عادي
الأدوية وحدها لا تكفي للعلاج

الكوليسترول الضار.. تراكمات تدمر الجسم

21:46 مساء
قراءة 4 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

ينتج الجسم الكوليسترول، أو البروتين الدهني عالي الكثافة، بشكل طبيعي عن طريق الكبد، وهو ضروري لمختلف الوظائف والأجهزة الحيوية، بما في ذلك إنتاج الهرمونات، وتصنيع فيتامين «د»، وتكوين أغشية الخلايا.

ويخضع الكوليسترول للمعالجة، ويمكن التخلص منه في النهاية من الجسم، ولكن في حال عدم إتمام هذه العملية بشكل سليم، يتراكم في الشرايين في صورة نوع ضار، وينجم عنه منع تدفق الدم، وإلحاق الضرر بصحة القلب، والأوعية الدموية، وزيادة معدل خطر الموت المفاجئ.

وفي السطور المقبلة، يسلط مجموعة من الاختصاصيين الضوء على هذا الموضوع.

وفق د.أيسم مطر، أخصائي الأمراض الباطنية، فإن فرط كوليسترول الدم العائلي يحدث بسبب تغير جيني ينتقل من أحد الوالدين، أو كليهما، وتصيب هذه الحالة الأشخاص منذ الولادة، ويمنع هذا التغير الجسم من التخلص من الكوليسترول منخفض الكثافة (الضار)، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبته في الدم إلى مستويات عالية جداً، ويتراكم في الشرايين، وتنجم عنه ذبحات القلب في سنّ مبكرة.

ويؤكد أنه لا يمكن علاج فرط كوليسترول الدم العائلي باتباع الحمية الغذائية والالتزام بالتمارين الرياضية فقط، ولكن لابد من استخدام الأدوية لخفض نسبته.

ويشير د.مطر إلى أن هناك العديد من الدراسات التي تؤكد أن ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم يزيد من احتمال الإصابة بالخرف والزهايمر، نتيجة لتقليل تدفق الدم، وترسب بعض المواد، وتغيّر في الخلايا العصبية بالمخ. ويقول: لا تتوقف خطورة ارتفاع الدهون الضارة على القلب فقط، ولكنها تترسب في الشرايين، وتتسبب بتصلبها، ونقص تدفق الدم، وبالتالي زيادة فرص حدوث الجلطات، ما يؤثر في الشرايين الرئيسية في الجسم، أو الدماغ، أو الأطراف، كما يقلل في بعض الحالات من كفاءة الكلى.

ويؤكد أن اتباع الحمية الغذائية وممارسة الرياضة بشكل منتظم من أهم العوامل التي تسيطر على معدل الكوليسترول في الدم، موضحاً أن العلاج الدوائي يشمل العديد من الاختيارات، ويعتمد بشكل فعال على ثلاث مجموعات، وهي:

  • مجموعة أدوية الستاتين التي تعمل جميعها على إعاقة مادة يحتاج إليها الكبد لإنتاج الكوليسترول، وبالتالي يقل إنتاجه، وتساعده علي التخلص من الموجود منه في الدم، إضافة إلى تقليل الالتهاب في جدار الشرايين، وتقليل معدل حدوث الجلطات، ومن هنا تأتي أهمية الحاجة للأدوية في بعض الحالات، والالتزام بنصائح الطبيب المعالج، مع الحرص على اتباع نمط حياة صحي.
  • دواء يحتوي على مادة «الازيتمايب» ويعمل كمثبط لامتصاص الكوليسترول من الغذاء بالأمعاء الدقيقة، وبالتالي تقليل مستواه في الدم، ويمكن استخدامه بجانب المجموعة الأولى من الأدوية.
  • مثبطات «PCSK9» وهي من الأدوية الحديثة التي يُحقن بها المريض تحت الجلد، بمعدل مرة كل عدة أسابيع، وتساعد الكبد على امتصاص المزيد من الكوليسترول، ما يؤدي لتقليل الكمية المنتشرة في الدم، وهي تناسب، على الأكثر، المصابين بحالة وراثية تتسبب بوجود مستويات مرتفعة للغاية من الكوليسترول الضار، أو الذين سبقت إصابتهم بمضاعفات فرط الدهون، ولا يتحملون الأدوية الأخرى.

