دار الطوابع جدران تروي حكاية البريد

دار الطوابع بمنطقة البستكية في دبي تمنح زوارها فرصة هائلة للتمتع برؤية مختلف الطوابع الأكثر شهرة في عالم البريد خاصة تلك التي يوثق كل منها مناسبة ما أو حدثاً مهماً يرتبط بذاكرة أمة.وأنشئت الدار سنة 1996. وتديرها جمعية الامارات لهواة الطوابع، ما حولها الى مدرسة ذات اهداف عديدة، منها تشجيع هواية جمع الطوابع والعمل على نشرها، وتوثيق روابط التعاون والتعارف بين الهواة داخل دولة الامارات، بجانب تسهيل تبادل الطوابع، وإنجاز الأبحاث والمحاضرات وعقد الندوات والمعارض الخاصة حول هواية جمع الطوابع بالتعاون مع الجهات المختلفة بالدولة.المهندس أحمد محمود أحمد رئيس قسم المباني التاريخية في بلدية دبي يؤكد أن مبنى دار الطوابع المكون من طابقين في منطقة البستكية يعود الى بدايات القرن العشرين. ويحتوي على زخارف جصية تميزه عن غيره من المباني، مشيراً الى أن المبنى الذي يحتضن الدار أنشئ من سعف النخيل، الذي استبدل عام 1930 بالمواد التقليدية الحجرية من الشعب المرجانية والجص، وأضيف اليها بعض المرافق في عام 1965.عبدالله خوري رئيس مجلس ادارة جمعية الامارات لهواة الطوابع يؤكد أن دار الطوابع تستمد اهميتها من احتضانها لتاريخ البريد داخل الامارات الذي بدأ في 19 اغسطس/آب سنة 1959 عندما افتتح مكتب بريد الهند في دبي ضمن الوكالات البريدية بمنطقة الخليج، والذي كانت ادارته تتم في كراتشي من خلال ادارة البريد الهندية ليصبح بعد ذلك تحت اشراف البريد البريطاني حتى سنة ،1963 وخلال هذا العام أصبحت الخدمات البريدية مستقلة وتابعة لحكومة دبي، لافتاً الى أن بلدية دبي منحت الجمعية هذا المبنى التاريخي بمنطقة البستكية ليكون متحفاً للطوابع ومقراً للجمعية التي تأخذ على عاتقها تشجيع وتنمية هواية جمع الطوابع البريدية، والعمل على نشرها بالطرق والوسائل المختلفة وتوثيق روابط التعاون والتعارف بين هواة جمع الطوابع في الامارات، وتسهيل تبادل الطوابع، بجانب القيام بعمل الابحاث واعداد المحاضرات وعقد الندوات والمعارض الخاصة بهواية جمع الطوابع بالتعاون مع الجهات المختصة بالدولة، والمساعدة في تأسيس جماعات لهواة الطوابع بالمدارس والمعاهد والجامعات والأندية، واصدار المجلات والنشرات الدورية المتعلقة بجمع الطوابع وتوزيعها داخل وخارج الدولة، والتعاون مع الجمعيات والأندية العربية والعالمية لهواة جمع الطوابع بعد موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية وتوفير مكتبة للأعضاء لتمكينهم من الاطلاع والثقافة والمعرفة العامة.وأكد أن المتحف يضم اقدم ظرف بريدي اماراتي مرسل من دبي الى الهند سنة ،1910 موضحاً أن الطوابع التي كانت مستخدمة منذ بداية الخدمات البريدية هي طوابع الملك جورج الخامس في سنة 1911 من قبل الادارة الهندية، ثم استخدمت الطوابع الهندية، وفي فترة الاشراف البريطاني استعملت الطوابع البريطانية بعد أن تم توشيحها بالعملة المتداولة وهي الآنة والروبية، أما في بداية عام 1961 فاستخدمت طوابع الامارات في دبي فقط، واستمرت الى أن انتقل الاشراف على الخدمات البريدية الى حكومة دبي التي بدأت الطوابع التي تحمل اسم الامارة سنة ،1963 وبالنسبة لبقية الامارات استعمل مكتب بريد أبوظبي الطوابع البريطانية الموشاة بسعر الآنة والروبية وبقيت الطوابع متداولة حتى يناير/ كانون الثاني من عام 1967 وهو التاريخ الذي لا ينسى، لأن البريد في هذا التاريخ تحول الى خدمة مستقلة لحكومة أبوظبي على الرغم من اصدار حكومتها طوابع بريدية عادية منذ عام ،1964 وفي الأول من اغسطس/ آب عام 1972 وحدت الامارات الخدمات البريدية، واستخدمت طوابع عليها اسم دولة الامارات العربية المتحدة حتى تم صدور أول طوابع دولة الامارات العربية المتحدة في الأول من يناير/كانون الثاني سنة 1973.