عادي
يوم ميلاد حاكم الشارقة عيد «أبو الفنون»

المسرح عشق سلطان

23:52 مساء
قراءة 8 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود
مسيرة حافلة بالإنجازات، وخشبة مشيدة بالشغف، تلك هي حكاية المسرح الإماراتي الذي نشأ وتطور وازدهر بوتائر سريعة، حتى صارت الدولة من بلدان العالم التي عرفت ب«أبو الفنون»، تقدمت في وقت تراجعت فيه العديد من الدول العربية صاحبة التاريخ في هذا المجال، وكأنها تمسك بحرص شديد على راية لا تريد لها السقوط، تراكم كبير على مستوى العروض كان له الفضل في تلك المشاركة الواسعة للأعمال المسرحية الإماراتية على المستوى العربي والدولي، مع تحقيق نتائج وإنجازات كبيرة بالفوز بعدد من الجوائز، فقد كانت بدايات المسرح في الدولة قد انفتحت على القضايا والشواغل المحلية والإقليمية والقومية، ونهلت من تيارات ومدارس مختلفة من المسرح العالمي، وعبر التعبير الجاد عن الهموم الاجتماعية المحلية، وجدت العروض الإماراتية صدى خارجياً كبيراً.

لئن كان قدر المسرح الإماراتي أن ينال كل تلك السمعة الطيبة، فإن ذلك الأمر لم يأت عن فراغ بل عبر عمل جاد ودؤوب وصبور، كان خلالها ل«أبو الفنون»، روافع عدة أهمها ذلك الدعم والرعاية من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو الدعم الذي اتخذ أشكالاً عديدة، سواء المعنوي أو المادي أو عبر الكتابة في مجال المسرح والتاريخ، فقد كانت مؤلفات سموّه واحدة العوامل الأساسية في رفعة وريادة المسرح الإماراتي، كما كان لدعمه المادي ورعايته ل«أبو الفنون» في الدولة، حتى لقب ب«رجل المسرح في الدولة»، الأساس والمنصة التي انطلقت منها الإبداعات المسرحية الإماراتية، ولئن كان فترة السبعينيات والثمانينيات؛ أي مرحلة تأسيس الدولة، قد شهدت الاهتمام الكبير بالمسرح، وانطلقت فيها العروض التي صنعها رواد «أبو الفنون»، فإن تاريخ المسرح الإماراتي سابق لذلك، حيث كانت إمارة الشارقة فضاء لعدد من الأعمال المسرحية التي تناولت الهم العربي والقومي، وكان صاحب السمو حاكم الشارقة صاحب فضل كبير من خلال إسهامه الموفور في المسرح المدرسي، حيث كانت فترة الخمسينيات من القرن الماضي، هي بداية تشكل المسرح الإماراتي، وكانت إمارة الشارقة صاحبة الإنجاز الوافر في بدايات وتطور الحركة المسرحية في الإمارات، ولا ننسى هنا، تلك البدايات وأولئك المؤسسين الأوائل الذين قامت على أكتافهم الحركة المسرحية الباكرة من خلال المدارس والأندية التي كان لها الأثر الكبير في تبلور فكرة المسرح وجعله شاغلاً يومياً وحياتياً، وهنا نذكر المدرسة القاسمية في الشارقة، التي شهدت نشوء ونمو الأنشطة المسرحية، عبر عرض مسرحي كتبه صاحب السمو حاكم الشارقة، وهي المسرحية التي كان لها صدى كبير؛ لما أثارته من تحفظات المعتمد البريطاني، الذي صعّد من الأمر إلى حد أن أمر بإيقاف عروضها، سعياً لحصار النزعة القومية التي أظهرها العرض، وهو الأمر الذي يشير إلى مجهودات الشارقة عظيمة في رفد الحراك المسرحي في الإمارات، وكان ذلك مع مولد أول فرقة مسرحية وهي «المسرح الوطني»، التي نشأت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، ثم كانت النقلة الكُبرى مع قيام دائرة الثقافة في الشارقة عام 1984م، وانطلاقة مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي شكّل فضاءً للعمل المسرحي المنهجي القائم على معايير وأسس مسرحية أصيلة.

