«بريكس» تتخطى مجموعة السبع

21:21 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

بحسب منصة البيانات الأوروبية Statista، فإن مجموعة «بريكس +» (الصين، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا + السعودية، الإمارات، مصر، الأرجنتين، إثيوبيا، وإيران)، باتت تتخطى مجموعة الدول السبع الرأسمالية الكبرى بالنسبة لمساهمتها في إجمالي الناتج العالمي (32% لبريكس+، مقابل 30% لمجموعة السبع).

تضطلع الصين بأكبر ناتج محلي إجمالي اسمي بين دول المجموعة، حيث بلغ في نهاية 2022، أكثر من 18 تريليون دولار، كما أن بقية دول المجموعة تنتج منفردة إجمالي ناتج محلي اسمي لا يقل عن ثلاثة تريليونات دولار، أي أكثر من متوسط ما تنتجه معظم دول مجموعة السبع باستثناء أمريكا. كما أن معظم دول مجموعة «بريكس بلس»، تحقق معدلات نمو سنوية تزيد كثيراً عن متوسط النمو العالمي. وهذا ما سيضع بقية التجمعات الاقتصادية العالمية، بما فيها مجموعة دول السبع الكبرى (أمريكا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، كندا، بريطانيا وإيطاليا)، في وضع تنافسي لا تحسد عليه في السنوات الخمس المقبلة. ولو تمكن مؤشر قياس إجمالي الناتج المحلي بمُعادِل القوة الشرائية (GDP Purchasing Power Parity - PPP)، من إزاحة مؤشر إجمالي الناتج المحلي الاسمي والحلول مكانه كمؤشر قياس رئيسي للأداء الكلي السنوي للاقتصادات الوطنية (إجمالي الناتج المحلي)، بعد تزايد استخدامه ليس فقط من قبل مجاميع متزايدة من المفكرين الاقتصاديين العالميين، وإنما من قبل المنظمات الاقتصادية الدولية أيضاً – فستكون الفجوة حينئذ بين قاطرة بريكس بلس والدول الرأسمالية الكبرى، أكبر بكثير، لصالح بريكس بلس؛ إذ حينها ستصبح حصة بريكس بلس في إجمالي الناتج العالمي في عام 2028، 36.6% مقابل 27.8% لمجموعة السبع، وسيبلغ الوزن الجماعي لبريكس بلس في الاقتصاد العالمي، 58.9 تريليون دولار، وأكثر من ثلث مساحة اليابسة على الأرض (36%)، و45% من سكان العالم (3.6 مليار نسمة)، وأكثر من 40% من إجمالي إنتاج النفط، ونحو ربع الصادرات العالمية من السلع.

سوف ترأس روسيا القمة السادسة عشرة لمجموعة «بريكس بلس» التي ستُعقد في قزان عاصمة جمهورية تاتارستان في روسيا الاتحادية خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر 2024. وخلال رئاستها للمجموعة التي ستستمر من 1 يناير إلى 31 ديسمبر 2025، تعتزم روسيا، بحسب مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف، إعطاء الأولوية لثلاثة مجالات: السياسة والأمن، والاقتصاد والتمويل، والعلاقات الثقافية والإنسانية. وعلى مدى العام سيتم تنظيم أكثر من 250 حدثاً في أكثر من 10 مدن روسية، في مقدمتها بطبيعة الحال قمة قادة بريكس بلس التي ستبحث مسائل توسيع دور المجموعة في النظام النقدي الدولي وتطوير نظام دفع مستقل، وتحسين كفاءة النقل وخفض تكاليف الخدمات اللوجستية، والعمل على التنفيذ المبكر للممر العابر للقارات بين الشمال والجنوب، واتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ اتفاقية التعاون عبر الأقمار الصناعية، وتعزيز مدونة الأخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) التي تم تطويرها في روسيا، والتعاون بين المؤسسات العلمية والطبية، لاسيما في تنفيذ نظام للإنذار المبكر للتعامل مع مخاطر العدوى الجماعية، اعتباراً بجائحة فيروس كورونا.

وهذه أول قمة لبريكس بلس تلتئم فيها بكامل أعضائها المؤسسين (الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا) والجدد (السعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا). وهناك عدد آخر من الدول المهمة الصاعدة، مرشحة للانضمام الى المجموعة، وهو ما سيعزز حصانة الدول الأعضاء في هذه المجموعة ضد صدمات سلاح العقوبات الغربية الذي يمكن أن يطال أية دولة لا تمتثل لما تسميه مجموعة السبع «النظام الدولي القائم على القواعد»، لاسيما في ضوء تزايد عمليات تسوية معاملاتها المالية بعملاتها الوطنية (غير الدولارية).

السنوات الخمس المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لعملية الفرز والتموضعات الاقتصادية الكلية على مستوى الأقاليم والتجمعات الاقتصادية المركزية والطرفية على حد سواء. ستجتمع خلالها مجموعة من العناصر التي تشكل معطيات الصعود أو التدحرج، بما في ذلك مصير سياسة طباعة النقود المعادِلة للسحب على المكشوف في الحسابات المصرفية، ومصير العملات الرقمية للبنوك المركزية، ومصير الاقتصادات الورقية (التي كانت سبباً في أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، وفي الأزمة المالية العالمية لعام 2008)، ومصير الطلب العالمي على الدولار المرتبط بالطلب العالمي على النفط الذي يوفر بدوره غطاءً لطباعة النقود.

*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr2af2r3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"