ما المطلوب لإنقاذ اقتصاد بريطانيا؟

23:00 مساء
قراءة 3 دقائق

محمد العريان *
بعد نحو أسبوع من توليها السلطة، تسعى حكومة حزب العمال الجديدة في المملكة المتحدة بكل جد، لمتابعة بعض المبادرات الاقتصادية الرئيسية الموضحة في بيانها الانتخابي. وهذا أمر جيد للاقتصاد، ومطلوب بشدة لبلد تأخر لأكثر من عقد من الزمان عن مجموعة الدول السبع في الاستثمار والإنتاجية. وعليه، يجب تنفيذ سياسات حزب العمال الموجهة نحو النمو عاجلاً ليس آجلاً، وبطريقة مركزة لا مشتتة، وبشمولية تامة دون أي تجزئة.

الأسبوع الماضي، أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية الجديدة راشيل ريفز وزملاؤها مبادرة واعدة لتنشيط محركات النمو القائمة وتطوير محركات جديدة، عبر إنشاء «صندوق الثروة الوطنية» الجديد، الذي من شأنه أن يجمع المؤسسات القائمة، مثل بنك الأعمال البريطاني وبنك البنية الأساسية في المملكة المتحدة، ويوسع نطاقها، لتعزيز الاستثمارات المعززة للإنتاجية والنمو.

ومن المقرر أن يتلقى الصندوق تمويلاً أولياً بنحو 7.3 مليار جنيه إسترليني (9.34 مليار دولار)، وأن يبدأ على الفور الاستثمار في الموانئ والأعمال الضخمة ومصانع الصلب النظيف والطاقة الخضراء.

وأفضل طريقة للتفكير في مبادرة صندوق الثروة الوطنية، هي من حيث البنية المؤسسية التي تساعد في التغلب على فشل المعلومات والتنسيق، وخاصة تلك التي تعوق المشاريع التي يصعب تمويلها.

وبحسب ريفز، من شأن هذا الصندوق أن يرشد المستثمرين والشركات، التي تريد الاستثمار في بريطانيا إلى الطريق الصحيح. كما أن لديه القدرة على استقطاب كميات كبيرة من رأس المال المحلي والأجنبي الباحث عن فرص استثمارية جذابة طويلة الأجل، بما في ذلك المؤسسات التي تحتاج إلى مثل هذه الاستثمارات لتعويض التزاماتها على المدى البعيد.

وتعتقد الحكومة أن مثل هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكن أن تضاعف الاستثمار الأوّلي البالغ 7.3 مليار جنيه إسترليني، وهو أمرٌ جيد بالنسبة لبلد تذيل مجموعة الدول السبع من حيث الاستثمار في 24 من أصل 30 سنة ماضية، وفقاً لتقرير أصدره معهد أبحاث السياسات العامة البريطاني الشهر الماضي.

وأشار التقرير، إلى أن آخر مرة وجدت فيها المملكة المتحدة نفسها في منتصف جدول ترتيب دول مجموعة السبع، من حيث إجمالي الاستثمارات، كانت عام 1990. ولو حافظت البلاد على وضعها ذاك على مدى العقود الثلاثة الماضية، لأضافت استثمارات بقيمة 1.9 تريليون جنيه إسترليني.

في غضون ذلك، يأتي ازدحام التمويل الخاص في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة، كما أشار رئيس وزرائها السابق توني بلير الثلاثاء، ضربة ثلاثية غير مرغوبة من الضرائب المرتفعة، والديون الثقيلة، والنتائج السيئة. بعبارة أخرى، لا يوجد حل سريع للمالية العامة. والإجابة الوحيدة القابلة للتطبيق للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي تواجهها البلاد، هي النمو المرتفع والدائم والشامل الذي يحترم القيود البيئية لكوكبنا.

وتشير تجربة النهج المماثلة التي اتبعتها بلدان أخرى، مثل سنغافورة، وكذلك في المؤسسات المتعددة الأطراف، مثل مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، إلى أربعة عوامل سوف تثبت أهميتها في تحديد نجاح مبادرة صندوق الثروة الوطنية الجديد.

أولاً، يجب أن تخضع المبادرة للحوكمة الفعّالة، بما في ذلك الفهم الواضح والصريح للتوازن بين الأهداف التجارية والاجتماعية والسياسية.

ثانياً، على الصندوق أن يعزز ويشجع في عملياته واتصالاته نوعاً من الشفافية، التي يتيح المساءلة الواضحة، والتعلم من التجارب السابقة، وتصحيح المسار في الوقت المناسب عند الحاجة.

والعامل الثالث يتضمن مستوى من الخبرة في الصناعة وهيكلة الصفقات، التي يمكن أن تتفاعل بشكل جيد، وتعزز تلك المتاحة في القطاع الخاص.

كل ذلك، إلى جانب العامل الرابع المتمثل في دمج أدوات ووسائل التمويل المشترك المصممة جيداً، هو ما يحقق الإضافة المنشودة بدلاً من مجرد تحويل الموارد واستبدال التمويل العام بالتمويل الخاص.

لقد اتخذت حكومة حزب العمال خطوة سياسية مهمة، الثلاثاء الماضي، تتسق مع وصفها للنمو بأنه «مهمة وطنية».

ومن خلال ذلك، فإنها تبني نوعاً من الزخم المبكر الذي، إذا استمر، سيجذب مشاركة فاعلة من القطاع الخاص على المستويين المحلي والدولي، تتجاوز إلى حد كبير المخرجات المباشرة لصندوق الثروة الوطنية الواعد. «بلومبيرغ»

* رئيس كلية «كوينز» في جامعة كامبريدج، ومستشار لشركتي «أليانز» و«غراميرسي»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4cxntc

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"