“قصائد لها”هجائية بدم الشاعر

قرر المؤلف بعدها اعتزال الكتابة
13:06 مساء
قراءة دقيقتين

صدر منذ أيام، ديوان قصائد لها للشاعر حمزة قناوي، عن دار المحروسة بالقاهرة، حيث يقع في اثنتي عشرة قصيدة، وقراءة لناقد جزائري في خاتمة الكتاب، تسبر غور النص، وتفكك شفراته.

الديوان هو السادس للشاعر بعد الأسئلة العطشى، اغنيات الخريف الأخيرة، اكذوبة السعادة المغادرة، بحار النبوءة الزرقاء، الغريب.

يقول قناوي في المقدمة تحت عنوان كلمة أولى: وحده الشاعر يقف على اطلال الخرائب، ناصباً قامته مشرعة في وجه الريح، تاركاً الزواحف تحت قدميه لديدان الأرض، فلها هذه القصائد. كرس الشاعر كل الديوان كهجائية لمحبوبة خائنة (من وجهة نظره) مخادعة يهديها قصائده إليها مع لعناتي.

يحاول استعطاف القارئ بالظهور في حالة ضعف انساني مريع: هي دمرته، قلبي الذي عبر الرياح لأجلها، وتقاذفته، عبثت به، عبثت كما شاء الجنون.

ويتمرد من اسار العشق في قصيدة بعض عاصفة وريح حين يقول: يا لعنة جثمت على قلبي

على عمري الذبيح

هذا دمي حررته من ربقة الوجه القبيح.

بل يفتضحها، ويكشف الفارق الزمني بينهما، وكأنها حالة من الفكاك الأوديبي:

هذا شبابي في اسار كهولتك

طير حبيس قيدته شجون.

ويبلغ الحنق مداه في امرأة القلب الميت بقوله:

امرأة كانت من بهتان

يتهشم في أعماق جوانحها عمر أترعه الحقد

وأثمر فيه الخزي

وكلله الخذلان.

ويعبر الشاعر عن قدرية لحظة اللقاء، وكأنه بطل في جبل الأولمب رماه زيوس بلعنتها. يقول في قصيدة ذئبة الخمسين:

جاءت الى دربي مرنحة الخطى

جاءت لكي تغوي خطاي.

ويرتدي ثوب الناصح في عاري محذراً من لعنة غوايتها:

اتقيها

اتق شر الذي قر فيها

وانأ عنها

لا تراود قلبها أو ترتجيها

ويحاول الشاعر مواساة نفسه، واقناع ذاته ان الكون مستمر، وهي محض عثرة في الحياة، حين يقول في قصيدة رسالة الى قلب:

يا قلبي الأسيان ليس لأنما امرأة مضت

خانتك

ينسحب اليقين الى الظلال

هي وحدها في غيها

والكون ماض لا يزال.

ثم تأتي المفاجأة في الخاتمة عبر هذه السطور للشاعر: اعتزل الشاعر الكتابة اثر انتهائه من هذا الديوان، وأنهى رحلته مع الشعر.

وكأن قصائده لها هجائية بدم الشاعر، ورجم لبراءته التي اوقعته في حبال من لا يقدر حبه الصادق، وسواء اتفقنا معه على الفكرة أو رفضناها، فإن تجربة حمزة قناوي خاصة جداً، وصادقة لأنها وجدانية وحقيقية، ووحده أمسك بجمرتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"