راشد الحفيتي: حياتي العسكرية علمتني الانضباط والاعتماد على النفس

امتهن مهنة جني العسل والقنص
03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
حوار: بكر المحاسنة

في منطقة سكمكم القديمة الواقعة شمالي مدينة الفجيرة ولد وترعرع الوالد راشد محمد الحفيتي، أو «أبو محمد»، على العادات والتقاليد العربية الأصيلة. وهو من الرجال الذين شهدوا التاريخ المجيد لدولة الإمارات وعايشوا حقبة التطور والبناء والعمران منذ بداية الاتحاد، كما أسهم في خدمه الوطن طوال حياته التي انتسب خلالها للقوات المسلحة.

عاش الحفيتي حياة تقليدية مبنية على الحب والتعاون وحب الخير للجميع وامتهن عدة مهن أهمها جني محصول العسل البري والقنص، أي صيد العديد من الحيوانات والطيور البرية التي كانت تكثر في جبال مناطق الفجيرة.
يقول الحفيتي (85 عاماً): ولدت في بيت صغير مبني من الطين والحجارة وسعف النخيل في منطقة سكمكم القديمة الواقعة بجانب القلعة التاريخية، ونشأت في المنطقة مع أسرتي الكبيرة على العادات والتقاليد العربية الأصيلة، وعلى حب الوطن والأرض والولاء والانتماء للقيادة. وتعلّمت القرآن الكريم قراءة وكتابة والأحاديث النبوية على يد مطوع كان يدعى محيوس بن خاتم، رحمه الله، والمطوع عبيد حسن الشميلي من أهالي منطقتنا سكمكم، وكانا أيضاً يعالجان أطفال المنطقة ويعلمانهم القرآن الكريم وكيفية الصلاة والوضوء. وكان المطوع يفعل ذلك مقابل احتياجات أسرته البسيطة مثل التمر أو السمن العربي أو العسل أو المحاصيل وغيرها.
ويضيف: عشت في تلك الفترة في بيوت الطين والحجارة وسعف النخيل في مواسم الشتاء وفي بيوت العريش المبنية من سعف وجريد النخيل في مواسم الصيف، وكانت مصادر الرزق محدودة جداً والحياة بسيطة وقاسية تقوم في الأساس على زراعة أشجار النخيل والمانجو وحبوب القمح والشعير في الوعوب الجبلية الواقعة بالقرب من المنطقة ورعي الأغنام والماعز، وكنا نأكل من خيراتها ونكسب الرزق منها كبقية سكان المناطق الجبلية المجاورة، وكان بعض الأهالي يقومون بتربية ورعي الماشية والأبقار وبعضهم الآخر يعملون بالتجارة والمقايضة مع التجار الذين يأتون بقواربهم إلى السواحل البحرية لمدينة الفجيرة التي تأتي محملة بالعديد من احتياجات الأهالي من سكر وأرز ودقيق وبن وبهارات وأقمشة وبعض احتياجات النساء. والبعض من الأهالي كان يقوم برحلات تجارية إلى أسواق دبي لشراء احتياجات الأهالي.
عن عمله يقول الحفيتي: امتهنت جمع العسل البري بأنواعه من كهوف وسراديب جبال منطقة سكمكم والمناطق المجاورة، والقنص خلال رحلات الصيد في جبال مناطق الفجيرة خاصة جبال وادي الوريعة ومسافي، حيث كانت قديماً تعج بالغزلان العربية والوعل الجبلي والأرانب البرية والعديد من الحيوانات والطيور البرية.
ويشير الحفيتي إلى استمرار حياة الأهالي بسيطة وقاسية حتى قيام الاتحاد، ويقول: عام 1976 انتقلنا إلى حياة جديدة ملأى بالسعادة والراحة وعشنا في بيوت حديثة مبنية من الطوب والأسمنت بناها لنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وتغيرت الحياة على أرض القرية ووصلت الكهرباء والمياه والاتصالات لكل منازل سكمكم وتعبدت الطرق الخارجية والداخلية للمنطقة ولا ننسى دور المغفور له الشيخ محمد بن محمد الشرقي، حاكم الفجيرة آنذاك، ومن بعده صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، في توفير كل الخدمات التي جعلت لكل مناطق الفجيرة، الحظ الوافر من التطور.
دروس
يوضح الحفيتي أنه عندما بلغ سن 15 عاماً انتسب إلى القوات المسلحة. ولا يخفي تأثره بالحياة العسكرية وتعلمه منها الانضباط والضبط والربط والمسؤولية والاعتماد على النفس والكثير من الأمور العسكرية، إضافة إلى اكتساب العديد من المهارات والدورات الخاصة. كما أنه تعلّم الكثير من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ محمد بن حمد الشرقي الذي كان يمتلك قدرة كبيرة في التنظيم والتخطيط وعدم التردد وتميز بالتواضع وحسن التواصل مع كل أبناء مناطق الفجيرة. ويقول: تعلمت منه، رحمه الله، صفاته الكريمة كالصدق والأمانة ومعاملة الناس والإخلاص في العمل والأخلاق.
ويؤكد الحفيتي، أنه ورث عن والده الكثير من الصفات والعادات والتقاليد العربية التي يندر وجودها الآن، ولا أحد يهتم بها، مثل الكرم والصبر والصدق والحكمة والوفاء واحترام العائلة وكيفية التعامل مع الزوجة والأبناء واحترام كبار السن.
ويشير الحفيتي إلى وجود فرق كبير بين المجتمع في الماضي والحاضر، إذ كان أكثر تلاحماً. ويقول: كنا نعيش معاً ولا توجد وسيلة للتواصل غير اللقاء المباشر بعيداً عن التقنية الحديثة ولم يكن هناك الإمكانات المتواجدة الآن، وكان هناك النظام الأسري الذي يوجد فيه الرحمة والبركة وصلة الأرحام والعيش على مبدأ التعاون والمساعدة والمحبة. وكان كل أهالي سكمكم يجتمعون كل يوم أمام مسجد عبدالله بن عمير عقب صلاتي الفجر والعشاء للتحدث في أمور الأهالي والمنطقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"