قانون حقوق الإنسان

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

لم يتعرض أي مصطلح سياسي أو اجتماعي أو حتى لغوي للعبث به وإساءة استخدامه، وانتهاكه كمصطلح «حقوق الإنسان»، رغم وضوح هذه الحقوق، التي نتمتع بها جميعنا لمجرد أننا بشر، ولا يستثنى منها أي إنسان يعيش على وجه المعمورة، مهما يكن جنسه أو جنسيته أو أصله الوطني أو العرقي أو دينه أو لغته.

وحقوق الإنسان تتراوح كما هو معلوم بين حقه الأساسي في الحياة، وتلك الحقوق التي تجعل حياته جديرة بأن يعيشها كحقه في الغذاء أو التعليم والعمل والرعاية الصحية وحقه في الحرية والأمن أيضاً.

وعلى الرغم من أن وضع مجموعة شاملة من قوانين حقوق الإنسان يعد واحداً من الإنجازات الكبيرة للأمم المتحدة، حيث حددت المنظمة الدولية مجموعة واسعة من الحقوق المتعارف عليها دولياً، بما فيها الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلا أن تنفيذ هذه القوانين هو الأهم في هذه المعادلة.

ففي عامي 1945 و1948 اعتمدت الأمم المتحدة مجموعة من القوانين التي تؤكد على احترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المعايير التي تتعلق بالنساء والأطفال والأقليات والفئات الضعيفة التي يجب حمايتها من التمييز الذي كان سائداً في العديد من المجتمعات.

كما أرسى القانون الدولي لحقوق الإنسان الالتزامات التي يتعين على الدول احترامها في هذا المجال، والامتناع عن أفعال معينة، من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد أو الجماعات.

وجاء الإعلان العالمي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1948، الذي تُرجم إلى أكثر من 500 لغة، ليكون الملهم لكل الدول.

وتمت توسعة هيكل القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال سلسلة من المعاهدات الدولية المهمة مثل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي وقعت في العام 1948 ضد الفلسطينيين، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1965، وغيرها من الاتفاقيات كاتفاقية حقوق الطفل في العام 1989 واتفاقية حقوق ذوي الإعافة التي ظهرت في العام 2006، حيث حل مجلس حقوق الإنسان، الذي أنشأته الأمم المتحدة في 15 مارس (آذار) 2006 محل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حيث يتكون من 47 من ممثلي الدول، وتتمثل مهمته في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

لكنه مع الأسف ورغم أهمية الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان بالنسبة للبشر جميعاً وللأمن والسلام في العالم بأسره، إلا أن هذه الحقوق ظلت تنتهك باستمرار لا سيما من قبل بعض القوى العالمية التي تعتقد أنها فوق القانون الدولي، الأمر الذي أفقد قوانين واتفاقيات حقوق الإنسان الكثير من مضامينها، وجعلها مجرد شعارات، يرددها الأقوياء ليس من أجل تسيدهم في العالم فقط، وإنما أيضاً من أجل استغلالها لتنفيذ أهداف وأجندات لا علاقة لها أبداً بالإنسان وحقوقه، فباسم حقوق الإنسان راحت تلك القوى لا سيما الغربية تتدخل في شؤون الدول والشعوب الأخرى، بدءاً من تدبير المؤامرات عليها، وصولاً حتى إلى استعمال القوة العسكرية ضدها وتدميرها، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد هذه الدول والشعوب، وممارسة التمييز العنصري ضدها بأبشع صوره، وأخطر أشكاله، كما باتت هناك معايير تفصّلها القوى المتنفذة الكبرى على مقاييس مصالحها، من خلال ازدواجية المعايير التي أفقدت القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان هويتها الحقيقية، وأفرغتها من مضامينها تماماً.

ومن يتابع أحداث العالم والصراعات التي تنفجر هنا وهناك، وما يتخللها من جرائم إبادة جماعية وحملات تطهير عرقي، وغيرها من الجرائم، ويراقب تعامل ما يسمى ب«المجتمع الدولي» معها يدرك إلى أي مدى تم تشويه مصطلح حقوق الإنسان، وكيف استبيحت كل الاتفاقيات المتعلقة بهذه الحقوق، لدرجة تلاشي قوانين حقوق الإنسان لصالح قوانين الغاب، أو بمعنى أدق قوانين الأقوياء الذين يستبيحون كل شيء تحت يافطات وشعارات براقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2yam3ua4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"