د. علي توفيق الصادق*
حسب مجلة الإيكونومست، فإن متوسط درجات معدل الذكاء البشري (IQ) يزداد بمرور الوقت في البلدان المتقدمة بمعدل ثابت مذهل يبلغ نحو 0.33 نقطة سنوياً، أو 3.3 نقطة كل عقد. يمكن تعزيز معدل الذكاء الخاص من خلال الانخراط في التمارين العقلية، وتبنّي عقلية التعلم مدى الحياة، والحفاظ على نمط حياة صحي، وممارسة اليقظة الذهنية، وشحذ قدرات حل المشكلات، وتنظيم الأفكار بشكل فعال، وإدارة التوتر، ورعاية الفضول.
اصبح الناس اليوم أكثر ذكاء مما كانوا عليه في الأجيال السابقة. ووجدت دراسة أجريت على 72 دولة أن متوسط معدل الذكاء ارتفع بمقدار 2.2 نقطة كل عقد، بين عامي 1948 و2020. ويُعرف هذا التغيير المذهل باسم «تأثير فلين» نسبة إلى العالم جيمس فلين، الذي لاحظه لأول مرة. كان فلين في حيرة من أمره في البداية من اكتشافه. لقد استغرق تطور الدماغ ملايين السنين. كيف يمكن أن تتحسن بهذه السرعة خلال بضعة عقود فقط؟ الجواب هو إلى حد كبير أن الناس أصبحوا يحصلون على تغذية أفضل وتحفيز عقلي. مثلما تحتاج العضلات إلى الطعام والتمرين لتنمو بقوة، يحتاج الدماغ إلى العناصر الغذائية المناسبة والنشاط لينمو. وأصبح الأطفال اليوم أقل عرضة للإصابة بسوء التغذية مما كانوا عليه في العقود الماضية، وأكثر عرضة للذهاب إلى المدرسة. ومع ذلك، لا يوجد مجال للرضا عن النفس.
وعلى مستوى العالم، (حسب مجلة الإيكونومست ) يعاني 22% من الأطفال دون سن الخامسة، نحو 150 مليون طفل، سوء التغذية إلى درجة التقزم. وهذا يعني أن أدمغتهم من المحتمل أن تعاني التقزم أيضاً. ويعاني نصف أطفال العالم نقص المغذيات الدقيقة، ما يمكن أن يعيق نمو الدماغ. ويمكن أن يؤدي سوء التغذية ونقص التحفيز إلى خسارة ما يصل إلى 15 نقطة ذكاء. وهذا له عواقب وخيمة: فقد وجدت إحدى الدراسات أن التقزم أدى إلى انخفاض الدخل بنسبة 25%.
وتبلغ الخصوبة أعلى مستوياتها في البلدان التي ينتشر فيها سوء التغذية على نطاق واسع. وما لم تتحسن التغذية، فإن الجيل القادم سيواجه تحديات معرفية أكبر من الجيل الحالي. وستكون هذه نتيجة وخيمة، بخاصة أنه من السهل تجنبها حيث يقدر البنك الدولي أن مكافحة سوء التغذية «على نطاق واسع» ستكلف 12 مليار دولار فقط سنوياً. وهذا يزيد قليلاً على ثلث ما تنفقه الولايات المتحدة الأمريكية على الإعانات الزراعية.
*مستشار اقتصادي
