«أيام الشارقة التراثية» عرس شعبي عالمي

ربطت الترفيه بالمعرفة على مدار 13 عاماً
01:57 صباحا
قراءة 5 دقائق
الشارقة: علي كامل خطاب

مرور 13 عاماً على مهرجان «أيام الشارقة التراثية»، ألبسه ثوباً جديداً من البهاء، عاما بعد عام، كما أصقل القائمين عليها كثيراً من الخبرات، لتطويره ليصل إلى العالمية، فأدرجت «الأيام» على إثرها بالخريطة العالمية للفعاليات، والمنظمات التي تهتم بالتراث العالمي بشقيه المادي وغير المادي.
مثلت «الأيام» التي تبدأ اليوم عطاء لا ينضب في حقل الثقافة والتراث، محلياً وعربياً وعالمياً، لما حققته في مسيرتها وتركته كبصمة، في سجل الإنجازات الثقافية، والتراثية، وكنتيجة طبيعية لعمل دؤوب.
إذاً ركز المهرجان منذ انطلاقه من 13 عاماً، على الاستقطاب الجماهيري والشعبي لمنطقة قلب الشارقة من خلال تحديث ما بها من متاحف ومنازل قديمة وترميمها والاحتفاظ بالطابع التقليدي لها، فأحالها منطقة سياحية دون المساس بالجوانب التراثية، كونها الأساس ضمن خطة التطوير في المنطقة، ومن خلال خبرات باعها طويل في نشر التراث العالمي، لتستعيد الشارقة أيامها التراثية، كل عام، تستحضر تاريخها، وتسعد أبناءها وتوثق الصلة بين أجيالها المتوالية.

فضاء رحب

يقول الدكتور مني بونعامة «مسؤول المقهى الثقافي»: يعد مهرجان أيام الشارقة التراثية، منذ انطلاقته الأولى عام 2003، فضاءً رحباً تتناغم فيه الثقافة والتراث، ضارباً بجذوره العميقة في أطناب تاريخ المشهد الثقافي والاجتماعي الإماراتي والخليجي والعربي، مشكلاً علامة بارزة على انفتاح الشارقة خصوصاً، ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، على العالم الأرحب للتنوع الثقافي.

وأضاف بونعامة: تمثل «الأيام» تحقيقاً لحلم النهوض بالثقافة والتراث، وجعلهما حدثاً يومياً يلامس إيقاع الحياة العامة، للنهوض بهما كمرجع تعاملي في مجمل أمور الحياة، وفي جعل الثقافة والتراث هدفاً مرادفاً لكل النشاطات المختلفة لكل مؤسسة أهلية.

ويرى أن الفعاليات في 13 عاماً قدمت متعة وإبداعاً لكل الأعمار والفئات والجنسيات من مواطنين ووافدين، فكانت «أيام الشارقة التراثية» محوراً تنظيمياً وتوجيهياً تحظى باهتمام الكثير من الحاضرين والضيوف، من خلال برامجها ومتطلباتها وأنشطتها وهو واحد من أسباب نجاحها.

ويؤكد بونعامة أن الشارقة خلال 13 عاماً تشهد في جميع مدنها، احتفالات تمثل مختلف البيئات الطبيعية والتنوعات الثقافية لمجتمع الإمارات، تتمثل في الفنون الاستعراضية، والمهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التراثية، ومعارض الأزياء التقليدية، ونماذج من العادات والتقاليد الإماراتية المعبرة عن سمات كل بيئة، وتشارك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في نقل فقرات هذه الاحتفالية، بواسطة الإذاعة المرئية والمسموعة، كما تنقلها شبكات التواصل الاجتماعي، عبر مجموعات شبابية تطوعية.
تقول أسماء السويدي، المنسق العام لأيام الشارقة التراثية: إن «أيام الشارقة التراثية» أتاحت خلال 13 عاماً مضت فرصة سنوية للزوار الاطلاع على نماذج حية من التراث الثقافي الإماراتي، تجسد طرائق الحياة، وأنماط المعيشة للسكان في فترة ما قبل النفط، وشهدت العديد من المشاركات الإقليمية والدولية، جنباً إلى جنب الحضور المحلي والوطني، تعزيزاً لمبدأ وحدة الثقافة الإنسانية.
وأضافت السويدي: كانت «أيام الشارقة التراثية» حراكاً حياً وتوثيقياً في تاريخ تسجيل وتدوين التراث الثقافي، واحتفالية تبعث المتعة والترفيه، بجانب أنها تاريخ للأحداث وذخيرة مادية وروحية عريقة وأصيلة لشعب ممتد تاريخياً في المنطقة العربية، فاعلة ومتفاعلة في تحقيق هدفها الثقافي والإنساني.
وأضافت السويدي: ساعدت «الأيام التراثية» على استمرار الكثير من الحرف التقليدية التي قدمت خلال الدورات السابقة، ومنها ما ترك أثراً كبيراً لدى الزوار، وما زال مستمراً إلى اليوم، فمعارض اللوحات الفنية، ومركز الحرف الإماراتية، وصناعة الدمى، السفافة، العطور، الدخون، التلي، وتدوير البيئة، غزل الصوف، وقرض البراقع، وخض اللبن، والسدو، وطحن الحب، ومخض الحناء، على الطرق التقليدية كلها تظهر ثانية بعد عرضها مراراً للمتلقي والزوار، فيجعلها حية مستمرة.