الصورة
  • وفاء

من خلال ذلك السرد التاريخي لبدايات وتطور المسرح في الإمارات، فإن اختيار جمعية المسرحيين في الدولة ل«اليوم الإماراتي للمسرح»، كمناسبة سنوية للاحتفاء بالمسرح والمسرحيين في الإمارات، ليوافق يوم مولد صاحب السمو حاكم الشارقة، في الثاني من يوليو من كل عام، هو بمثابة لفتة وفاء لرجل المسرح الذي أعطى ولا يزال يعطي من أجل «أبو الفنون»، حتى صارت مقولته الخالدة «نحن كبشر، زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة»، تُردّد في كل مناسبة مسرحية، وصارت ميثاق عمل من قبل المبدعين والفنانين الإماراتيين، فهي المقولة التي تشير إلى اهتمام سموه الكبير بالمسرح، وعشقه له، ورهانه عليه في الارتقاء بالبشر، وتؤكد في ذات الوقت الأهمية الكبرى ل«أبو الفنون» ورسالته في الحياة، ودوره في التربية والثقافة والمعرفة والتهذيب والارتقاء بالمجتمعات والبشر، وهنالك الكثير من المقولات لصاحب السمو حاكم الشارقة في المسرح أصبحت بمثابة أنشودة في أفواه المسرحيين وجمهور هذا الفن الخالد، فقد كان دعم سموه في هذا المجال عظيماً، وامتد هذا الدعم إلى خارج حدود الإمارات ليشمل كل دول العالم، بل والأهم جاء من خلال التوثيق والتأليف المسرحي وإنتاج المفاهيم والمقولات، والإيمان الكبير بأن المسرح هو الإنسان، فكان أن قدّم سموه العديد من النصوص المسرحية التي من أشهرها «عودة هولاكو»، و«القضية»، و«الواقع صورة طبق الأصل»، و«الإسكندر الأكبر»، و«النَّمْرود» و«الحجر الأسود»، إلخ. وكذلك الأعمال التي توثق وتتابع حركة المسرح العالمي مثل «التاريخ على خشبة المسرح الفرنسي»، فكان له الدور البارز والكبير في دفع المسرح الإماراتي والعربي خطوات كبيرة إلى الأمام، حتى صارت الإمارات واحدة من الدول التي يشار إليها ببنان الفخر والاعتزاز في مجال المسرح، وقد ترجمت تلك الأعمال إلى الكثير من اللغات العالمية، بل وعرضت في مسارح دولية برؤية إخراجية لفنانين عالميين.

ويستمر الدعم السخي لصاحب السمو حاكم الشارقة عبر الاهتمام المتواصل بالبنية التحتية الكفيلة ببقاء الحركة المسرحية مثل إنشاء المسارح وصالات العروض، والاهتمام العلمي الأكاديمي مثل قيام أكاديمية الفنون الأدائية، وصندوق التكافل الاجتماعي الذي من شأنه رعاية المسرحيين ودعمهم، وقد كان قيام الهيئة العربية للمسرح، أحد أهم إنجازات صاحب السمو حاكم الشارقة في دعم «أبو الفنون»، في كل الدول العربية، فصارت الهيئة هي المرجعية الأساسية للمسرحيين العرب، وأصبح لها مهرجان هو الأول على المستوى العربي، يقام في إحدى العواصم العربية في كل مرة، ويقدم فيه المسرحيون العرب إبداعاتهم من عروض رفيعة، تحضر فيه الجوائز ويكرم خلاله الشخصيات المسرحية التي قدمت البذل والعطاء المسرحي.

