن 96 عاماً في 8 سبتمبر في قلعة بالمورال، مقرها الصيفي الذي كانت تعشقه. وبمجرد رحيلها خلفها تشارلز وصار ملكاً للمملكة المتحدة و14 دولة أخرى، من بينها كندا وأستراليا ونيوزيلندا.

فبعدما أمضى سنوات طويلة منتظراً اعتلاء العرش، شهدت السنة الماضية بالنسبة لتشارلز محطات عدة، منها تعيين أول رئيس للوزراء في عهده، وأول كلمة بمناسبة عيد الميلاد عبر فيها عن تعاطفه مع الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في خضم أزمة غلاء المعيشة، وقام بأول زيارة إلى الخارج في ألمانيا، على أن يزور فرنسا نهاية أيلول/سبتمبر. واستقبل قادة دول ولا سيما الأمريكي جو بايدن والأوكراني فولوديمير زيلينيسكي.

لا يتمتع الملك تشارلز الثالث بشعبية والدته الواسعة جداً، وقد واجه أيضاً تظاهرات مناهضة للنظام الملكي خلال زياراته داخل البلاد، ولاسيما خلال تنصيبه في السادس من أيار/مايو الماضي.

وأظهر استطلاع أخير للرأي أن 59% من البريطانيين يعتبرون أن الملك «يبلي بلاء حسناً» في مقابل 17% يرون عكس ذلك.

وفي تقرير عن الأعمال والأنشطة الداخلية والخارجية لتشارلز الثالث بعد وفاة إليزابيث الثانية، ذكرت صحيفة «التليجراف» أن الملك الجديد عمل 161 يوماً خلال عام، ما يزيد بمقدار 4 أيام على عدد أيام عمل أمه في عامها الأول. كما شارك في عشرات الفعاليات الرسمية التي جرت منذ شهر سبتمبر 2022.

وتلفت الصحيفة إلى أن الملك الجديد زار دول المملكة المتحدة الأربع خلال الشهر الأول من توليه العرش، الأمر الذي لم تفعله الملكة الأم في عام كامل. وعقد الملك 26 لقاءً مع رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا منذ توليه الحكم (5 لقاءات مع رئيسة الحكومة السابقة ليز تراس، و21 مع ريشي سوناك). لكن الملكة الراحلة تفوقت عليه بلقاء وينستون تشرشل 27 مرة خلال عامها الأول.

وبحسب أرقام التقرير، نفذ تشارلز الثالث 550 نشاطاً بين زيارة وفعالية ولقاء، خلال عامه الأول، وهو رقم يقترب من سجل جده جورج الخامس الذي بلغ 570 نشاطاً خلال مدة مماثلة، أما إليزابيث الثانية فقد أجرت 400 نشاط فقط، لم يتضمن أي منها زيارة خارجية، رغم أنها تولت الحكم بينما كانت في زيارة رسمية إلى غينيا.

وعلى الصعيد الخارجي، أجرى الملك تشارلز الثالث وزوجته «زيارة دولة» إلى ألمانيا، مارس الماضي. كما كان مقرراً أن يذهبا إلى فرنسا خلال الشهر ذاته، قبل أن تؤجل، بسبب تظاهرات شهدتها باريس احتجاجاً على نظام التقاعد، إلى الشهر الحالي لتمتد على 3 أيام متتالية بين 20 و22 سبتمبر.

وتوقعت صحيفة «ديلي ميل» أن يقوم الملك الجديد وزوجته بزيارة كينيا قبل شهر ديسمبر المقبل. وإذا ما تمت هذه الزيارة ستكون الأولى من نوعها للملك إلى دول رابطة «الكومنولث» منذ أن تولى العرش. مع الأخذ بالاعتبار أنه يترأس المنظمة المكونة من 15 دولة خلفاً لوالدته، منذ عام 2018.

ولي العهد وزوجته

وكان العام الأول لغياب الملكة إليزابيث الثانية حافلاً أيضاً بالنسبة لأمير وأميرة ويلز، إذ حافظ ولي العهد الأمير وليام وزوجته خلال هذا العام على التزامهما المعروف بواجباتهما الملكية.

ووفقاً لاستطلاع حديث، أجرته شركة «يوجوف» لا يزال الأمير وليام يتصدر أعضاء الأسرة الملكية شعبية بين البريطانيين، من خلال إعجاب 74% منهم بسلوكه.

