عادي

نظام صحي كوبي متطور

02:56 صباحا
قراءة 3 دقائق
دون فيتز*

استطاعت كوبا إنشاء نظام رعاية صحية، أقلّ تكلفة من النظام في الولايات المتحدة، بنسبة تزيد عن 80%، مع متوسط عُمْر مُساوٍ تقريباً.
عندما تولت الحكومة الثورية في كوبا زمام الأمور في عام 1959، كان ملايين الكوبيين دون رعاية صحية. وكان الهدف في السنوات من 1959- 1964، هو التغلب على الأزمة في توفير الرعاية الصحية، عندما رحل نصف الأطباء عن الجزيرة. وخلال النصف الثاني من العقد (1964- 1969)، شرعت كوبا في إعادة تصميم الطبابة لتصبح نظاماً شاملاً. وقد أنشأت نموذجاً للدول الفقيرة غيّر الطبَّ إلى الأبد. وأنجزت غالبية ذلك بوضع العيادات العامة في صُلب تقديم الرعاية.
يشير مصطلح «العيادة العامة» إجمالاً إلى مرفق صحّي يقدم الخدمات للمرضى الخارجيين (أي الذين يترددون على العيادات أو المستشفيات للعلاج أو التشخيص دون مبيت).. وفي عام 1961، بدأت وزارة الصحة العامة في كوبا، دراسة توحيد الطبّ الوقائي والعلاجي. وفي مايو 1964، فتحت أول عيادة عامة متكاملة. وفي العام التالي، عمَّمت الوزارة النموذج في جميع أنحاء كوبا.
كانت هيئة الموظفين في العيادات العامة الجديدة، تضم على الأقل طبيباً عامّاً ممارساً، وممرضة، وطبيب أطفال، و طبيباً للتوليد وأمراض النساء، وعاملاً اجتماعياً. وكان الممرضون والعاملون الاجتماعيون، يقومون بزيارات منزلية. وكان الموظفون يقدّمون الخدمة لأماكن العمل، والمدارس والمجتمعات المحلية. وشملت الخدمات المقدَّمة حملات صحية مثل برامج التحصين الجماعي، وجهود مكافحة الملاريا وحمّى الضَّنْك.
وقد بدأ التحصين بعد فترة قصيرة من الثورة؛ ولكن هيكل العيادات العامة المتكاملة، زاد من فاعليته بدرجة هائلة. في عام 1962، تم تحصين جميع الأطفال دون سن 15 عاماً ضدّ شلل الأطفال في 11 يوماً. وفي عام 1970، استغرق الأمر يوماً واحداً للقيام بالجهد ذاته. وتمّ القضاء على الملاريا عام 1967، وكذلك الدفتيريا (الخناق) بحلول 1971.
وكان موظفو العيادات ينسقون برامج الرعاية الأولية (رعاية الأمومة والطفولة، والرعاية الطبية للكبار، وطب الإسنان)، بالإضافة إلى الصحة العامة (مكافحة الأمراض المُعدية، والخدمات البيئية، ومراقبة الأغذية، وخدمات الصحة المدرسية، والطب المهني وطب العمل). وبالإضافة إلى الجمع بين الطب الوقائي، والطب العلاجي، كانت العيادات العامة المتكاملة توفر مجموعة كاملة من الخدمات في موقع واحد، وتنسّق الحملات المجتمعية، وتوفر الخدمات الاجتماعية إلى جانب الخدمات الطبية. والأهمّ هو أنها كانت توفر نقطة دخول واحدة إلى النظام، مما يتيح سجلاً كاملاً للتاريخ الطبّي للمرضى.
وقد زادت جهود ما بعد عام 1965، مدارس التمريض، بالإضافة إلى التدريب لمساعدي الممرضين، وفنّيي أشعة إكس، وفنيّي المختبرات، والاختصاصيين في علم الصحة، ومساعدي أطباء الأسنان.
كما عالجت وزارة الصحة عدم التوازن في عدد ونسبة ومواقع المرافق الصحية. كان 22% من الكوبيين يعيشون في العاصمة هافانا، التي كانت تضم معظم أسرّة المستشفيات في البلاد. وكان الجزء الشرقي من الجزيرة، الذي يضمّ عدداً أكبر من السكان السود، موطناً ل 35% فقط من جميع الكوبيين، لكنه لا يضم سوى 15.5% من الأسرّة .
يُظهر العقد الأول من الثورة الكوبية، أنه إذا جرى توزيع الموارد المحدودة بطريقة عادلة، يمكن أن تحدُث معجزات طبية. وكان مفتاح الثورة الطبية في كوبا (أ) التفاني والعمل من قِبل جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية في إطار (ب) هيكل مجهَّز جيداً وضعتْه وزارة الصحة العامة مع (ج) تطبيق غير مركزي للحملات الصحية من قِبل العيادات العامة المتكاملة بالتنسيق مع المنظمات المجتمعية.

*عضو هيئة تحرير مجلة «الفكر الاجتماعي الأخضر»، وكان مرشحاً لمنصب حاكم ولاية ميسوري الأمريكية عام 2016. موقع: «كاونتر بانش»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"