  • أرضية صلبة

يأتي «اليوم الإماراتي للمسرح»، و«أبو الفنون» في الدولة يقف على أرضية صلبة، بفضل اهتمام الدولة الكبير بالإبداع المسرحي، والرعاية التي لم تنقطع من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، وفي هذا اليوم الخالد، يستعرض إنجازات المسرح الإماراتي منذ التأسيس حتى اللحظة الراهنة، فاليوم الإماراتي للمسرح سيصبح احتفالية سنوية، يستعرض حصاد العام، ويقوم بتكريم شخصيات لم يتم تكريمها من قبل، اعترافاً بعطائها ووفاءً لمسيرتها وتجاربها وإرثها، كما يشتمل اليوم على تكريم فرقة من الجمعيات والفرق المسرحية المتميزة، إلى جانب تكريم مسرحيي الإمارات سواء كانواً فرقاً أو أفراداً من الفائزين في المهرجانات المسرحية المحلية مثل أيام الشارقة المسرحية، مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، مهرجان دبي لمسرح الشباب، وكذلك الفائزين في المهرجانات الخارجية، مما يعني أن اليوم سيكون بمثابة عرس للمسرحيين الإماراتيين، ولا عجب في يوم مثل هذا أن يعمل المسرحيون الإماراتيون على مبادرة الوفاء لصاحب العطاء صاحب السمو حاكم الشارقة، بما قدّم وسيقدّم من أجل هذا الفن الإنساني الراقي، حتى عرفت الدولة، بفضل رعايته الكريمة، كدولة صاحبة ممارسات مسرحية مختلفة وراسخة، فقد جعل سموه النشاط المسرحي في الدولة مستمراً وقوياً، وكان للمهرجانات التي أطلقها ورعاها بتنظيم دائرة الثقافة في الشارقة، الدور الأساسي في ازدهار الحراك المسرحي في الدولة مثل «أيام الشارقة المسرحية»، و«الشارقة للمسرح الخليجي»، وابتكارات لفضاءات وأساليب مسرحية جديدة شهدت عليها مهرجانات مثل: «المسرح الصحراوي»، و«المسرح الثنائي»، إضافة إلى الاهتمام المتعاظم بالفعاليات التي تكون الكادر المسرحي مثل مهرجان «الشارقة للمسرح المدرسي»، و«كلباء للمسرحيات القصيرة».

  • فرحتان

المسرحيون الإماراتيون قدّموا خلال مسيرة «أبو الفنون»، العامرة في الدولة الكثير من الإنجازات عبر أعمال وعروض وإبداعات مختلفة، فكان لليوم الإماراتي للمسرح بالنسبة لهم له وقعه الخاص، الذي عبروا عنه بكل محبة وفخر في حديثهم ل«الخليج»، حيث أبرزوا أهمية أن يكون هنالك يوم للمسرح، وأشاروا إلى أن يوم المسرح يكتسب خصوصيته من خلال اختياره ليتزامن مع يوم ميلاد صاحب السمو حاكم الشارقة ليكون «العيد عيدين والفرحة فرحتين»، متناولين جانباً من تاريخ المسرح الإماراتي والجهود الكبيرة التي بذلها صاحب السمو حاكم الشارقة من أجل المسرح والمسرحيين. «اليوم الإماراتي للمسرح هو بمثابة حدث ثقافي كبير للاحتفال بالمنجز المسرحي في الدولة، والوقوف على التطور الكبير الذي تشهده البلاد فيما يتعلق بالحراك المسرحي، وهو كذلك تكريم لعطاء أجيال من الفنانين والمبدعين عملوا من أجل نهضة«أبو الفنون»، في الدولة»، هكذا تحدث الفنان الدكتور حبيب غلوم، الأمين العام لجمعية المسرحيين الإماراتيين،، مشيراً إلى أنهم في الجمعية كان لهم الشرف في اختيار تاريخ الثاني من يوليو للاحتفال بيوم المسرح في الدولة، وهو التاريخ الذي يوافق ميلاد صاحب السمو حاكم الشارقة.

ولفت غلوم إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة سوف يكون سنوياً، يتم فيه استعراض المنجز المسرحي خلال العام وتكريم المسرحيين من أبناء الدولة، الذين سكبوا البذل والعطاء وقدموا الإبداع، حيث تم اختيار ثلاثة من رواد الحركة المسرحية في الإمارات وهم في هذا العام: عبيد بن صندل أحد مؤرخي «أبو الفنون» في الدولة، وسعيد أبو بيان، الذي يعد أحد مؤسسي الحركة المسرحية في رأس الخيمة، وسعيد الحداد أحد رموز الحراك المسرحي في مدينة كلباء ومن رواد الفعل المسرحي في الدولة، إضافة إلى تكريم نخبة من المبدعين الذين حصلوا على جوائز مختلفة في المسرح سواء داخل الدولة أو خارجها.

وذكر غلوم أن لا أحد يخفى عليه ذلك العطاء الممتد لصاحب السمو حاكم الشارقة للمسرح ليس في الإمارات فقط، بل وكذلك امتدت أياديه البيضاء إلى المسرح الخليجي والعربي، والمسرحيون العرب يعرفون تماماً ما قدمه صاحب السمو حاكم الشارقة من أجل نهضة المسرح العربي، فهناك عشرة مهرجانات تقام في بلدان عربية مختلفة، يتولى سموه دعمها والإشراف عليها من خلال الهيئة العربية للمسرح، إلى جانب المهرجان العربي للمسرح الذي يقام في كل عام في بلد معين من البلدان العربية.