وحلّت الأميرة كيت في المرتبة الثالثة بنسبة 72%، تسبقها بنسبة 1% فقط الأميرة آن ابنة الملكة الراحلة.

وتمكّن كل من أمير وأميرة ويلز من المحافظة بنجاح على مسيرتهما الحافلة بالالتزام والعمل خلال العام الأول لغياب إليزابيث الثانية، حتى أن تقارير صحفية تحدثت عن جاهزية الأمير لتولي العرش خلفاً لوالده من الآن.

وقال الخبير في الشؤون الملكية هوجو فيكرز إن وليام «مصنوع من طين الملكة الراحلة، وساعده العيش إلى جوار جدته لعقود طويلة على نهل كثير من تجربتها، والتدرب على الالتزامات الملكية مراراً وتكراراً، حتى بات مستعداً للقيام بكل ما يقع على عاتق الملك من واجبات وأدوار، أو بأسرته الصغيرة والكبيرة».

ويلفت فيكرز، في حديث مع راديو «إل بي سي»، إلى أن حال الأمير وليام اليوم أفضل من حال الملك عندما خلف والدته في سبتمبر الماضي، مضيفاً أن «شعبية أمير ويلز ستُسهل توليه للعرش خلفاً لوالده في أي وقت كان. كما سوف تساعده على توسيع قبول البريطانيين بمختلف فئاتهم، للأسرة الملكية، خاصة في ظل وجود زوجته كيت معه».

هاري في إنجلترا

الجمعة، شوهد الأمير هاري، شقيق الأمير وليام، في قصر وندسور وهو يزور قبر جدّته.

ودوق ساسكس الذي انتقل للعيش في كاليفورنيا مع زوجته ميغن وطفليهما، موجود حالياً في المملكة المتحدة للمشاركة في مناسبة خيرية. وذكر جدته خلال هذه المناسبة المكرسة للأطفال المرضى فقال «إنها تنظر إلينا جميعاً هذا المساء.. وهي سعيدة برؤيتنا معاً».

عاد الأمير هاري وحيداً من دون زوجته إلى بريطانيا في ذكرى وفاة جدته، لكنه لم يلتقِ أياً من أفراد الأسرة الملكية، بل حضر في لندن حفلاً لمنظمة wellchild الخيرية التي يرعاها منذ 15 عاماً، ثم يسافر إلى مدينة دوسلدورف الألمانية لحضور حفل افتتاح ألعاب Invictus، ليل السبت.

وتراجعت شعبية الأمير هاري بين البريطانيين خلال العام الأول لرحيل جدته الملكة إليزابيث لعدة أسباب، على رأسها الانتقادات التي وجهها لبلاده وأسرته في الكتاب الذي نشره تحت عنوان Spare. وتقول صحيفة «ميل أون لاين» إن شعبية دوق ساكس هوت من 65% عام 2011 إلى 38% تحت الصفر في عام 2023.

وتتحدث تقارير حديثة عن احتمال انفصال الأمير هاري وزوجته ميجان ماركل التي تحتل المرتبة الأخيرة في الشعبية بين البريطانيين وفق استطلاع «يوجوف»، لكن لا يوجد أي تأكيد رسمي في هذا الشأن حتى الآن، بخلاف ما نقلته وسائل إعلام محلية وأجنبية عن أصدقاء مقربين للزوجين «أن حياتهما معاً تواجه ضغوطاً كبيرة».

ولم يعلن قصر باكنجهام عن لقاء محتمل بين هاري ووالده أو أخيه في ذكرى الملكة الراحلة، في وقت تقول البيانات الرسمية إن أجندة الملك لا تتسع لهذا اللقاء في اسكتلندا، والأمير وليام سيكون في ويلز خلال زيارة أخيه إلى لندن. ويبدو أن الجغرافيا تُساعد الثلاثة على تجنب اللقاء بعد توتر كبير أحدثه نشر كتاب «Spare» مطلع العام الحالي.

عودة الأمير أندرو

أزمة الأمير هاري وزوجته التي تعامل معها الملك تشارلز الثالث بحسم خلال العام الأول لوفاة والدته، ليست هي الأزمة الوحيدة التي تواجه العائلة المالكة، حيث هناك أيضاً قضية الأمير أندرو، الابن الثالث للملكة الراحلة، فكل ما نُقل عن الملك حتى الآن يؤكد رفضه عودة دوق يورك إلى حياته السابقة، رغم أنه شوهد مؤخراً عدة مرات مع أفراد العائلة الملكية.

