عادي

فقه الحرب والسلم

22:57 مساء
قراءة دقيقتين
1
د. سالم مخلوف النقبي

د. سالم مخلوف النقبي

يحرص القانون الدولي الإسلامي كل الحرص على تنمية العلاقات بين الشعوب بمفاهيمه وأسسه القويمة التي يربط بها بين الدول باعتباره دين الوسطية والسماحة.

واعتنى الفقهاء بما يسمى بالسِيَرِ، وذلك لما لها من أهمية في تنظيم الأحكام التي تنطوي عليها، فالسِيَر في الشرع تطلق على طريقة المسلمين في المعاملة مع غير المسلمين. وكثرت مباحث الفقهاء فيما يتعلق بأحكام السِيَر (العلاقات الدولية)، مستمدة أدلتها وتفاصيلها من الكتاب والسنة المطهرة وأقوال العلماء. ويؤكد الفقه الإسلامي في حديثه عن العلاقات الدولية سماحة الإسلام وعلو منزلته في تشريعات السلم والحرب؛ حرصاً من الإسلام على تماسك المجتمع البشري وتعاونه وتكاتفه في الخير والبر.

وذهب أغلب الباحثين المعاصرين إلى أن الأصل في العلاقة بين المسلمين مع غيرهم هي السِلْم، أما الحرب فلا تكون إلا عند الضرورة؛ للدفاع عن المسلمين، وحمايتهم. ومن رأى منهم أن الأصل في العلاقة هو الحرب، لأن الحروب كانت قائمة في ذلك الوقت؛ دفاعاً عن الدين، أما الفريق الآخر فينظر إلى النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية الدالة على السِلْم مع الغير، فيرون أنه الأصل.

ولو أمعنا النظر في كتاب الله، سبحانه وتعالى، نجد الآيات الكريمة قاطعة الدلالة على أن الأصل في العلاقات مع الأمم الأخرى هو السِلْم، حتى يكون اعتداء، فيضطر المسلمون إلى خوض غمار الحرب، دفاعاً عن النفس، أو اتقاءً لهجوم. ومن تلك النصوص: قوله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» الأنفال: 61، فلفظ السَّلْم الوارد في الآية، عامٌ وشاملٌ لمعانٍ كثيرة منها: الصلح، والمهادنة، والإسلام، والسلام.

وفي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً» البقرة: 208، دلت الآية بعمومها على تحقيق السلم، وهو الصلح، والموادعة، وإيجابه في علاقة المسلمين بغيرهم. وفي قوله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» الحجرات، دلت الآية على أن التعارف جُعِلَ وسيلة لإنشاء العلاقات بين بني البشر جميعاً، مسلميهم وغيرهم، ولا شك أنه يكون أساساً بالسلم لا بالقتل، ولو كانت الحرب هي الأصل، لما تحقق هذا التعارف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msnex6jx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"