حرِّر الكمال في داخلك

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

البعض منا يؤمن بأسطورة الكفاءة الذاتية، وأننا لا نحتاج لأي أحد، وبالأخص في زمن التواصل الاجتماعي؛ فالكثيرون يسيرون وحيدين في هذه الحياة، ونحن نقضي أغلب أوقاتنا خلف أجهزة الهاتف منفصلين عن واقعنا، مبتعدين عن التواصل وجهاً لوجه مع الآخرين.

كم مرة دخلت إلى مطعم ووجدت الكثير من الأسر منكبة على أجهزتها دون تواصل؟ إذاً ما الغاية من الخروج والذهاب إلى هذه الأماكن؟ البعض يكابر ويرفض المساعدة أو طلب المعونة. أثناء الانهيار والفشل والألم والحزن نحتاج الى بعضنا، نحتاج الى التواصل الحقيقي مع الناس.

لنترك صفة الكمال ونتحرر منها. بإمكاننا أن نشارك من نحب قوتنا، ضعفنا، فشلنا، انهياراتنا. بإمكاننا أن نمارس الشجاعة والتعاطف والتواصل مع من حولنا من الناس ونخبرهم «إننا معكم بقلوبنا». حاول أن تحرر نفسك من عقدة الكمال وعدم الفشل، فالبعض منا حين يفشل يُحبط ولا يريد مواصلة التقدم في حياته وينظر لنفسه باحتقار وغضب وعنف ويظل في دوامة وفراغ. ليس المطلوب منك أن تسمح للآخرين بإدارة شؤونك، ولكن التواصل والعلاقة من أهم مكونات الحياة، يمكننا أن نستشير الآخرين في بعض الأمور العالقة والمشاكل غير المنتهية، ولكن ليس من الملائم لنا أن نسمح لهم بتحديد حياتنا، او بإملاء كل ما نفعله؛ فإننا عندما نسمح بذلك نكون قد فقدنا جزءاً كبيراً من أنفسنا، ويكون من المستحيل علينا الدخول في علاقات صادقة.

ولكي نكون واضحين، نؤكد أنه ليس من الخطأ أن تستخدم معاييرك أو معايير مجتمعك لتحقيق الامتياز، والسعي نحوه ولكن متى تكون المحاولة للوصول الى الكمال خطأ؟ عندما ينتهي بك الحال وتبغض ما تفعله. وعندما تضيع وقتك الثمين في محاولة الوصول للكمال، بدلاً من قضائه في إنجاز الأولويات الحقيقية، وعندما ينزع منك الفشل وعدم القبول الإحساس الذي تستحقه بالرضا مقابل الجهد الذي بذلته، وعندما تتكلف في أداء الأعمال من الطاقة، والوقت، والمال، والقلق بقدر أكبر مما تستحقه هذه الأعمال.

أنت الوحيد القادر على التحرر من صفة الكمال والمثالية والخوف والقلق وعدم الاهتمام بكل تفصيلة صغيرة في حياتك وحياة الآخرين. كلنا لدينا عيوب وأخطاء وتقصير في هذه الحياة، ولكن لماذا لا نسأل أنفسنا: هل المثالية فعلاً هي الكمال؟ الأديب طه حسين يقول «لو أن الإنسان خلق كاملاً لما احتاج إلى أن يطمع في الكمال».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ennewdn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"