الاستثمار في الأسهم 1-2

02:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
من المعلوم فقهياً أن الاتجار في الأسهم يندرج تحت شركة العنان، وهي أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يتجرا فيه ويكون الربح بينهما . - وعلى هذا المعنى اتفقت الحنفية والشافعية والزيدية والجعفرية والظاهرية والحنابلة في أحد قوليهم، حيث قالوا إن الشركة لا تنشأ إلا بالتصرف برأس المال بالشراء .
أما المالكية فقالوا: "تنعقد شركة العنان بمجرد انعقاد العقد بين الشركاء" . وقد أخذ القانون بهذا القول .
- وشركة العنان كما ترى جائزة بالإجماع، وهي كما قال الفراء في أصل اللغة العربية مشتقة من عنّ الشيء إذا عرض، وسميت الشركة عناناً، لأن كل واحد عنّ له أن يشارك صاحبه .
- ويقول السبكي: "المشهور أنها من عنان الدابة وهو ما تقاد به، كأن كل واحد من الشريكين أخذ بعنان صاحبه، لا يطلقه يتصرف حيث شاء" .
- وفي شركة العنان لا تشترط المساواة لا في المال ولا في التصرف، بل يجوز أن يسهم أحد الشركاء بأكثر من صاحبه، ويجوز أيضاً أن يتولى أحدهما المسؤولية في الشركة، والآخر لا يتحمل أي مسؤولية .
- وفي الوقت نفسه لا يتساويان في الربح، بل الربح يوزع على كل منهما بقدر مساهمته والشرط الذي اتفقا عليه، والخسارة تكون بنسبة رأس المال .
- نعود إلى موضوع الإسهام في الشركات والتعامل مع الأسهم فنقول:
الأسهم جمع سهم الذي يرد بعدة معان، وقد أطلق علماء القانون اسم السهم على الصك الذي هو جزء من رأس مال الشركة يزيد وينقص .
أو أنه هو نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال، أو الجزء الذي ينقسم على قيمته مجموع رأس مال الشركة المثبت في صك له قيمة اسمية .
- وورد في القرار رقم (63/1/7) أن المبيع في الأسهم هو حصة شائعة في موجودات الشركة، وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة .
- ويقول الدكتور علي القره داغي: "من المعلوم أن رأس مال الشركة المساهمة يقسم في البداية إلى أجزاء متساوية، يمثل كل جزء منها سهماً، لكن السهم لا يمثل هذا لجزء من رأس المال فحسب، بل يمثل كل الموجودات في الشركة من حقوق الترخيص والمنافع وغيرها" .
- وحكم الإسهام في أسهم الشركات يختلف باختلاف الشركة، وقد قال العلماء إن الأصل في المعاملات الحلّ، فإذا كانت الشركة المساهمة أسست على أن تبيع وتشتري في أغراض وأنشطة مشروعة أصلاً فإن الإسهام فيها جائز شرعاً .
وإذا كان الغرض من تأسيسها من البداية أمراً محرماً، فإن الإسهام فيها محرم أيضاً، لأن العلة تدور مع المعلول .
وأما إذا كانت الشركة تتعامل مع المحرم أحياناً، فإن التعامل معها محرم أيضاً .
- فشركات النوع الأول يجوز التعامل معها لأنها تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، فلا تتعامل مع الربا، بل مع العقارات والإجارات وتجارة المواشي والمستشفيات وما أشبه ذلك .
- وشركات النوع الثاني يحرم التعامل معها لأنها تتعامل مع الربا كالإقراض والاقتراض بفائدة، وتتعامل مع الخنازير والأفلام الماجنة والخمور ونحوها .
- وشركات النوع الثالث هي الشركات التي أصل نشاطها حلال لكنها تتعامل مع المحرم، كأن يكون أصل نشاطها الزراعة والتجارة، لكنها تتعامل مع البنوك الربوية، أو أنها تنشئ عمارات أو مجمعات فيها مسابح ونواد مختلطة، أو تنتج أفلاماً ملتزمة بقواعد الأخلاق وأخرى غير ملتزمة .
قلنا إن هذا النوع ينسحب عليه حكم النوع الثاني وهو المحرم عند بعض الفقهاء المعاصرين، لأن المانع مقدم على السبب، وهذا هو رأي المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي .
وبعضهم أجاز التعامل مع هذه الشركات إذا كانت أغلبية أنشطتها في الحلال، وقالوا أيضاً بالأخذ بقاعدة "عموم البلوى وحاجة الناس"، لكن بشروط وضوابط مثل ألا يزيد عنصر الحرام فيها على الثلث أو الربع، ولا تزيد نسبة الفوائد أو المحرمات على 5% - 10% من إجمالي الدخل والإيراد .
وهذا القول هو رأي بعض الندوات الفقهية مثل ندوة الأسواق المالية بالرباط، وندوة البركة، ورأي معظم هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية .
وأيد هذا الرأي الإمام مصطفى الزرقاء وابن عثيمين وعبدالستار أبو غدة ووهبة الزحيلي وخالد المدكور .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"