«أوبر» بين النمو والخسائر

00:58 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. أيمن علي *

تكبدت أوبر خسارة كبيرة في الربع الثاني بلغت 5.2 مليار دولار، وهي خسارة كبيرة بكل المقاييس، وكانت الشركة منيت بخسارة تزيد على مليار دولار في الربع الأول.
رغم الخسائر الهائلة التي مُنيت بها شركة أوبر في الربع الثاني إلاّ أن كبار المسؤولين فيها يؤكدون أنهم لن يتوقفوا عن سعيهم لأن تصبح الشركة الرائدة في مجال النقل عبر تطبيق إلكتروني مثل شركة «أمازون» العملاقة في مجال التسوق الإلكتروني. ويعني ذلك أن الشركة التي يستخدمها أكثر من 110 ملايين مشترك حول العالم وتعمل في نحو ثمانمئة منطقة حضرية في مختلف دول العالم مستمرة في الإنفاق الاستثماري على التوسع في نشاطها من أجل تحقيق مزيد من النمو بما يقنع مستثمريها بالاستمرار في الاحتفاظ بأسهمها بعدما طرحت نفسها في الأسواق المالية كشركة عامة في مايو الماضي.
في الثامن من أغسطس أعلنت أوبر عن بياناتها المالية للربع الثاني بعدما أصبحت شركة عامة مسجلة في البورصة في وقت سابق من هذا العام. وللمرة الثانية منذ طرح أسهمها حققت أوبر خسارة كبيرة في الربع الثاني بلغت 5.2 مليار دولار وهي خسارة كبيرة بكل المقاييس وكانت الشركة منيت بخسارة تزيد على مليار دولار في الربع الأول. وما زاد من التأثير السلبي لخسارة الربع الثاني لأوبر أن الشركة المنافسة لها في الولايات المتحدة، ليفت، أعلنت زيادة كبيرة في عائداتها بلغت نسبة 72% في الربع الثاني. ورغم أن أوبر حققت زيادة في العائدات، من حيث عدد الرحلات عبر تطبيقها على الهواتف الذكية، بلغت نحو الثلث إلا أن العائد النقدي للشركة بعد خصم السائقين لمستحقاتهم لم يتجاوز 14 في المئة.
ومنذ الإعلان عن خسارة أوبر الكبيرة وهبوط أسهمها فور إعلان نتائجها المالية بما يقارب الحد الأدنى، يعلق كثيرون بأن خسائر أوبر تزيد منذ الطرح الأوّلي لأسهمها الذي طال انتظاره. ويستشهد هؤلاء بمشكلة تدهور تقييم الشركة لدى طرحها، حيث كانت تقدر قيمتها بنهاية 2018 عند أكثر 120 مليار دولار، فيما لم تتجاوز قيمتها لدى طرحها الأوّلي نطاق قيمة ما بين 70 و75 مليار دولار. وقدرت البنوك الاستثمارية التي أدارت الطرح سعر سهم أوبر ما بين 44 و50 دولاراً، لكن في النهاية طرح السهم باتجاه الحد الأدنى للتقدير عند 45 دولاراً وما لبث أن شهد هبوطاً في سعره. والواقع أن أوبر منذ طرحها تعاني عمليات تذبذب تقدير قيمتها، خاصة كلما لجأت لتوفير رأس المال من صناديق الاستثمار والمستثمرين المؤسساتيين أو الخواص الأفراد.
على سبيل المثال، في يناير من العام الماضي حين كانت الشركة تجمع رأسمال جديد قدرت قيمتها بأقل من نصف التقدير السابق ووصلت إلى 48 مليار دولار، بينما بلغت قيمتها في إبريل من العام الثاني في جولة تمويل أخرى 62 مليار دولار. وفي المتوسط خسرت أوبر العام الماضي ما يصل إلى 3 مليارات دولار من عائدات بلغت 3.11 مليار دولار، وبنهاية العام كان العجز المالي لدى الشركة نحو 8 مليارات دولار. وخسرت الشركة على مدى السنوات العشر الماضية، منذ تأسيسها في 2009، ما يصل إلى 14 مليار دولار.
لكن أوبر كانت دوماً تركز على التوسع والنمو، الذي شهد قفزات هائلة في سنواتها الأولى وهو ما شجع ممولين لقطاع التكنولوجيا، مثل سوفت بنك الياباني الذي تساهم دول خليجية نفطية في صناديقه الاستثمارية، على استمرار ضخ الأموال في أوبر قبل طرحها في البورصة. لكن منذ طرح أسهمها في مايو الماضي، لم يعد التوسع في النمو مقنعاً للمستثمرين حاملي السهم الذين تهمّهم الأرباح على عائدات الشركة وقد لا يشاركون كبار مسؤوليها التنفيذيين طموحهم لاقتحام مجالات جديدة. والواقع أن النمو والتوسع لم يعد بذات الوتيرة بعد التوقف المؤقت لمشروع السيارات ذاتية القيادة الذي استنزف قدراً من استثمارات الشركة. ولا يزال الطريق طويلاً قبل أن تستغني أوبر عن السائقين ويحقق الاستثمار التكنولوجي في السيارات ذاتية القيادة مردوداً يقنع المستثمرين.
كما أن دخول الشركة في مجال توصيل الطلبات وخدمات النقل الأخرى يسير ببطء شديد، خاصة أنها مجالات ترسخت فيها أساليب نقل أخرى تحتاج أوبر لسنوات كي تزيحها وتزيد نصيبها منها. مع ذلك، فإن الاستثمار في وسائل نقل أخرى غير المشاركة بالسيارات مثل أوبر السكوتر والدراجات الهوائية ووسائل النقل الجماعي أحرزت بعض التقدم إلا أن دخول أوبر في مجال المواصلات العامة كثيفة الركاب وعلى خطوط شركات المواصلات التقليدية ما زال أمامه طريق طويل أيضاً.
وربما يكون الخيار الأفضل لأوبر، العودة للاعتماد على صناديق الاستثمار والمستثمرين المؤسساتيين والأفراد الخواص لتحقيق استراتيجيتها بأن تصبح «أمازون قطاع النقل». لكنها في الوقت نفسه ستجد نفسها مطالبة بتحقيق أرباح من عملها الأساسي كي تقنع حاملي الأسهم بأن استثماراتهم لها عائد. فمن يتعاملون في البورصة أقل صبراً من الصناديق حين يتعلق الأمر باستراتيجيات الشركات للتوسع والنمو طويل الأجل قبل تحقيق عائد وأرباح.

* كاتب صحفي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"