هنالك الكثير من المبادرات الشخصية التي يقوم بها العديد من الأفراد والشخصيات، انطلاقاً من حبهم لوطنهم من جهة، وحبهم من جهة أخرى لتقديم مبادرة مجتمعية تسهم في خلق حراك مجتمعي فعّال، وبلا شك هذا فعل محمود يستحق الثناء والتشجيع والدعم، خصوصاً إذا توجّه لخدمة مجالات نوعية، مثل المبادرات الثقافية والفنية والأدبية، فما المانع مثلاً من قيام أي شخص قادر على تقديم مبادرة مميزة كجائزة أدبية أو إقامة متحف فني أو موسيقي أو مبادرة ثقافية تخدم المجتمع وأفراده، وتسهم في نشر الوعي الفكري والأدبي، وتسهم في رقي الذائقة الفنية وتنميتها، أو تتوجه إلى تقديم برامج تثقيفية وورش لتعليم الأطفال فنيات الرسم والموسيقى وفنون الكتابة والإبداع.
إن أي فرد يقدم مبادرة مدروسة وذات أفق عالٍ ومستمر، لا يفعل ذلك إلا حباً في وطنه وخدمة مجتمعه، وهذا بلا شك يحتاج إلى قانون وتشريع يضبط مساراته ويحدد مستواه وأسلوب التعاطي معه، وهذا غائب حتى الآن للأسف، وهذا ما دعا الدكتورة رفيعة غباش بعد 11 عاماً من إنشاء متحف المرأة، ومن بعده متحف الفن الإماراتي، إلى رفع صوتها عالياً بعد معاناتها من طرق التعامل مع هذين المشروعين، وكأنهما مشروعان تجاريان يدفعان في مقابل كل خطوة فيها أموالاً طائلة لا محل لها من الإعراب إلا في العرف التجاري البحت، دون النظر لطبيعة المشروعين الاجتماعية وفرادتهما واستمراريتهما، وهذا بالطبع شيء محبط، بل قد يدفع الكثيرين ممن لديهم الرغبة والحماس إلى التوقف والتفكير مراراً وتكراراً قبل الإقدام على أي خطوة لدعم المجتمع، إن المبادرات الفردية والشخصية التي يقوم بها الأفراد في الكثير من دول العالم تجد التشجيع بل الدعم والمساندة، والتسهيل والتيسير، بل تجد الكثير من الخدمات التي تدعم مسيرتها واستمرارها، وتُعفى من الكثير من القيود والرسوم.
بالطبع لا يوجد قانون حتى الآن يحكم وينظم إنشاء وقيام مثل هذه المشاريع المجتمعية ويدعم مسيرتها في خدمة المجتمع والوطن، لكن هذا لا يمنع من التعاطي بروح القانون بل بالنظرة البعيدة التي تعي وتقدر وتتفهم كيفية تقدير هذه المبادرات وتشجيعها، بل الأخذ بيدها لتكبر وتتطور، وتشجيع أفراد المجتمع للقيام بها لتكون سنداً لدور الحكومة، وبث روح الواجب تجاه المجتمع بين أفراده، حتى يتم التشريع وإصدار القانون.
أرجو ألا ننتظر كثيراً ولا تنتظر الدكتورة رفيعة غباش وغيرها من المبادرين أكثر.
