«الدرور» عودةذكية إلى حسابات الأجداد الفلكية

الفجيرة تستخدمه في تحديد حالات الطقس
04:22 صباحا
قراءة 5 دقائق
الشارقة: محمد حمدي شاكر

في زمن لم تكن فيه هيئة للأرصاد الجوية، ولا وجود للشبكة العنكبوتية يعرف من خلالها الناس أخبار الطقس والحسابات الفلكية والتوقيتات المختلفة، وكانت الحياة غير معلومة إلى حد كبير، كان توقع حالة الطقس وفصول السنة هو الهاجس الرئيسي لأهل البر والبحر على حد سواء.
كان لابد من اختراع طرق تناسبهم لمعرفة كل ذلك، ولم يكن هناك شيء أكثر من مواقع النجوم لتحديد حركة الطقس ودخول الشتاء ومواسم العواصف، ولهذه الغاية ابتكر الأجداد حساباً فلكياً سُمى ب«حساب الدرور»، يعرفه كبار السن من المواطنين والخليجيين، لكنه يختلف باختلاف المناطق، إلا أنه يبقى واضحاً لأهل الإمارات، والكثير من أبناء الجيل الجديد لا يعرفه، وبالتالي أخذ طريقه للنسيان إلى أن قامت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام وبتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة بعمل تطبيق على أجهزة الأندرويد وأبل حتى يتسنى للجيل الجديد معرفة تاريخ الأجداد بالطرق الذكية مواكبة لما تقوم به حكومة الإمارات.
روزنامة الإمارات
بشكل مبسط «حساب الدرور» نظام فلكي قديم في المنطقة يعمد إلى تقسيم أيام السنة بشكل عشري إلى «36» قسماً، كل قسم عشرة أيام تعرف «بالدّر»، ويبدأ هذا الحساب بطلوع نجم سهيل عند منتصف شهر أغسطس من كل عام، ويٌعرف كل دّر بالمجموعة العشرية التي ينتمي إليها فيقال «العشر، والعشرين والثلاثين، وهكذا إلى المائة الثانية، ثم يعاد إطلاق العشر والعشرين والثلاثين مرة أخرى».
ويوجد بتقويم الإمارات السنوي «روزنامة الإمارات» خانات مربعة بالأسفل تحتوي على الدلو 23، سهيل 179، ذابح 2، ما يعني أننا في اليوم 179 من السنة «بعد ظهور نجم سهيل» ما يعني نحن في السبعين من المئة الثانية اليوم التاسع، وهكذا حتى آخر يوم بالسنة وظهور نجم سهيل مرة أخرى.
وتحسب الدرور تصاعدياً من الدر الأول للمئة «أول المية، ثاني المية، إلى عاشر المية، ثم أول التسعين ثاني التسعين، ثالث التسعين، ثم در الثمانين، بعده السبعين، وهكذا من در إلى آخر» حتى نكمل 100 يوم، وعندما ننتهي من عاشر العشر حتى تعود الحسبة تصاعدية، من العشر إلى المئة، وبعد أن نكمل مئة يوم أخرى وينقضي من السنة 200 يوم، نعود تصاعدياً من أول العشر إلى عاشر المئة، ثم تصاعدياً مرة أخرى إلى عاشر الستين، وهكذا تكمل السنة 300 يوم بالتمام والكمال، لتبقى آخر خمسة أيام، وهي ما يسمى محلياً «بالخمس المساريق» التي تكمل حساب الدرور للسنة كاملة، وعادة ما تكون من 9 إلى 13 أغسطس، لأن رابطة هواة الفلك الإماراتية حددت طلوع نجم سهيل يوم 14 أغسطس، وبالتالي تعود إلى السنة دورتها من جديد.
حسابات دقيقة
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن التطبيق وهدفه وسبب تفعيله والتفكير فيه، تحدثنا إلى حمدان كرم الكعبي مدير هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام المسؤولة عن التطبيق حيث يقول في بداية حديثه: «جاء تفكيرنا بعمل هذا التطبيق بناء على توجيهات من سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، والذي دائماً ما يهتم ويوجهنا بعمل برامج تراثية وتاريخية على شكل تطبيقات عملية حتى تصل إلى الجيل الجديد، وحتى يتسنى لهم الاستفادة منه، خاصة وأن حسابات «الدرور» دقيقة جداً وكان يستخدمها الأجداد ويعتمدون عليها بشكل كبير».
ويتابع موضحاً: «تنفيذ هذا التطبيق يأتي كمحاولة لإحياء الأشياء التراثية والاستفادة منها خصوصاً في الأماكن الصحراوية، فتلك الحسابات تعتمد على الفلك والطبيعة وتم تجريبها منذ سنوات عديدة بحكم المنطقة التي لم يكن فيها أية حسابات أو أنظمة لمعرفة التقويم بأوقات الزراعة وأوقات الأمطار، والتنبؤ بما سيحدث على المنطقة والأوقات التي يمكن التنقل فيها دون مواجهة الرياح والعواصف وما شابه ذلك».
وعن اختيارهم للشركة المنفذة والمعايير التي اتبعوها يقول: «هذه الشركة لها باع طويل معنا في العديد من التطبيقات إلى جانب عملهم لأكثر من برنامج ذكي على مستوى الدولة، ولديهم الخبرة العملية في التعامل مع أشياء دقيقة، خاصة وأن هذا التطبيق على وجه التحديد يحتاج إلى معلومات دقيقة مع عدم توافر معلومات مدونة رسمياً بشأن الدرور، ولكننا حاولنا التوفيق بين كافة الآراء خصوصاً ما تلقيناه من كبار السن والمحدودين بشكل كبير جداً».
وعن خطتهم لتوصيل التطبيق إلى أكبر عدد من المستخدمين وتوضيح أهميته، يوضح قائلاً: «نحن في مرحلة التدشين المبدئي حالياً لنتعرف من خلالها إلى وجود أية أخطاء ومعالجتها، وتدوين الملاحظات والمقترحات التي يمكن إضافتها، وأعتقد أن الوقت المناسب لطرحه رسمياً سيكون خلال فترة وجيزة لن تتخطى هذا العام، ومن ثم سنعلن عنه رسمياً من خلال الشوارع والصحف ومواقع التواصل المختلفة، خاصة مع اهتمام ولي العهد باستفادة الجيل الجديد من التراث وطرق الحسابات الفلكية قديماً، ومن ثم سينشر على مستوى الخليج وخاصة عمان لقربها منا وللطبيعة الجغرافية حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من الناس».

