جاد الخوري.. «يخربش» أبنية بيروت

يتبع أسلوب الفن الحضري
03:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
بيروت: سهيلة ناصر

ارتأى جاد الخوري (29 عاماً) أن يحاكي المدينة بأبنيتها وجدرانها متبعاً أسلوب الفن الحضري، متميزاً عن رسامي الشارع ليعطي البعد الجمالي والإضاءة على مشاكل المدينة وأحوالها عبر تسليط الضوء على الفكرة لموضوع محدد، يخلص من خلاله الى اداء مهمته كفنان يترك بصمته الخاصة وفق رؤياه الفنية ونظرته العامة الى الفن ومحاكاة المجتمع بأسلوب يليق بمتطلبات العصر.
استهواه طريق الفن وهو ما زال صغيراً، وتخصص في دراسة الهندسة الداخلية. قدّم مشاريع تعني المدينة وتترك تأثيرها العام، معتمدا على الفكرة بحد ذاتها التي تحوي تصوراً كاملاً يتم تنفيذه على امتداد شوارع المدينة وجدران مبانيها، وهذا ما يميز أسلوب الفن الذي يتبعه عن «فن الجرافيتي»، كما يوضح، مضيفاً: ان هذا الفن يقوم على مفهوم الفنان اثبات ان الشارع ملك عام للجميع كي يعبّر عن فكرة راودته. عدا انه فن لا يصلح لكل البلدان ومنها لبنان، حيث لا مجال للمقارنة مع الدول الاوروبية مثلا، التي تعيش وفق نظام القوانين الصارمة واحوالنا ليست بأفضل حال.
بأدوات عدة بسيطة من بخاخ السبراي، قام بمبادرة فردية، منذ سنتين، من خلال مشروع «قطعة الحرب». انطلق متسلقا بالحبال أبنية شاهدة على ويلات الحرب اللبنانية، يحوّل جدرانها إلى لوحات تنطق جمالاً وفناً. تزرع البهجة بشخصيات مبتكرة من بنات افكاره تحل مكان ثقوب القذائف «التي لا انظر اليها كأحجار متصدعة او ابنية مدمرة، بل انها تجسّد المشاكل التي نعيشها من آثار الحرب وبصماتها السوداوية في الذاكرة الجماعية اللبنانية، علينا ان نواجهها بالفن من خلال الاضاءة عليها» يقول الفنان، مضيفا: استعمل الألوان القوية مثل اللونين الاحمر والأزرق، وهكذا احوّل الذكرى الأليمة إلى رسم لشخصيات، فتأخذ فتحة القذيفة عين الشخص او شكل الفم، على أمل ان نملك القدرة على حلها.
فكرة «قطعة الحرب» اتت استكمالا لمشروع سبقه، الذي يأخذ مكانه منتصباً في «شارع الحمرا» الرئيسي في العاصمة، بعنوان «الرجل الوحيد»، يعيش عزلته عن المجتمع إلى جانب جدار أحد المباني المليء بشخصيات تمثّل المجتمع. ويوضح: يمثل اكثرية الشباب المنهك من مشاكل المجتمع، من لبنان إلى الكويت هاجر الفنان بمشروعه فأخذ شكل الرجل بالزي الخليجي جدار احد الأبنية محاولا الانخراط في المجتمع، كما العمل على تنفيذ مشروع «المرأة الوحيدة» هناك حيث تناول العزلة التي يفرضها المجتمع على المرأة، مشيراً إلى أن «لكل بلد خصوصية لفكرة ما يجب مراعاتها انطلاقا من اجواء كل بلد».
يدرك الخوري أن أعماله على جدران الأبنية قد تكون عرضة لعوامل بشرية او طبيعية، من هنا يعمل وفق مقولة «عطاء بلا مقابل»، يقول: ليس المهم مدة صمودها، بقدر الفرحة التي المسها ايجابا عند الناس الداعمة والمؤيدة، منهم من يرى فيها ذكرى أليمة او عبرة، مقابل قلة غير مشجعة، فالتأثير يخضع للانسيابية. من هنا يعمل الفنان على نقل أفكاره في الشارع إلى معرض أو جدران منازل، أحولها إلى اعمال فنية بهدف انتشار الفكرة بشكل اوسع وبالتالي توثيقها، وذلك من خلال استخدام مواد وتقنيات خاصة مثل التصوير، التجهيز، الطباعة بالشاشة، الرسم على القماش، والحبر على الورق، وقد بلغ عدد معارضه الفردية ثلاثة بخلاف مشاركته بمعارض جماعية عديدة. عن معرضه القادم، يشرح الخوري أنه يتناول تيمة «التواصل»، كعلاج نفسي من العزلة وآثار الحرب وذلك بعد مواجهة المشاكل، لا بد من ان يأتي التواصل مع الذات والمشاعر الداخلية لتكمل الحياة دورتها. سيتم التعبير عنها بتجهيز خاص وصور ورسوم شخصيات تبدو من بعيد وكأن الشخص يحدّق في الفضاء، لتبدو على الحقيقة انها جمهرة من الناس في محاكاة للتواصل هذا».
وصل الخوري بأعماله إلى دول عديدة منها البحرين وباريس، وعرضت أعماله لمدة شهر في مدينة البندقية، بعدما حلّ ضمن المتبارين الخمسة لنهائي المسابقة الدولية «آرت لاجونا» عن فئة الفن الحضري. في جعبته العديد من الأفكار لمشاريع ابداعية يتحفظ عن الغوص في تفاصيل البعض منها وإحداها مشروع قيد التنفيذ عن «حوار بين الهندسة المعمارية التقليدية والحديثة في لبنان». كما يشارك ضمن فعاليات الركن المخصص للأطفال في معرض أبو ظبي للكتاب الحالي، في ورش عمل «فن الخربشة»، حيث سيعمد الى تزويد الاطفال بوسيلة للتعبير تسلّح فيها منذ الصغر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"