وقت ممتع

تقول ذكرت معتوق، رئيسة قسم المعارض والمقتنيات: مسيرتها تركت بصمة في سجل الإنجازات الثقافية والمعرفة التراثية، وقضى الزوار من مواطنين ومقيمين وسياح، خلال 13 عاماً وقتاً ممتعاً في الترفيه السياحي، والاطلاع على نماذج حية من تراث الإمارات.

وعن التطور الذي شهده التنظيم خلال الدورات السابقة، قالت معتوق: شمل برامج فكرية شاركت به شخصيات بارزة، منهم مفكرون وأكاديميون وباحثون وإعلاميون مهتمون بالتراث، تخللها توقيع كتب تراثية لمؤلفين كثر.
وأضافت: كما تعددت المشاركات الدولية من دول الخليج العربية والدول العربية حتى وصلت في نهاية الدورات الأخيرة إلى مشاركات عالمية ودولية عدة وبدأت في تخطي الحاجر الإقليمي، لتعرض «الأيام» جوانب من عادات الدول وتقاليدها واستعراض أزياء الشعوب والفنون الشعبية، للأدوات التراثية المستخدمة في زينة المرأة، بجانب المأكولات الشعبية لها.

المهرجان صار معروفاً عالمياً

يقول عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث: من الأمور المهمة التي تحققت خلال السنوات السابقة، إن المهرجان صار معروفاً عالمياً، ونحت اسمه بين أهمها على خريطة العالم وأصبحنا منذ 6 سنوات مدرجين في الكثير من المنظمات منها «

IOV»، ومنظمة «SU»، وهما من أهمها على المستوى العالمي، في الاهتمام بالتراث والفعاليات التراثية، وأصبح من أهم المهرجانات المشاركة في كثير من الدول، مضيفاً، حيث تأتينا الدعوات من دول كثيرة للمشاركة.

وعن مسيرة النجاح التي تحققت خلال تلك الفترة قال المسلم: أوجد المهرجان بدوره حالة من الارتباط بين المهتمين بالتراث، فهو الملتقى السنوي الذي بات ينتظره هؤلاء للتلاقي الفكري والمعرفي والترفيهي، بل تعدى ذلك إلى أنه صار ملتقى الكثير من المهتمين بالتجارة وإقامة المشاريع الصغيرة والمتعلقة بالتراث، من مأكولات شعبية وغيرها.
ويضيف المسلم أن مشاريع متعددة لأفراد وأسر ارتبطت إقامتها بأيام الشارقة، حيث شجعتهم على إقامة هذه المشاريع، والتي وصل عددها في الدورة الحالية ال14 إلى 200 مشروع صغير متزامناً مع إقامة «الأيام» وكلها محال تجارية يحرص أصحابها على المشاركات السنوية والتي بدأت بعدد قليل في البدايات.
وعن ذكريات الإنجازات والحضور خلال المسيرة الطويلة ل«14 سنة» قال المسلم: من أهمها رؤية الزوار في ازدياد متوال كل عام أكثر مما يليه، حتى باتت أرض المهرجان لا تكفي لعدد الزوار، والمهتمين بالتراث الشعبي ومن الأطفال الذين يأتون للترفيه مع عائلاتهم، والباحثين وراد الفكر والمحاضرين في المقهى الثقافي، بجانب وفود الدول المشاركة، وكلها تعطي زخماً عاماً بعد عام، ولكن من الذكريات المؤلمة أن يأتي المهرجان، وقد تخلف عنه البعض بسبب الوفاة، فنشعر بعظيم الفقد، ولاسيما الذين أولوا التراث اهتماماً.
أما عن تاريخ الفعاليات التي بدأت مبكراً في «أيام الشارقة»، فقال المسلم: إن فعالية «البيئات الصحراوية والزراعية»، والتي بدأت في المهرجان منذ السنة الرابعة، لم تكن موجودة في الدورات الثلاث الأولى، وتم تطويرها والعمل على اكتشاف الجديد كل عام، لتصبح على ما هي عليه اليوم من الإثارة والمتعة، وتحمل تاريخاً طويلاً من التطور والإبداع، حتى صار تقليداً في الكثير من المهرجانات في الإمارات، وخارجها.
ويرى المسلم أن من الجميل والمبدع على مر 13 عاماً، توالد الأفكار الجديدة، وعدم الوقوف في مقر واحد، فالتطور الذي يلحق ب «الأيام» كل عام، والتباين في التنظيم والفكر والتقديم للمتلقي على مستويات متنوعة، جعل منها إثراء للزوار، وكون لها مريدين يحرصون على الزيارة كل عام، إما مشاركين أو زوار، وحرصنا على جذب المزيد يدفعنا لتقديم كل ما هو جديد دوماً، كما في هذا العام «كهف الوحوش» في البيئة الجبلية وكذلك «متاهة الرعب» و«الكائنات الخرافية» مثل، «أم الدويس وأم هيلان»، وغيرهما مما يثير الزوار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"