البر والبحر
عما إذا كان هناك نية لعمل برامج أخرى ترعى التراث والتاريخ من عدمه لتعريف كافة الأجيال العربية وليس المواطنين والمقيمين فحسب، يقول الكعبي: «بكل تأكيد عند نجاح وذيوع هذا التطبيق سيكون هناك تطبيقات أخرى كثيرة سنقوم بجمعها على منصة واحدة تابعة للهيئة تدعم مهمتنا في نشر الثقافة والمعرفة بين الناس».
وفي نفس السياق، تحدثنا إلى أحد مؤسسي شركة جي أي إس والمدير الإداري المسؤول على تنفيذ البرنامج د. فواز نديم حبال لنتعرف منه إلى التحديات التي واجهته لعمل هذا التطبيق، فقال في بداية حديثه: «بالفعل واجهنا تحدياً، خاصة وأن فكرة التطبيق صعبة للغاية ولا تعتمد فقط على الكتب والمراجع التاريخية، وإنما تعتمد على مقابلة كبار السن ممن عايشوا تلك المرحلة، وبالفعل تواصلنا معهم وعقدنا ورش عمل للتعرف أكثر إلى حساب الدرور وتحويل كلامهم لشيء تقني ذكي يفهم من خلاله الجيل الجديد فكرة هذه الحسابات».
ويواصل موضحاً: «يعتبر هذا التطبيق الذي يتحدث عن حسابات الدرور هو الأول من نوعه في المنطقة بل والعالم، ويعتمد عمله على الحساب تلقائياً وإلكترونياً مع التاريخ الميلادي، ووفقاً لما عرفناه فإن كل در به عشرة أيام بالشهر، وهناك فرق كبير بين حسابات الدرور في البر والبحر فالأيام في أبوظبي والخليج العربي يصل الدر فيها إلى 360 يوماً ويسمى بدر البحر، إنما في الفجيرة وسواحل عمان فإن الدر لا يتخطى ال100 يوم وهو در البر».
حلول ذكية
ويتابع قائلاً: «حاولنا في التطبيق عمل تنبيهات يتم إرسالها من خلال التطبيق تلقائياً عن الدر والحسابات المتوافقة مع اليوم، إلى جانب تطويره بربط التطبيق بهيئة الأرصاد والمواقع المختصة بالرياح والبحر حتى يعطي للمتلقي أخباراً وحالات عن كل هذه االظواهر».
ويضيف حبال: «استغرق التطبيق أكثر من 4 أشهر وهي الفترة التي جلسنا فيها مع كبار السن والخبراء، إلى جانب أقل من شهر في تنفيذه، وتواصلنا مع كل من «أب ستورز، أندرويد» واتفقنا على طرح التطبيق في أقل من شهر، وهذا لم يحدث في أي برنامج من قبل».
وينهي الحبال حديثه موضحاً: «نعمل في الشركة منذ 2013 ونختص بالحلول الذكية وتفرعنا من الإمارات التي كانت بدايتنا إلى روسيا والأردن، وجاءت الإمارات كمحطة أولى لكي نواكب التطور الذكي السريع بالدولة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"