وأكدت أستاذة التاريخ الملكي بجامعة سيتي في لندن آنا وايتلوك أن تشارلز الثالث لن يخاطر بإعادة أندرو، لأن البريطانيين لن يتقبلوا ذلك مادامت تهم الاعتداء تلاحق الأمير. وقالت وايتلوك لصحيفة «إندبندنت» إن المضي في مثل هذه الخطوة قد يُكلف الملك كل ما فعله من حسن إدارة لشؤون العائلة منذ تنصيبه.

ولفتت أستاذة التاريخ الملكي إنكار أندرو التهم الموجهة إليه مراراً، ومع ذلك ينزوي منذ تجريده من واجباته الملكية في قلعة ويندسور، ويعيش عزلة يراقبها البريطانيون عن كثب، منوهةً بأن غفران ما فعل أو نسيانه ربما يستهلك سنوات طويلة و«لربما نشهد عودة هاري إلى حضن العائلة الملكية قبل أندرو بوقت طويل».

وكشفت صحف محلية، قبل بضعة أشهر، أن تشارلز الثالث طلب من أندرو وعائلته مغادرة قلعة «وندسور» بعد أن قطع عنه إعانة كان يتلقاها من والدته بقيمة 250 ألف جنيه سنوياً. وتقول التقارير إن تشارلز يُريد نقل أخيه إلى منزل «فروجمور» الذي كان يقطنه هاري وزوجته ميجان، كي يمنح القلعة لولي عهده.

تجاوز الأزمة

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن مصدر في قصر باكنجهام قوله، إن غياب إليزابيث الثانية ترك فراغاً كبيراً لدى جميع أفراد الأسرة الملكية، فقد كانت الملكة الراحلة تُنظم شؤون أولادها وأحفادها وأقاربها جميعهم، وتساعدهم على تجاوز مشكلاتهم وإدارة حياتهم بطريقة يُحافظون عبرها على صورتهم أمام الشعب من دون أن يفقدوا خصوصيتهم.

ووفقاً للمصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، تجاوز أفراد الأسرة الملكية بشكل عام أزمة غياب إليزابيث الثانية، ومرَّ العام الأول بهدوء وسلاسة لم يتوقعها كثيرون، لافتاً إلى أن شكوكاً كثيرة دارت حول قدرة الملك وولي عهده على احتواء المشكلات التي ظهرت بوفاة الملكة أو تلك التي كانت قائمة أصلاً، لكنهما نجحا بذلك.

استطلاع حول استمرار الملكية

كشف استطلاع حديث، أجرته شركة «يوجوف»، عن أن 62% من البريطانيين يُؤيدون استمرار الملكية في بلادهم، في مقابل 27% يُفضلون الانتقال إلى الجمهورية، و11% لم يحسموا أمرهم بعد تجاه هذه المسألة. وهذه الأرقام تُشبه إلى حد بعيد تلك التي توصل إليها استطلاع تزامن مع وفاة الملكة الأم في 8 سبتمبر عام 2022.

وفقاً للأرقام، ما يفوق 80% ممن تزيد أعمارهم على 65 عاماً يُعتبرون من أنصار الملكية في بريطانيا، لكن هذه النسبة تهوي إلى 37% بين الشباب الذين تتدرج أعمارهم بين 18 إلى 24 عاماً، أما من هم بين «الجيلين» فالأغلبية الكبيرة منهم يُؤيدون بقاء الأسرة الملكية على رأس الدولة ولا يجدون ضرورة للتغيير.

وتُشير الأرقام ذاتها أيضاً إلى أن نحو 60% من البريطانيين يعتقدون أن الأسرة الملكية مفيدة للمملكة المتحدة، في حين يقول 21% فقط إنها تضر الدولة.

وحتى بين الشباب الرافضين لاستمرار النظام الملكي في البلاد، فإن 34% منهم يعترفون بأن الأسرة الملكية تنفع الدولة ولا تضرها، و25% منهم فخورون بهذه الأسرة وما تؤديه من وظائف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/23fjbs38

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"