الاعتراف بفلسطين

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

اتجهت دول عدة، أخيراً، إلى بحث الاعتراف بدولة فلسطينية، فيما خطى بعضها بالفعل نحو ذلك، ليشكل ذلك تحركاً جدياً نحو إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، بعد حرمان لا يزال متواصلاً لما يزيد على 100 سنة، ونضال نزفت فيه دماء عشرات الآلاف في طريق التحرر، للوصول إلى دولة تجمع الكل الفلسطيني، وهو ما يشكل صفعة للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي صرّحت أكثر من مرة أنها لن تسمح بدولة للفلسطينيين؛ بل إنها سعت إلى القضاء على كل مقوماتها، من قتل وتهجير وسرقة للأرض واستيطان وإنكار للوجود الفلسطيني.

مؤخراً، انضمت حكومة جامايكا رسمياً إلى قائمة 142 دولة اعترفت سابقاً بدولة فلسطين، يأتي ذلك في ظل حراك عالمي نحو هذه الخطوة؛ إذ أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه يتعيّن على الاتحاد أن «يدعم المبادرة العربية» التي تنص على قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وذلك رداً على رفض بنيامين نتنياهو الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.

كما أعلنت إسبانيا وأيرلندا ومالطا وسلوفينيا، استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية عند توافر الظروف المناسبة، أما رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل، فوصف القرار المشترك بين الدول الأربع بأنه وسيلة ضغط، لاتخاذ خطوات ودعم الجهود الرامية إلى استئناف محادثات السلام. بينما سبق أن أعلنت بلجيكا أنها قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية من حيث المبدأ، وأنها ستفعل ذلك عندما يحين الوقت المناسب.

الولايات المتحدة دعت لدولة فلسطينية على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، لكن يبدو أن الموقف الأمريكي تحكمه العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل، فلم تُتبع ما قالته بأفعال؛ إذ إنها تتماهى مع سياسات إسرائيل، وتقدم لها دعماً غير محدود على الصعد كافة؛ حيث إنها استخدمت «الفيتو» في مجلس الأمن أكثر من مرة لوقف حرب الإبادة في غزة، ومنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

هذه التحركات تشكل ضغطاً قوياً على إسرائيل، وهي بتسارعها غير المسبوق، تؤكد أن رصيد تل أبيب العالمي على المستويين الشعبي والرسمي بدأ بالتصدع، وأن العالم بات ينظر إلى مظلمة الفلسطينيين وإلى حقهم في تقرير مصيرهم بعين الإنصاف، كشعب يستحق الحياة، ولا يجوز لأحد أن يصادر منه هذا الحق.

على الرغم من القتل والتخريب في غزة والضفة الغربية، ومحاولة طمس هوية وتاريخ الفلسطينيين، فإنهم ما زالوا يتشبثون بأرضهم، وها هي القضية الفلسطينية تسير بمنعطف آخر ربما سيكون في مصلحتها؛ إذ عادت إلى الصدارة، وجعلت شعوب العالم تتجند لإدانة إسرائيل، بينما اتجهت الكثير من الحكومات لوقف مد إسرائيل بالسلاح والاعتراف بالفلسطينيين، وهذا غيض من فيض، وقادم الأيام يشير إلى أن إسرائيل إن تمادت في غيها، فإنها ستكون بعزلة عالمية أكبر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/77449k4u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"