كأس العالم والترويج لاقتصادات المنطقة

04:35 صباحا
قراءة 3 دقائق

مع قرار الفيفا اختيار قطر لاستضافة مسابقة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بدأت تظهر تعليقات وتحليلات عن أهمية الحدث الأول من نوعه في دولة عربية، وأثره في المنطقة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي الذي تنتمي اليه قطر . ومع التقدير الأولي العام فإن مثل تلك المناسبات تسهم في التطوير الاقتصادي من عدة نواح ليس أقلها أهمية ترويج البلد المضيف لنفسه عالمياً كوجهة سياحية واستثمارية بشكل عام . اضف إلى ذلك أن استضافة مناسبة رياضية بهذه الأهمية العالمية كفيل بتنشيط اقتصاد البلد المضيف بشكل واسع . لكن المشكلات التي صاحبت استضافة دول عدة لمناسبات مماثلة قد تلقي بظلال من الشك حول الجدوى الاقتصادية من استضافة المونديال أو الأولمبياد .

وتعد تجربة كندا في استضافة الأولمبياد عام 1976 نموذجا على ما يمكن أن يصيب اقتصاد البلد المضيف من ضرر، خاصة مع استمرار الزيادة في التكلفة المقدرة للاستضافة كما حدث مع كندا . وتكرر ذلك أيضاً بوضوح شديد عام 2004 مع البرتغال في استضافتها لمسابقات كأس الأمم الأوروبية واليونان في استضافتها للدورة الأولمبية .

إلا أن اقتصاد قطر سريع النمو قادر على تحمل أي تجاوزات محتملة في كلفة استضافة المونديال، كما أن مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية تقدر أن الفوائد على الاقتصاد القطري من استضافة كأس العالم 2022 ستكون كبيرة .

ونشرت مؤسسة التصنيف ستاندرد اند بورز تقريراً مفصلاً عن تبعات قرار الفيفا على الاقتصاد القطري اتسم بإيجابية . ذلك على الرغم من أنه لا يمكن توقع أي تأثير على التصنيف الائتماني لقطر، إذ إن عام 2022 بعيد جداً بالمقارنة مع مدد التوقع التي تعتمدها مؤسسات التصنيف لتقدير تصنيفها للدول . بل ان التقرير يعدد فوائد اقتصادية للمنطقة كلها وليس لقطر فقط من استضافة المونديال بعد اكثر من عقد من الزمن .

بداية، هناك فائدة أساسية بالنسبة لقطر تتعلق بالتنوع في اقتصادها بعيداً عن النفط والغاز والصناعات المرتبطة بهما كالنفط والغاز .

فهناك نشاط موسع في قطاعات الانشاءات والخدمات وتطوير البنية التحتية يبدأ من الان وحتى استضافة المونديال وربما بعدها . وكما حدث مع استضافة قطر لدورة الألعاب الآسيوية عام ،2006 ستكون هناك فورة إنشاءات كما حدث مع قرية آسيان التي استخدمت فيما بعد ضمن مدينة حمد الطبية في الدوحة . وستقوم قطر بتوسعة ملاعب حالية وبناء ملاعب جديدة إلى جانب منشآت مصاحبة لاستضافة اللاعبين وفرقهم والمشجعين . هذا إضافة إلى مشروعات بنية تحتية موسعة تتضمن مشروعات نقل وطرق إضافة إلى مد خط للمترو .

ويقدر حجم الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية تلك بنحو 233 مليار ريال قطري (64 مليار دولار) وهو ما يصل إلى 47 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي سجلته قطر عام ،2010 وربما لا تحتاج قطر للاقتراض الحكومي لتمويل ذلك الانفاق الهائل، إذ غالباً ما تكفي عائدات النفط والغاز لتمويل الإنفاق الحكومي .

وأغلب الدين العام القطري هو من الداخل، لذا تتمتع بتصنيف ائتماني ممتاز . وحين احتاجت شركة ديار القطرية (الجناح العقاري للصندوق السيادي القطري) لإصدار سندات دين بقيمة 5 .3 مليار دولار في يوليو/تموز الماضي لتمويل مشروعات في قطر كان التصنيف لتلك السندات جيداً جداً .

ولا يتجاوز حجم الدين العام القطري 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتملك قطر أصولاً جيدة توازي 72 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي . كما أن عائدات الميزانية (من مبيعات النفط والغاز وعائد استثمارات الصندوق السيادي) وصلت إلى 50 مليار دولار هذا العام . وتشكل عائدات النفط والغاز ما يصل إلى 80 في المئة من دخل قطر . لذا تتحسب البلاد دوما لاحتمالات تذبذب الأسعار وتترك مساحة احتياط لمواجهة أي انخفاض . فعلى سبيل المثال حسبت الميزانية القطرية سعر النفط عند 55 دولاراً للبرميل، بينما السعر الحقيقي هو 87 دولاراً للبرميل في المتوسط لعام 2010 .

ويقدر كثيرون أن الفوائد الاقتصادية لاستضافة قطر مونديال 2022 ستتجاوز حدودها إلى الجوار الخليجي، خاصة على صعيد تنشيط السياحة وقطاعات الخدمات الأخرى . كما ان مشروعات البنية التحتية الطموحة ستوفر فرص نشاط لشركات كثيرة من المنطقة، وكذلك حركة جيدة في سوق التمويل تعيد بعض دماء النشاط المالي للمؤسسات الرئيسة في دول الخليج . وبغض النظر عن مدى إمكانية تحقيق مطلب استضافة بعض دول الجوار لبعض مباريات كأس العالم، فإن ذلك الحدث الرياضي العالمي الضخم في المنطقة - حتى لو جرت المسابقة كلها في قطر وحدها - سيعود بفوائد اقتصادية جمة على دول الخليج جميعاً .

خبير اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"