أمراض ومتلازمات

تبيّن د.هالة مصطفى، أخصائية الطب الباطني أن الكوليسترول الجيد، أو النافع، له فوائد وقائية مختلفة لصحة القلب والأوعية الدموية، أما النوع الضار فيتسبب بتكوين الترسبات الشريانية. وتقول: هناك العديد من الأمراض التي تزيد من فرصة الإصابة بارتفاع نسبة الكوليسترول، ومنها السكري من النوعين، الأول والثاني، وقصور الغدة الدرقية الذي يؤدي إلى تعطيل التوازن الطبيعي للكوليسترول والدهون في الجسم، ويرتبط مرض الكلى المزمن بارتفاع خطر ارتفاع مستويات الدهون غير الطبيعية، كما يؤثر اختلال وظائف الكلى في عملية التمثيل الغذائي، وإفراز الكوليسترول، ومتلازمات المبيض المتعدد الكيسات التي تظهر لدى النساء (اضطراب هرموني يتميز بأكياس المبيض، ومقاومة الأنسولين، واضطرابات التمثيل الغذائي)، و«كوشينغ» التي تتميز بارتفاع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، والتمثيل الغذائي التي تشمل ارتفاع الضغط، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وزيادة الدهون في البطن، ومستويات الكوليسترول غير الطبيعية تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

البدانة

توضح د.سلادانا بافلوفيتش، أخصائية الطب الباطني، أن كل 10 أرطال من الدهون الزائدة ترفع الإنتاج اليومي للكوليسترول 10 مليغرام. وتقول: لذلك، فإن البدانة والوزن الزائد يرفعان معدل خطر الإصابة بأمراض الكبد الدهني، والشحوم الثلاثية المرتفعة، ومستويات الكوليسترول العالية، ما يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، ويكون المريض أكثر عرضة لوجود أنسجة دهنية زائدة في الجسم، تتسبب في تراكم المزيد من الأحماض الدهنية الحرة في الكبد، إضافة إلى زيادة معدل الإصابة بمقاومة الأنسولين، وبالتالي ارتفاع مستويات الأحماض الدهنية في الكبد، والمعاناة من الالتهاب في جميع أنحاء الجسم.

وتلفت د. سلادانا بافلوفيتش إلى أن إدارة الكوليسترول تتم بضبط عادات نمط الحياة، عن طريق تقليل استهلاك الأغذية المشبعة، وإنقاص الوزن من خلال تغيير الحمية والحد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمتحولة (كالوجبات السريعة والأغذية المعالجة)، وممارسة التمارين الرياضية والحركة باستمرار، واستهلاك الكثير من الفواكه والخضار، والحصول على النوم الكافي.

مشكلات القلب

يذكر د.أشيك ساسيدهاران، أخصائي أمراض القلب، أن جسم الإنسان يحتاج إلى كمية معينة من الكوليسترول لإنتاج الهرمونات والفيتامينات الضرورية، وأداء الوظائف بشكل طبيعي، إلا أن الكثير منه يؤثر سلباً في الصحة، عندما يتراكم في جدران الأوعية الدموية، ويسبب تكوين اللويحات التي تؤدي بدورها إلى تضييق تجويف الأوعية في الشرايين، ويقل تدفق الدم إلى القلب، والخرف الوعائي (الدماغ) وأمراض الشرايين الطرفية، بما في ذلك الغرغرينا. وحسب ساسيدهاران، فإن تراكم الكوليسترول الضار من أبرز أسباب حدوث الذبحة الصدرية والنوبة والسكتة القلبية، وزيادة خطر المضاعفات طويلة الأمد، مثل: اعتلال عضلة القلب الإقفاري الذي يؤدي إلى فشل القلب واضطرابات الضربات، وحدوث الوفاة المفاجئة.

ويضيف: العادات الخاطئة تفاقم آثار الكوليسترول السيئ المتراكم في الجسم، وأبرزها تناول الأطعمة غير الصحية التي تحتوي على الدهون المشبعة والمتحولة، كاللحوم الحمراء والمصنعة، والزبدة، والجبن، والأطعمة المقلية، وعدم ممارسة الرياضة والحفاظ على الوزن الصحي، والتدخين والتوتر.

ويوضح أنه في حالات عدم السيطرة على مستويات الكوليسترول بتعديل نمط الحياة، يجب البدء بمجموعة من الأدوية التي تحد من ارتفاعه، وأن التدخل الطبي يكون برأب الأوعية الدموية لإصلاح الانسداد في الوعاء الدموي للحالات التي تتعرض للنوبة القلبية، إضافة إلى التدابير الداعمة لعلاج المضاعفات مثل قصور القلب وعدم انتظام ضرباته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5at3avsk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"