السفر ليلة الثلاثين من رمضان

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

يقول السائل: صمت في بلدي 30 يوماً من رمضان وفي عصر يوم الثلاثين سافرت إلى بلد آخر فوصلت ليلاً بتوقيتهم، فوجدتهم يصلون التراويح ونووا صيام يوم غد ليكملوا شهر رمضان ثلاثين، سؤالي هو: هل أصوم معهم أم أفطر؟
نعم.. مثل هذا السؤال وجه إلى كبار علماء السعودية فأجابوا بالحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» بمعنى أنه لو صام في بلده ثلاثين يوماً كما قال السائل ثم سافر ليلة العيد إلى بلد آخر، فوجدهم ما زالوا صائمين ويكملون شهرهم فإنه يصوم معهم ولو زاد بالنسبة له على الثلاثين يوماً؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس.
وكذلك لو صام في بلده 28 يوماً أو 29 ثم سافر إلى بلد آخر فوجد ذلك البلد متقدماً على بلده بيوم أو يومين فإنه يفطر معهم وإن كان قد صام أقل من صيام أهل بلده؛ لأنه لا يجوز أن يصوم في بلد أهله كلهم قد أفطروا حسب رؤيتهم.
وبعد ذلك يبقى الناقص ديناً في ذمته يوماً كان ذلك الدين أم يومين فالمهم أن يقضيه فيما بعد، وقال الشيخان: إذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تاماً في البلدين، وقضى يوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما (انظر فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء).
لكن يقول الشيخ عبدالله بنطاهر من معاصري المالكية: تتبعت مثل هذه الحالة فوجدت للعلماء والمعاصرين ستة أقوال:
١- إذا سافر إلى بلد ما وافق أهله في الصيام والعيد سواء سبقوه أو سبقهم؛ لأنه بانتقاله إليهم صار منهم وحجة هؤلاء حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام قال: فقدمت الشام وقضيت حاجتها واستهل عليّ رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال يوم الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحديث الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون وإن كان حديثاً حسناً غريباً فإنه يدل على وجوب الصوم والعيد مع أهل البلد الذي هو فيه، وممن قال بهذا الشيخ ابن عثيمين.
٢- يوافق أهل البلد الذي انتقل إليه صياماً وإفطاراً لكن بشرطين: ألّا يتعارض ذلك مع الحساب الفلكي وألّا تقل أيام صيامه هو عن 28 يوماً وألّا تتجاوز 31 يوماً، وممن قال بهذا الدكتور علي جمعة مفتي مصر سابقاً.
٣- أن يوافق أهل البلد الذي انتقل إليه في العيد دون الصوم؛ لأن صوم يوم العيد حرام، وأيد هذا بعض علماء المغرب.
٤- أن يوافق أهل البلد الذي انتقل إليه في الصوم دون العيد بحيث لا يعيّد معهم إذا لم يتجاوز صومه 28 يوماً وأيد هذا الشيخ عبدالعزيز بن باز.
٥- أن يوافق أهل البلد الذي أتى منه في الصوم والعيد، فيصوم ويعيّد وحده، وأيد هذا الشيخ محمد كنوني المذكوري.
٦- أن يوافق أهل البلد الذي قدم منه ويخالف البلد الذي انتقل إليه في الصوم والعيد؛ لكن بشرط ألّا يتعارض مع الحساب الفلكي، ولا تقل أيام صيامه عن 28 يوماً وألّا تتجاوز 31 يوماً.
وفي النهاية يقول بأن الأولى وحدة الرؤية كما يرى جمهور السلف (الحنفية والمالكية والحنابلة) ولا عبرة باختلاف المطالع، وقد قال بهذا «خليل» في مختصره و«الدردير» في «الشرح الكبير» وانفرد الشافعية بالقول إن لكل بلد رؤيته اعتماداً على حديث كريب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"