إدراك متأخر

01:38 صباحا
قراءة دقيقتين
أبوظبي: آية الديب

وقف أمام المرآة يستحضر كيف كان يتمنى إنهاء علاقته بزوجته يوماً ما، وكيف كان يتأفف من حركة طفله في المنزل ومشاغبته له، فمشاكله مع طليقته كانت تزداد يوماً تلو آخر، بل وصل الأمر إلى تجرؤ كل منهما على إهانة الآخر، وبمرور الوقت انكسرت العشرة وفشلت محاولات قسم التوجيه الأسري في دائرة القضاء في الصلح بينه وبين طليقته وتفرقت العائلة.
صراع من الأفكار حرمه النوم، وكاد أن يفتك برأسه ولم يستطع أن يمسك دموعه، فآخر ما كان يتوقعه هو أن يقتله الحنين إلى حياة كان ينتظر اليوم الذي سيتحلل من قيودها فيه، فتبعات الطلاق التي طالما أعد لها لا تقتصر على نفقات الحضانة وحقوق زوجته، بل كانت تشتت طفله بينهما، وحرمانه من رؤية صغيره ينمو أمام عينه، وشعر بأنه لو أن الزمن يعود به لكان قد حاول احتواء المشكلات التي نشبت بينه وبين زوجته بأي وسيلة، واضعاً أمام عينيه الحفاظ على مصلحة طفله.
إدراكه بأن الخاسر الوحيد في معركته مع طليقته هو طفله جاء متأخراً، فطليقته تزوجت برجل آخر، وهي الآن في انتظار مولود من زوجها الجديد، وطفله منها تبدلت حاله، فبعدما كان طفلاً لماحاً يهوى اللعب وممارسة الرياضة واكتشاف كل ما هو جديد، أصبح منطوياً قليل التحدث، ذا عينين يملأهما الحزن، وتعابير وجهه تفوق عمره بسنوات.. حينها سيطرت على فكره استعادة صغيره وضمه إليه بأي شكل، فهو لا يقبل أن يحتل مكانته كأب أي شخص آخر. قد لا يحب طفله ويقسو عليه في معاملته، وإذا خابت ظنونه وأحسن معاملة طفله، فإن صغيره سينساه بمرور الوقت وربما تغرس طليقته وزوجها في نفس الطفل كره والده.
لم يتردد الزوج في رفع دعوى قضائية طالب فيها بإسقاط حضانة زوجته لصغيرهما وضمه له على اعتبار أنها لم تفكر في صغيرهما، وقررت بدء حياه جديدة وتزوجت من رجل أجنبي، وطالب مطلقها في دعواه بإلزامها برد 20 ألف درهم كان قد دفعها أجرة منزل، كما طلب وقف أجر الحضانة وقدره 2000 درهم ونفقة الصغير بمبلغ 2000 درهم كذلك، وأكد أن طليقته بعد زواجها برجل آخر أهملت رعاية صغيره، وأصبحت كثيرة الأسفار خارج الدولة.
كل من محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف رفضتا دعوى الأب، فطعن على الحكم بطريق النقض، مؤكداً أن طليقته تترك صغيرها مع الخادمة وتسافر خارج الدولة مع زوجها من دون علمه، وأنها غير أمينة على الطفل، ولا تستطيع رعايته، وأن الطفل كثير الغياب عن المدرسة، فضلاً عن أنها تقيم في منزل زوجها الجديد، ولا تستفيد من أجرة مسكن الحضانة التي قدمها لها.
المحكمة الاتحادية العليا أكدت أن شروط الحاضنة هي أن تكون خالية من زوج أجنبي إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك، وأن مصلحة الطفل هي بقاؤه مع أمه، ولاسيما في ظل الحالة المرضية التي يعانيها، وفي ما يتعلق بأجرة مسكن الحضانة ألزمت المحكمة الاتحادية العليا الزوجة برد قيمة أجرة المسكن، وتكاليف المياه والكهرباء التي كان يدفعها بواقع 500 درهم شهرياً، ابتداء من تاريخ زواجها الجديد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"