الإرهاب الإلكتروني.. نووي العصر

05:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلطان حميد الجسمي

قبل عقد من الزمن كانت الحروب تشنها الدول بالجيوش، والاستخبارات، والأسلحة الثقيلة، أما اليوم فقد اختلفت هذه المفاهيم وتطورت، وأصبحت الحروب تلبس أثواباً جديدة مع ظهور التكنولوجيا والتقنيات، فصارت أكثر خطراً على الدول، وأصبحت هناك الحروب الإلكترونية التي تفكك المجتمعات، وتدمر المؤسسات، وتعمل على تحريض الشعوب على الحكومات. فالاحتلال الأمريكي للعراق كان آخر الحروب التي تستخدم فيها الجيوش في القرن الحادي والعشرين لاحتلال الدول حتى الآن، فدخل الأمريكان العراق مخبرين في بداية الأمر، ومن ثم محاصرين اقتصادياً وسياسياً، وبعدها دخلوا بالجيش والأسلحة الفتاكة، ما ترك العراق مثخناً بالجراحات والأزمات الداخلية، ولكن مع العولمة الإلكترونية وتوسع شبكات الإنترنت في العالم وثورة مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الحرب الإلكترونية اليوم تتصدر المخاوف الدولية، كما فعل «داعش» في العراق وسوريا باستخدامه أحدث الوسائل الإلكترونية لتجنيد قوات «داعش» المرتزقة، فإن مسلحي «داعش» وبأكثر من 90% قد تم استهدافهم عن طريق شكبات الإنترنت وصفحات المواقع التواصل الاجتماعي، وقدموا من جميع أنحاء العالم عن طريق ذلك.
تسعى الدول اليوم إلى محاربة الإرهاب الإلكتروني، لأنه من الأسلحة الفتاكة التي تدمر الشعوب، وتنشر كوارث وخيمة في المجتمعات، ومن أهم هذه الكوارث تجنيد الشباب والشابات عن طريق الشبكات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، «فالداعشية» الألمانية «ليندا وينزيل» ابنة السادسة عشرة التي تم القبض عليها في يوليو/‏تموز الماضي في أحد أحياء الموصل مع مرتزقة من قوات «داعش» والتي تنتظر اليوم حكم الإعدام، قد غرر بها عن طريق شبكات الإنترنت، فأوهموها بزواج، وسفر، وجهاد، وجنة، وحياة الخلود في الآخرة، وأغروها أيضاً في الدنيا بالحياة السعيدة، والمستقرة، والوعود المزيفة التي يضحكون بها على عقول الشباب، وبدأت قصتها بتشدد، وتعصب مع أصدقائها الذين تعجبوا من فعلتها، ومن ثم سرقة جواز سفر أمها خلسة، وسافرت من ألمانيا إلى تركيا إلى الأراضي السورية وبعدها إلى «داعش» في العراق، لتجد نفسها بين أيدي مرتزقة «داعش»، وكان دورها أن تعمل قناصة تقتل الأبرياء من الشعب العراقي، وبهذه الطريقة تم تجنيدها إلكترونياً عن طريق شبكات الإنترنت، ما يدل على خطورة الإرهاب الإلكتروني الذي يستهدف بشكل كبير الشباب في العالم.
لابد أن يدرك العالم أن الحروب القادمة غير تقليدية، حروب التكنولوجيا والتقنيات والفضاء الإلكتروني، وهي الأكبر ضرراً على المجتمعات.
ومن الأنواع الأخرى للإرهاب الإلكتروني المنتشرة اليوم القرصنة الإلكترونية، وهي من أكبر المخاطر التي يشهدها العالم، فبالقرصنة الإلكترونية تستطيع الدول والعصابات سرقة معلومات دقيقة، كمخططات الأسلحة النووية، والتجسس على القرارات السرية للدول، وسرقة البيانات التي تكون في غاية السرية، وتستخدم هذه المواد في التشهير بالدول في المحافل الدولية، وأيضاً تضغط على الحكومات، وتبتز المؤسسات ورجال السياسة والاقتصاد.
وفي وقائع كثيرة حول العالم أيضاً تتم القرصنة إلكترونياً على البنوك، التي تعد من الأمور الخطيرة، وبسببها قد تعلن البنوك إفلاسها، وتتم عمليات غسل أموال كبيرة، فبسبب دخول القراصنة أنظمة هذه البنوك، وفك الشفرات وتحويل هذه الأموال إلى بنوك، تستطيع أن تجعل هذه الأموال نظامية، ومن ثم تحويلها، وجعلها في أرصدة تتمتع بقوة مالية، وتعتبر هذه العملية من أخطر الجرائم الإلكترونية، والأكثر تداولاً في دول العالم، وتكون بدعم المافيات العالمية وقوى الشر.
وفي المسعى الدائم لدولة الإمارات في محاربة مختلف صور الإرهاب الإلكتروني والجرائم الإلكترونية أطلقت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تقريراً بعنوان «العالم العربي على الإنترنت 2017»، وجاء في هذا التقرير أن أكثر خمسة مخاوف لاستخدام الإنترنت في العالم العربي هي الإرهاب الإلكتروني، والجرائم الإلكترونية، والتسلط عبر الإنترنت، ونشر الأخبار الوهمية، والاستغلال التجاري، وأشار التقرير أيضاً إلى أن مستخدمي الإنترنت في العالم العربي في تزايد بشكل ملحوظ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"