في هذا الزمن العجيب

03:36 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

أقل وصف يوصف به الحاضر العربي أنه عجيب في كل ما يتردد في جنباته من انتقادات وإدانات وعجز شامل عند اقتراح الحلول المنشودة للخروج من هذا الزمن العجيب، وليس أعجب ولا أغرب في هذا الزمن العجيب من شعب اكتملت له مقومات الوحدة لكنه -لأسباب غير مفهومة- يرتضي أن يظل مفتتاً ومفككاً ومعطلاً للطاقات لا يستطيع أن يتجاوز واقعه المشلول!!
إن شعوباً في هذا العالم لا تمتلك بعض مقومات الشعب العربي في الوحدة، لكنها نجحت في أن تكون موحدة قوية في وجه المعوقات والخصوم.
هل آن لشعبنا العظيم أن يتنبه إلى مقوماته الوحدوية؟ وأن يحافظ على الوقت الذي يتم إهداره بلا حساب ولغير صالحه، وما يتمناه العقلاء له من مستقبل يختلف كلياً عن حاضره العقيم وليس على الله بعزيز أن يوحي إلى قواه الفاعلة بأن تسارع إلى التجمع والالتفاف للخروج من هذا الواقع.
لقد مضى الكثير من الوقت وتلك القوى في حالة غياب عما يحدث وكأنها تعيش خارج هذا الوطن الذي تنتمي إليه بكيانها لا بوعيها وإحساسها.
وسبق لي في إشارات متعددة أن أشرت إلى شعوب كانت تعاني الانقسامات والتفتت ما لم يعاني مثله الشعب العربي ولكنها في وقت قصير استطاعت أن تتجاوز سلبياتها وأن تنتصر على ضعفها وصارت في مقدمة الشعوب تقدماً وازدهاراً. وتكفي الإشارة إلى الصين مثلاً.. هذا البلد الكبير الذي عانى الانقسامات والخلافات واستطاع أخيراً أن يجاوز محنته وأن يكون كما نرى قوة هائلة من القوى العالمية المؤثرة على مسار العالم ويتوقع لها المحللون والسياسيون مستقبلاً أكثر تأثيراً.
فأين نحن من ذلك ومن شعوب أصغر بكثير من الصين استطاعت أن تجد نفسها وترحل صوب المستقبل الذي يرتضيه أبناؤها ويحلمون به.
ولن نكف عن إثارة الموضوع وطرحه في كل ما نكتبه على أمل أن تجد هذه الكتابات صدى في النفوس، وأن تتغير أحوالنا إلى الأفضل كما تغيرت أحوال شعوب كثيرة وصغيرة.
ويلاحظ البعض أن الوعي لا ينقصنا بقدر ما ينقصنا العمل بعد سنوات طوال من الكسل الروحي والاجتماعي كانت نتيجته هذا الواقع المؤسف والمهين.
قد يشكك البعض في جدوى هذا الكلام، لكن الأيام القادمة والحاضر نفسه سيكشفان أهمية وصدق التوجه الهادف إليه. ولا أعجب من زمن يتقبل فيه شعب عظيم كالشعب العربي أن يبقى مفتتاً أو مفككاً عديم الأثر في واقعه المحلي والعربي وفي واقعه الدولي!!.
ويبقى الأمل في أن مثل هذا التحريض الإيجابي قادر على تجاوز سلبياته المتكاثرة، والتي تتنامى بتنامي حالة التجاهل والانصراف عن المعالجات المنشودة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"