د. عماد أبو غازي: الهوية نتاج تراكم ثقافي

يراها جزءاً من الحضارة الانسانية
13:02 مساء
قراءة 5 دقائق

لم يكتفِ د.عماد أبو غازي أستاذ التاريخ والوثائق بجامعة القاهرة بالعمل الأكاديمي، وإنما تخطى أسوار الجامعة للمشاركة في العمل العام من خلال رئاسته للإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر، وذلك منذ عام 1999 وحتى الآن. صدر له طومان باي السلطان الشهيد، وفهرست وثائق الحركة الشيوعية المصرية، والتقته الخليج وكان هذا الحوار.

ما سقف الحرية المتاح للمثقف عندما يكون جزءا من السلطة، هل يستطيع أن يتجرد من رؤيتها ليعبر عن رؤيته؟

لا أرى في هذا الأمر مشكلة، فالمثقف يستطيع أن يحدد موقفه كما يشاء وإذا وجد أن المنصب الرسمي داخل المؤسسة يمثل عبئاً على ضميره فإنه يستطيع أن يترك هذا المنصب وبالتالي فالمشكلة غير قائمة.

كيف تتعاطى مع الكتابة في جريدة معارضة؟

إذا كنت أمتلك القدرة على تغيير ما أراه واجبا فيما يتعلق بمنصبي ومسؤولياتي فلا معنى لأن أنتقد هذا في الصحف وأستطيع أن أمارس هذا من خلال وجودي داخل المؤسسة الثقافية التي أعمل بها لأني مشارك بدرجة أو بأخرى في تطبيقها ولو اختلفت مع هذه السياسات فيجب ترك المنصب لآخر غيري يتوافق مع هذه السياسات، أما الكتابة في جريدة مستقلة لها صيغة معارضة فلم تتسبب في أي مشاكل رغم كتابتي المنتظمة فيها.

هل من الممكن أن تضحي بالوظيفة لتفوز بالحرية؟

إذا كانت الوظيفة تمثل قيدا على حريتي وشعرت بأني أستطيع أن أضيف من خلال عملي الوظيفي خدمات للمجتمع ولوطني فسأترك الوظيفة فورا لكني لا أشعر بأي قيد على حريتي من عملي الوظيفي.

بعد مرور تسع سنوات من العمل مشرفاً على الإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة كيف تقيم تجربتك وهل أنت راضٍ عما تحقق من إنجازات؟

أنا راضٍ إلى حد ما وأطمح إلى المزيد، أما تقييم التجربة فهو مهمة غيري، مهمة الجمهور المستفيد من هذه التجربة والمتعامل مع المجلس من ناحية ومهمة المسؤولين أعلى بالمجلس من ناحية أخرى.

إرضاء الناس غاية لا تدرك.. كيف تتعامل مع المعارضين لسياسة المجلس؟

أعتقد أن المعارضة ونقد سياسة المجلس أمر مفيد لنا لتصحيح مسارنا وتطوير عملنا، وفي تصوري أن من يتحمل مسؤولية العمل العام عليه أن يتقبل النقد لأدائه وسلوكه في العمل ويضيف إليه وبالتالي أرحب بأي نقد مهما كانت حدته إذا ما وجدت سبيلا للاستفادة من هذا النقد، أسعى إليها وإذا كان لدي رد على ما يوجه إليّ أرد.

ما الفرق بين العمل الأكاديمي والعمل العام؟

العمل العام مسؤولية أمام كل مواطن يفترض أن يتلقى خدمة من العمل الذي تتولاه، ومحاسبة ممن تتفق أو تختلف معهم وقد تضطر أحيانا إلى الخضوع لضوابط وقيود يفرضها المجتمع والنظام العام. بينما أنا في العمل الأكاديمي حر تماماً في اختياري لما أبحث فيه وما أصل إليه من نتائج وفي عرضها وتقديمها ومسؤول فقط أمام ضميري العلمي والكتابي.

