روبوتات لمكافحة الكوارث والمهام الخطرة

05:04 صباحا
قراءة 4 دقائق

أحد أفراد الكشافة يقوم باستطلاع بناية شاهقة قوضها زلزال مدمر، ما أدى إلى محاصرة العمال في داخل البناية . وبعد البحث عن نقطة للدخول، يقوم فرد الكشافة بالمرور بحذر من خلال فتحة صغيرة، ويرتفع صوت من جهاز لاسكي خاص بالضباط: انظر إلى أسفل على هذا الممر، وقل لي ماذا ترى ويدلف فرد الكشافة مخترقاً الدخان والأنقاض، متحاشياً العقبات ثم يعثر على شخصين محاصرين، ويقوم بالإبلاغ عن موقعهما عبر الفيديو الحي . ثم يتم إرسال فريق التدخل السريع ليقود العمال بسلام وأمان إلى خارج البناية .

على الرغم من بطولاته الكثيرة، إلا أن فرد الكشافة لا يتأثر بالشكر . إنه فقط يركز اهتمامه على مهمته القادمة، مثلما كان سيفعل أي روبوت آخر .

وفي المستقبل القريب، سوف تكون هذه المهام التي تؤديها الروبوتات جزءاً روتينياً من الاستجابة للكوارث . فمن منظور نيكولاس روي، استاذ علم الطيران في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تعد الروبوتات مثالية للمهام الخطرة وغير المكشوفة، مثل التنقل في الكوارث النووية أو التجسس على معسكرات الأعداء . إذ يمكن أن تكون هذه الروبوتات صغيرة ومرنة، ولكن الأهم، هو أن بمقدورها الحفاظ على الأيدي العاملة القيمة .

والعقبة الرئيسة لمثل هذا السيناريو هي ذكاء الروبوت: فالطيران فوق أراض غير معتادة مع تفادي العقبات يعد مهمة حسابية معقدة بدرجة لا تصدق . بل إن فهم الأوامر اللفظية في اللغة الطبيعية هو أيضاً من الأمور الصعبة والمخادعة .

وكلا النوعين من التحديات هما من الأهداف الرئيسة في بحث روي، فهو يهدف بكلا هذين النوعيين من التحدي إلى تصميم أنظمة لتعليم الآلات يمكنها التنقل بين الصخب وعدم اليقين الذي يتسم به العالم الحقيقي . حيث يعكف هو وفريق من الطلبة في مجموعة يطلق عليها: مجموعة الروبوتات القوية، في معمل علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي بجامعة ميتشيجان، على تصميم أنظمة روبوتات تقوم بأنفسها بأشياء كثيرة من ناحية الذكاء وذلك حسب الكلام الصادر عنه . على سبيل المثال، يقوم الفريق ببناء مركبات هوائية صغيرة، في حجم حقيبة صغيرة، يمكنها التنقل بالاعتماد على نفسها، من دون مساعدة من نظام تحديد المواقع العالمي(جي بي إس) . فمعظم الطائرات من دون طيار تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي في التنقل من مكان إلى آخر، وهو الذي يحدد المناطق التي يمكنها تغطيها . وعلى العكس، فإن روي وطلابه يقومون بتجهيز روبوتات مروحية بأربع مراوح - سيارات هوائية صغيرة مدفوعة بأربع ريشات مروحية صغيرة - ولها أجهزة استشعار ومعالجة بالمجسات، من أجل توجيه نفسها من دون الاعتماد على بيانات نظام تحديد المواقع العالمي .

يقول روي: لا يمكنك الطيران في مكان مغلق أو الطيران بسرعة بين البنايات، أو حتى خلسة بين الغابات الكثيفة إذا كنت تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي . ويستطرد قائلاً: ولكن إذا وضعت أجهزة استشعار على متن الطائرة، مثل مجموعة أجهزة كشف المجال باستخدام الليزر والكاميرا، عندئذ يمكن للمركبة أن تشعر بالبيئة، ومن ثم يمكنها أن تتجنب العواقب، ويمكنها أن تتبع موقعها الخاص بها الخاص بنقاط الاستدلال التي تستطيع رؤيتها، ويمكنها أن تقوم بما هو أكبر من ذلك .

كما تقوم المجموعة أيضاً ببناء روبوتات اجتماعية في مقدورها فهم اللغة الطبيعية، حيث يقوم روي وطلبته بعمل نماذج رياضية للطريقة التي يتحدث بها البشر بعضهم بعضاً، وباستخدام النماذج لبناء روبوتات يمكن أن يتفاعل معها الأشخاص بسهولة . وحتى هذه اللحظة، قام الفريق ببرمجة العديد من المركبات لمعالجة اللغة الطبيعية والاستجابة لها، ومنها روبوت عبارة عن رافعة شوكية تتبع الأوامر مثل: التقط لوح تحميل الإطارات خارج الشاحنة وقم بإنزالها مرة أخرى على الأرض .

تحقيق الطيران المنخفض

كانت أول تجربة لروي مع الروبوتات عندما كان يدرس في سنة التخرج في جامعة ماكجيل في مونتريال بكندا، وخلال العام السابق لذلك، قضى المواطن فانكوفر فترة الصيف في مركز الجامعة للآلات الذكية، عاكفاً على ما كان يطلق عليه: مشروعاً جميلاً ومجنوناً . وفي ذلك الوقت، في منتصف التسعينات، كانت أجهزة الاستشعار المتاحة لتتبع موقع الروبوت محدودة بشكل واضح . وفي الغالب، كان العلماء يستخدمون أجهزة استشعار ذات عجلات متحركة - عن طريق حساب عدد دورات العجلة - لتقدير المسافة التي يقطعها الروبوت والموقع المرتبط بها . وعلى الرغم من ذلك، فإن دقة هذه الطريقة كانت تتفاوت تبعاً للأسطح التي يجتازها الروبوت . لذلك، فإن روي والعالم في مجال الكمبيوتر جورجي دوديك قد شرعا في تمييز أسطح مختلفة - مثل الخشب، والسجاد والأسمنت - حسب أصوات هذه الأسطح . وقد ألهمت هذه التجربة روي للعمل على تهيئة الروبوتات لسيناريوهات في الحياة الواقعية .

يقول روي: كان إحساسي، من خلال العمل ببيانات حقيقية وروبوتات حقيقية في العالم الحقيقي، أنه يمكنك الحصول على إحساس أكثر نقاء بكثير بشأن ما يعتبر صعباً بخصوص الذكاء، ويستطرد: لازلت أعتقد أن هذا الأمر صحيح .

وبعد التخرج والحصول على درجة البكالوريوس في العلوم الطبيعية والماجستير في علوم الكمبيوتر، اتجه روي جنوباً للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة كارنيجي ميلون . وهناك، عمل على مشروعين كبيرين للروبوتات المستقلة وهما: مينيرفا وهو مرشد سياحي متحدث خاص بالمتاحف، وبيرل أو اللؤلؤة، وهو مساعد صحي منزلي لكبار السن، وقد تطلب كلا المشروعين من الروبوت التفاعل مع البشر، كما كان يتعين على الروبوت مينيرفا أيضاً التنقل وسط متحف مزدحم وصاخب . وقد قام فريق روي بتزويد الروبوتين بمجموعة من أجهزة الاستشعار وأجهزة المعالجة، ما يمكنها من رسم خريطة للبيئات الموجودة بها والتواصل مع البشر .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"