وعن تاريخ البريد يشير رئيس مجلس ادارة جمعية الامارات لهواة الطوابع إلى أنه عرف منذ عهود سحيقة حيث كانت الرسائل إما شفهية أو مدونة تنقل بواسطة سعاة، مؤكداً أن أول خدمة بريد منظمة عرفت في الصين قبل حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وفي مصر خلال القرن الثاني قبل الميلاد. وهناك اعتقاد وعلامات مهمة لتواجد خدمات بريدية منظمة ما بين مصر وسوريا في الماضي.وقال خوري إن اقدم الرسائل الموجودة تتمثل في ألواح الطين ثم حرقها وتجفيفها، إذ حفرت عليها النقوش ووضعت في اظرف من طين كانت ترسل عن طريق البلاط الملكي، والتجار، والأفراد العاديين في كبادونيا آسيا الصغرى وترجع الى ما بين 3 آلاف و1500 سنة قبل الميلاد، مشيراً الى أن اقدم أدوات الكتابة بغض النظر عن الطين المجفف تمثلت في نوع من ورق البردي استعمله المصريون القدامى سنة 1300 قبل الميلاد وهو نوع من الورق الشفاف المصنوع من لب ساق القصب، واستخدمه الاغريق والرومان فيما بعد واستخدم حتى القرن السادس الميلادي.وأوضح خوري أن اقدم نظام نقل بريد في العالم عرف في بلاد الفرس خلال عهد داريوش العظيم سنة 539 قبل الميلاد، وذلك عن طريق سعاة بريد كانوا يركبون الخيول ليقوموا بنقل أوامره وتعليماته الى قادته معتمداً على بيوت للبريد مشيدة في كل أرجاء الامبراطورية، وكان يتم استبدال الفرس بآخر في كل محطة على طول الطريق حتى وصول البريد الى وجهته.وأكد أن دار الطوابع تعرض أول طابع بريدي في قارات العالم مثل أول طابع بريد في اوروبا، وصدر في بريطانيا سنة ،1840 وأول طابع بريد صدر في مصر سنة ،1866 وأول طابع بريد في قارة آسيا وصدر في الهند وتحديداً في اقليم السند في الأول من يونيو/حزيران سنة ،1852 وأول طابع بريد صدر في جزر هاواي سنة 1951. بجانب عرض أول طوابع بريدية صدرت في افريقيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية.ويقول محمد شمس الدين السكرتير التنفيذي بجمعية الامارات لهواة جمع الطوابع إنه يعمل مرشداً لزائري دار الطوابع، ليبين لهم أهم الاصدارات البريدية في العالم، خاصة في دولة الامارات، مؤكداً ان دار الطوابع تحتوي على معرض دائم يعرض تاريخ الطوابع في العالم وأشهرها، وطوابع الامارات قبل الاتحاد وتاريخ بريد الامارات كما أنها تحتوي على قسم للمبيعات، حيث توفر الدار جميع مستلزمات جمع الطوابع وكل اصدارات الامارات القديمة والحديثة وتبيعها بأسعار رمزية بهدف تشجيع الهواة وتنمية هواية جمع الطوابع في الدولة.وعن اشهر الطوابع في الدار يؤكد شمس الدين أن الدار تعرض أكبر طابع في العالم وهو عبارة عن طابع بوينج 747 حيث قدمت أمريكا هذا الطابع الى العالم في 15 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1999 ضمن برنامج اصدار احتفالات القرن، وتم وضعه بشكل دائم على مدخل مصنع بوينج اكبر مبنى في العالم، مشيراً الى أن اغلى طابع في العالم يعرض في الدار وهو يني ماجنتا واكتشفه طالب بإحدى المدارس الانجليزية، وبيع سنة 1872 بقيمة أقل من دولارين وتداوله هواة عدة، حتى بيع سنة 1980 ب 935 دولارا لجون بونت وعرض في مدينة شيكاغو سنة 1986 وكانت عليه حراسة مشددة. بجانب عرض نموذجين لأغلى طابعين لدولة موريشيوس وبيع مظروف يحمل الطابعين ب 3،8 مليون دولار أمريكي، وهو أغلى سعر دفع في طابع بريد على مستوى العالم. وعن معدل الزيارات للدار يؤكد السكرتير التنفيذي أن معدل الزيارات يزيد سنوياً بنسبة تصل الى 20%.