«راكين».. مقر «لافت» للبيوت الأردنيةالعتيقة

تحافظ على متانتها وعبق تاريخها
05:45 صباحا
قراءة دقيقتين
عمّان: «الخليج»

تُعرف بلدة «راكين» في محافظة الكرك جنوبي الأردن، بأنها قصبة البيوت القديمة التي ما زالت تحافظ على متانتها، وعبق تاريخها.
تقع البلدة على الطريق الملوكي القديم، وتبعد إدارياً نحو 18 كيلومتراً عن مركز المدينة في المحافظة، وتضم 7 أحياء رئيسية أبرزها: قرنفلا والوسيلة والبويب وحي راكين، الذي يُعد المركز الأساسي للبلدة.
يقطن البلدة 15 ألف نسمة، ويوجد فيها نحو 7 آلاف بيت ومحل ومرفق ومؤسسة ومدرسة ومقار رسمية وخاصة، جميعها تتسم بخصوصية البناء القديم المعتمد في عصور مضت، مع إضافات محدودة، واتباع أعمال الترميم والصيانة، دون المساس بالشكل الرئيسي.

يؤكد الباحث التاريخي سليمان القوابعة في كتابه عن المدن الأردنية الجنوبية، أن بلدة «راكين» تكاد تكون الأقدم جنوبي البلاد، وفيها مئات البيوت التي شُيّدت قبل 1200 سنة، واعتمدت على الصخر الحجري الحاد المُستخدم في بناء القلاع في عهد الأيوبيين والعباسيين والعثمانيين، وعندما سكنها الأردنيون في العهد الحديث، انتهجوا السياق ذاته، وهم يرفضون إدخال تعديلات تمس الفناء الواسع، والغرف الكبيرة، والنوافذ المُشابهة للإطلالات في الحُصن، والأسطح ذات التيجان المقوّسة.
ويقول القوابعة: «في هذه البلدة يبدو كل شيء مختلفاً، بمجرد ولوج شارعها الرئيسي والمرور بين سككها، فهناك استخدام ملموس للتقنيات الحديثة في التعامل مع الحياة، ضمن أجواء تعبق بالتاريخ والأصالة، والناس ما زالوا يحتفظون بعادات وتقاليد تفصيلية، ابتداء من الولادة حتى الموت».
ويشير إلى احتواء البلدة على مدرسة راكين الأقدم في المحافظة، التي كانت مقصداً للدروس الأولية قبل تحويلها إلى ثانوية عام 1952، ومسجد راكين الأقدم في المحافظة كذلك، وهناك أندية ثقافية واجتماعية أبرزها يحمل اسم الزيتونة، نسبة إلى شجرة الزيتون الأكثر زراعة في الأراضي المحيطة بالبلدة.
وحسب مراجع سياحية تُعد راكين واحدة من أجمل بلدات محافظة الكرك، بسبب تمتعها بسهول شاسعة، وتميزها بموقع يرتفع نحو 1100 متر، عن سطح البحر، وهي أعلى نقطة سكانية في المدينة، وتطل على البحر الميت والضفة الغربية في فلسطين، ويستطيع سكانها رؤية أنوار القدس.
ورغم امتلاك أغلب سكانها للأراضي الزراعية، التي تُعد مصدر عملهم الرئيسي، إلاّ أن أشجار الزيتون والكرم والعنب، موجودة داخل باحات المنازل القديمة أيضاً، حتى الذين غادروا للسكن في عمّان؛ بسبب ظروف وظائفهم، يرفضون التخلي عن بيوتهم، ويعودون إليها أسبوعياً، أو خلال الصيف على الأقل.
ويؤكد علي الحباشنة أحد وجهاء البلدة أن السياح يقصدون راكين باعتبارها جزءاً أساسياً من رحلتهم في المحافظة، ويتعجبون من بناء منازلها من أحجار شبيهة بالقلاع والحُصون، واشتمالها على مرافق مشتركة دون تغيير.
ويلفت الحباشنة إلى عدم وجود مبانٍ حديثة في البلدة، باستثناء فروع مؤسسات محدودة، وأغلب المحلات والمؤسسات الرسمية والخاصة، تعمل في مقار قديمة صلبة تشبه المتاحف.
ويقول: «تقلد كثير من أبناء البلدة مناصب رفيعة في البلاد، بينهم وزراء وأعضاء في البرلمان والأعيان والقوات المسلحة، وهم يلتقون في البيوت القديمة خلال إجازاتهم، ويمضون أياماً تقليدية اعتيادية مع سكانها».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"