ممرات آمنة للمنطقة

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين
2

بينما يتواصل الدور الإنساني للإمارات في غزة؛ سعياً لتخفيف تبعات الحرب الدائرة فيها منذ سبعة أشهر، فإنها لا تترك سانحة للتحذير من انفلات الأمور بما يأخذ المنطقة كلها إلى منزلقات خطرة، أو لإدانة أي فعلٍ ينذر باستفحال المأساة الإنسانية في القطاع.

وحين تدين الإمارات، وبشدة، اقتحام القوات الإسرائيلية رفح وسيطرتها على المعبر، فإنها تنطلق مجدداً من موقفها الثابت والمبدئي الرافض لانجرار المنطقة إلى مستويات جديدة من العنف والتوتر وعدم الاستقرار تدفع أثمانها الشعوب والدول التي يجب أن تدخر جهودها للبناء والتقدم وتأمين مستقبلها، لا العودة إلى الوراء.

رفضت الإمارات منذ بداية حرب غزة سعي أي طرف إلى التصعيد والعنف، ومع تعاقب فصول الأزمة لم تغب دعوتها إلى احترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني باعتبارها منجاة لكل الأطراف.

ومع خطوة التصعيد العسكري التي أقدمت عليها القوات الإسرائيلية يجيء تحذير الإمارات، في بيان لوزارة الخارجية، من نتيجة التصعيد، فعاقبته الحتمية مزيد من الضحايا الأبرياء، خاصة إذا انسدت ممرات المساعدات المنقذة لحياة السكان في قطاع غزة.

الخشية، إذا بلغ التصعيد مراحل أخرى، أن تنغلق ممرات الانفراجة التي تسعى إليها جهود الشقيقتين قطر ومصر، وهي محل تقدير إماراتي، وكان يفترض أن تبدأ بوقف لإطلاق النار يجنّب الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تأجيجاً يفاقم المأزق الإنساني الذي بلغته، ويقطع الطريق على عنف إضافي لا تحتمله المنطقة.

إن بيان الإمارات يعكس حاجة المنطقة الملحة لا إلى ممرات آمنة خالية من العوائق لتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة فحسب، وإنما أيضاً إلى ممرات للسلام الشامل، وبابه الأوسع هو القضية الفلسطينية التي تجدد الإمارات الآن موقفها منها. وجوهر هذا الموقف العودة إلى المفاوضات لتحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وبلوغ هذه الغاية، في ظل نذر التصعيد المربكة، يفرض توحد الجهود بما يؤدي إلى تهيئة أفق سياسي تتوفر له الجدية التي تضمن إعادة المفاوضات المفضية إلى تحقيق السلام الشامل، وإنهاء التوتر والعنف، وحماية أرواح المدنيين.

ولا شك أن كل تصرف يوسّع حدود الأزمة في غزة يغلق هذا الأفق الذي تأمله الإمارات، ويحمّل المنطقة ما لا تحتمل، ويزعزع ما تنشده من دعائم استقرار أمن مستدام.

موقف الإمارات، وتحديداً في مثل هذه الأوقات التي تحتاج التعقل والحسابات الدقيقة، يجب أن يكون معيناً للأطراف المعنية على مراجعة تصرفاتها، فما تشهده رفح لن يكون مجرد ورقة عابرة في ملف الأزمة، والتخلي عن أي نية لترحيل قسري للشعب الفلسطيني الشقيق، أو حرمانه من مقومات الحياة.

وهو موقف يشد على أيدي الوساطة، آملاً أن تقود كل الأطراف إلى عدم إهدار الفرص؛ صوناً للأرواح، وهي الأهم، والمستقبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vh3ebrmw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"