ما رأيك في المنتديات الأدبية الأهلية والخاصة مثل ساقية الصاوي وأتيليه القاهرة وورشة الزيتون الإبداعية هل تنافس وزارة الثقافة أم تتكامل معها؟

مع الفارق بين الثلاثة نماذج التي ذكرتها وهي أنشطة تمثل إضافة للحياة الثقافية حتى لو كانت منافسة فهي منافسة إيجابية تدفع الجميع إلى مزيد من التجويد في الأداء والتفاني في العمل، وأنا ضد احتكار أي طرق للعمل الثقافي، لأن العمل الثقافي في مصر منذ القرن التاسع عشر قام على ركائز متعددة ومتنوعة منها المؤسسات الرسمية الحكومية ومنها الجمعيات الأهلية ونشاط المجتمع المدني ومنها النشاط الخاص الهادف إلى الربح في مجال الصناعة، بالإضافة إلى نشاط المراكز الثقافية الأجنبية، وكلما زاد هذا التنوع واتسع المجال أمام كل هذه المؤسسات بأنواعها المختلفة كان ذلك ارتقاء بالحالة الثقافية في المجتمع.

بحكم تجربتك البحثية واهتمامك بجمع الوثائق أيهما أيسر الحصول على الوثائق من المراكز العلمية في الدول المتقدمة أم من دار الكتب والوثائق المصرية؟

بالتأكيد التعامل مع الأرشيفات القومية الأوروبية والأمريكية أيسر من التعامل مع دار الكتب والوثائق القومية، فهناك لا أحتاج إلى تصاريح أمنية للاطلاع على الوثائق، فأي أرشيف أوروبي أو أمريكي لا يشترط الحصول على الموافقة الأمنية للباحث المصري أو الأجنبي.

كما أن الأرشيفات الأوروبية الأمريكية أكثر تنظيما وأكثر سيطرة على الوثائق في مجتمعاتها وفي السنوات الأخيرة بدأ في مصر مشروع التحول الرقمي بدار الوثائق القومية الذي قارب على الانتهاء وسيحدث طفرة في الأرشيف القومي المصري كما ينتظر أن يصدر القانون الجديد للحفاظ على الوثائق المصرية قريبا وهو القانون الذي يتيح إمكانية السيطرة على كل الوثائق وإتاحتها للباحثين.

كيف يمكن تفعيل قانون الإفراج عن الوثائق؟

القانون الحالي لا يحجب الوثائق إنما يعطي مُدداً سرية تتراوح ما بين 30 و50 عاماً ومع ذلك فإن الوثائق المهمة تتاح قبل هذه المدة إذا رأت الجهة صاحبة الوثائق أنها ليس فيها ما يهدد الأمن القومي وهذا موجود في كل دول العالم، المشكلة ليست في الحجب وإنما في القانون الذي لا يشمل كل الجهات التي تصدر الوثائق، والقانون الحديث يحقق ذلك حيث يحقق السيطرة على الأشكال الجديدة للوثائق مثل الوثائق الالكترونية.

لماذا دعوت إلى إحياء الاحتفال بعيد النيروز؟

يعد النيروز أقدم عيد مصري ويرتبط بأساس الحياة المصرية وهو فيضان النيل وزراعة الأرض كما أنه مرتبط بالحصاد، وسداد الإيجارات الزراعية والضرائب العقارية كلها مرتبطة بشهر توت أول شهور السنة المصرية القديمة وهو عيد يجمع كل المصريين باختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأفكارهم فهو عيد قومي بالمعنى الحقيقي.

إعادة كتابة التاريخ مسألة ليست سهلة في ظل الطمس المتعمد للحقائق، برأيك من الأقدر على القيام بها الآن؟

لا أعتقد أن هناك ما يسمى إعادة كتابة التاريخ لأن التاريخ يحدث في زمن معين، والكتابة التاريخية كلها منذ أصبح التاريخ مجالا بحثيا له مناهجه وأدواته هي إعادة الكتابة والقراءة.

ما دور وزارة الثقافة في صنع الوعي الثقافي؟

وزارة الثقافة لا تصنع ثقافة ولا تنتج إبداعا وإنما تهيئ المناخ للإبداع والإنتاج الثقافي من خلال رعاية المبدعين وتقديم الدعم لهم وتوفير الثقافة لقطاعات أوسع للجمهور وتحقيق ديمقراطية العمل الثقافي وهذا بالفعل ما تسعى إليه وزارة الثقافة ونجحت في تحقيق جزء كبير منه من خلال تطوير المتاحف وقاعات العرض الفني وتوفير الكتابة بسعر مناسب لقطاعات أوسع من القراء، فالمجتمع هو الذي يبدع ودور الوزارة هو إنشاء البنية الأساسية للعمل الثقافي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"