«كورونا» وإخوانه من السياسيين

02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

هناك تقديرات رسمية «إسرائيلية» بأن عدد اليهود المصابين بفيروس كورونا يتعدى المئة ألف لكن بطء الفحوص هو السبب في عدم كشفها.

ثلاثة قادة أثاروا الضجيج الشخصي في ظل أزمة الجائحة، أي حاولوا استخدامها لأغراض شخصية سياسية، وبعضها انتخابية، وهم حلفاء في ما بينهم، وكأنهم قرأوا على معلّم واحد، وما زالوا يحاولون إلقاء مسؤولية فشلهم في مواجهة الجائحة على غيرهم، مع أنهم متهمون باللامبالاة تجاه الفيروس في البداية، كان منهم على سبيل المثال لا الحصر جاير بولسونارو رئيس البرازيل عدو الغابات الذي ما زال يرفض اتخاذ خطوات وقائية ضد الوباء، وبنيامين نتنياهو، حيث حاولا ركوب الفيروس كمطية لتسويق سياساتهم.

حاليا يتصدر نتنياهو هؤلاء، فهو الخبير المناور المشهور، وقد قلل من خطر الفيروس المستجد إبان حملته الانتخابية، وزعم أنه يقترب من التوصل إلى لقاح للعلاج من الوباء، بينما كان يقصد تطيير اسمه عبر الآفاق بكونه فارساً منقذاً للأرض من الفيروس، وطمأن الناخبين عشية الانتخابات بأن لا خطر في خروجهم للاقتراع، وغداة انتهاء الاقتراع سارع إلى عقد مؤتمر صحفي أعلن خلاله النفير ضد الفيروس، واعتبره وباء فتاكاً.

وتبين أن نظامه الصحي الذي طالما تفاخر به قد انهار تحت وطأة انتشار الفيروس، ولذلك فإن نتنياهو شخصياً يتحمل المسؤولية في انتشاره، حيث سمح لطائرات بنقل ركاب من نيويورك الموبوءة من دون إخضاعهم للحجر الصحي، لأنه لا يريد إغضاب حلفائه من الأحزاب الدينية المتطرفة، ولما اعترض مسؤولون في وزارة الصحة التي يتزعمها أحد قادة الأحزاب الدينية الحريدية المتطرفة، ولا علاقة له بالصحة، اضطر نتنياهو إلى إخضاع القادمين للحجر، بينما أصيب وزير الصحة بكورونا، ووضع في الحجر الصحي. وتفاخر نتنياهو بأنه حصل على مسحات للفحص، وأنه سيحصل على معدات للتنفس الاصطناعي، وكمامات وغيرها، وتبين أن المسحات غير صالحة، وأن «الموساد» فشل في توفير معدات من السوق السوداء بمساعدة العصابات الدولية، ولما سئل وزير الحرب عن اللجوء إلى العصابات قال هذا ما يحدث في العالم ونحن جزء منه.

لكن نتنياهو الماكر نجح تحت جنح الجائحة في تفكيك معسكر معارضيه، فتشظى معسكر الجنرالات إلى ثلاثة أحزاب، وانقسم تحالف اليسار بين ميرتس والعمل ومرشحة من أصل مغربي إلى ثلاثة أجزاء بهدف تشكيل حكومة طوارئ لمواجهة الكورونا، لكن العقبة الكأداء أن نتنياهو يريد أن يمسك بزمام التغييرات القضائية لينجو من المحاكمة بتهمة الفساد، وهذا سبب فشل تشكيل الحكومة، وقد حاول بعض المسؤولين «الإسرائيليين» تحميل الفلسطينيين مسؤولية تفشي الفيروس، وأعلنوا أنهم بصدد فرض حظر تجول على بيت حنينا وبيت صفافا في القدس، لكن مسؤولين في الصحة نفوا أن تكون الأحياء العربية بؤراً للفيروس، بل بذلت سلطات الاحتلال كل قوتها لمنع نشطاء فتح من تعقيم البلدة القديمة، أو إقامة مراكز طبية، واعتقلت وزير شوؤن القدس، ومحافظ القدس، وتطارد أمين سر فتح في المدينة لاعتقاله.

فالاحتلال هو الذي ينقل الفيروس إلى الفلسطينيين بمنحه تسهيلات النوم للعمال ورفضه فحصهم قبل إعادتهم للضفة، حيث إن بؤر تفشي الفيروس في الضفة جاءت من عمال خالطوا يهوداً، وعدد الحالات في الضفة وغزة لا يتعدى 300، بينما قارب العشرة آلاف لدى الاحتلال، وهناك تقديرات رسمية «إسرائيلية» بأن عدد اليهود المصابين يتعدى المئة ألف، لكن بطء الفحوص هو السبب في عدم كشفها.

من جانبه، أظهر الرئيس الأمريكي أنه على قاب قوسين أو أدنى من إيجاد عقار شافٍ من كورونا، وسخر من تفشي الفيروس في الصين، وقلل من خطر انتشاره في بلاده، ودعا إلى مواصلة العمل، لكن عندما انتشرالفيروس بقوة في الولايات المتحدة، حاول تحميل مسؤولية ذلك إلى سلفه أي إدارة الرئيس أوباما، واتهمها بسن قوانين تعرقل توفير ميزانيات في قطاع البحوث الطبية الصحية، لكن الإعلام عارضه، واتهمه بأنه أهمل البحوث الطبية الصحية، وسارع ترامب إلى سلاح الاتهام للصين، واتهمها بأنها أخفت معلومات عنه، ثم تساءل: لماذا يصاب الأفارقة أكثر في بلاده! وهو تساؤل ليس في محله، حيث نجد أن الدول الإفريقية أقل معاناة من الفيروس، لكن سبب انتشاره بين الأفارقة الأمريكيين يرجع إلى قلة التوعية بين السود ليس إلا، فالرجل يريد لوم الآخرين على تفشي المرض في بلاده، وقفز إلى اتهام منظمة الصحة العالمية بالانحياز للصين، وعدم تزويدها واشنطن بالمعلومات، وهدد بوقف ميزانيتها. وبالخلاصة، فإن نتنياهو وترامب ظناً أن الفيروس سيكون حليفهما، لكن يبدو أن العكس هو الصحيح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"