الصورة
  • مكانة لافتة

أشار المخرج إبراهيم سالم إلى أن المسرح الإماراتي وصل إلى مكانة مميزة وصار من أهم المراكز المهتمة ب«أبو الفنون» في العالم العربي، بفضل الاهتمام الكبير والرعاية والدعم من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الداعم الأول للمسرح في العالم العربي، معتبراً أن وجود يوم للمسرح الإماراتي هو احتفاء بعطاء المسرحيين الإماراتيين، واحتفال بتاريخ عريق للممارسات الإبداعية المسرحية في الدولة.

وقال سالم: «المسرحيون في الإمارات يستحقون أن يكون لهم يوم خاص يحتفلون فيه بمنجزهم ونجاحاتهم التي جعلت من الدولة مركزاً مسرحياً مهمّاً».

وأوضح سالم أن الخطوة العملاقة التي قامت بها جمعية المسرحيين الإماراتيين باختيار يوم مولد صاحب السمو حاكم الشارقة ليكون هو تاريخ الاحتفال بالمسرح الإماراتي، هي بمثابة عرفان وردّ جميل لعطاء سموه الكبير للإبداع المسرحي في الدولة بشكل خاص، ودوره في العمل الثقافي في العالم العربي بصورة عامة، وقال سالم: «يجب أن يكون احتفال المسرحيين الإماراتيين بصاحب السمو حاكم الشارقة يومياً، لأن سموه هو صاحب الفضل الأساسي في نهضة واستمرار المسرح ودعم المسرحيين في الدولة».

  • قصة مجيدة

المسرحي المخضرم عبد الله صالح، عبّر عن فرحته بأن يكون هناك يوم للمسرح الإماراتي، معتبراً إياه من الأيام العظيمة في حياة الفنانين، فيه يطّلع الناس على مسيرة «أبو الفنون» في الدولة، واستعراض سيرة نجومه الساطعة من مبدعين جاء دورهم في التكريم، فهذا اليوم هو مختلف لكونه يحتفل بواحدة من أهم الممارسات الإبداعية في الإمارات ذات التاريخ المجيد، فقصة المسرح في الدولة لم تحك بعد، ولعل هذا اليوم هو إحدى المنصات المهمة لرواية حكاية المسرح الإماراتي، والاحتفاء برواده الذين قامت على أكتافهم تجارب «أبو الفنون» في الإمارات.

وأشاد صالح بالدور الكبير الذي لعبه صاحب السمو حاكم الشارقة تجاه المسرح والمسرحيين ودعمه لكل الفرق المسرحية في الدولة، وقال صالح: «لقد أعطى سموه ولم يستبق شيئاً في سبيل المسرح والمسرحيين الإماراتيين والعرب من خلال دعمه وكتاباته ومقولاته».

  • توهج

المسرحي عمر غباش، رئيس صندوق التكافل الاجتماعي للفنانين المسرحيين الإماراتيين، ذكر أن «اليوم الإماراتي للمسرح»، هو بمثابة عرس لكل الفنانين الإماراتيين، فهو ليس بالحدث العابر، بل يمتلك خصوصيته من خلال التاريخ العريق ل«أبو الفنون» في الدولة، وللفنانين الذين قدموا عصارة إبداعهم للحراك المسرحي في الدولة، الأمر الذي تعزز بوصول الإمارات لمكانة رفيعة في المسرح العربي اليوم.

وقطع غباش بأن الجهود التي بذلها صاحب السمو حاكم الشارقة، كان لها الدور الأساسي في توهج الخشبة الإماراتية وتفوقها في العالم العربي، لافتاً إلى أن «صندوق التكافل والضمان الاجتماعي»، الذي يترأسه، هو من أفكار سموه، وهو الداعم الرئيسي له، حيث يعتبر الصندوق هو السند للمسرحيين في الدولة.

من جانبه ذكر المسرحي جمعة علي، أن وجود يوم للمسرح الإماراتي يستعيد في ذهنه كل ذلك التاريخ والألق والإبداع للمسرحيين الإماراتيين، وكل تلك العروض والأعمال المسرحية الخالدة والعالقة في الذاكرة، فمن حق الفنانين في الدولة أن يكون لهم يوم يكرّمون فيه المتفوقين والرواد الذين تركوا بصمتهم في تاريخ المسرح الإماراتي، ويناقشون فيه قضايا وشواغل المهنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/55j946c4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"