العلاج بالطاقة (4-1)

01:46 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

لم نكن نسمع فيما مضى من الزمن كثيراً من الأسئلة التي نسمعها اليوم في أوساط المجتمع، بل ولم نكن نقرأ أيضاً عن كثير من المعتقدات والعلاجات التي قد تتفق مع الدين أو لا تتفق.
واليوم إذ ظهرت القنوات الفضائية ووجدت وسائل البث والإذاعة والإرسال والنشر، كثرت المقالات والبحوث والتقارير التي تفيد الناس والتي لا تفيد، بل تضر ولا تنفع، وفي نظري أننا لا نستطيع أن نمنع البث والنشر، فالفضاء مفتوح رغم أنوفنا، ولا نستطيع أن نمنع الناس من قراءة ما ينشر، فالقنوات مفتوحة حتى في غرف نومنا ونوم عيالنا.

إذن واجبنا أن نبين للناس ما هو من دين الإسلام وما هو مناقض لدين الإسلام، وليس بصحيح أن يقال: الناس أحرار فيما يختارون، والحياة اليومية سوق يعرض فيه الخير والشر، والكون عالم مفتوح على بعض، ولكل أن يعرض ما عنده.
أقول: هذا الكلام نرفضه نحن المجتمع المسلم، لأننا نؤمن بإنسانية البشر جميعاً، فلا نظلم أحداً بالنظر إلى دينه ومعتقده، لكننا، نؤمن أيضاً بأننا مسلمون لنا ديننا وغيرنا لهم دينهم، ولا نسمح بأن يدخلوا علينا بما هو محرم.
فلا يجوز الخلط بين العبادات والمعاملات والعادات وبين التقاليد، وإلا فقدنا هويتنا ولم تعد الشريعة الإسلامية شريعتنا.

ومن جانب آخر يجب ألا نفهم الدين فهماً ضيقاً، ونفسر الآيات والأحاديث تفسيراً خاصاً جداً بحيث يضيق فلا يستوعب الكون وما فيه من المباحات، فإذا كنا نؤمن بقوله تعالى: «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، فإنه ينبغي ألا نتشنج إذا رأينا علاجات أو أدوية أو ملابس أو أي شيء آخر أنتجه غير أبنائنا فنرفضها لمجرد أنها من غير بيئتنا.

فالعلم في يوم من الأيام بلغ ذروته عند المسلمين، والمسلمون الأوائل أخذوا من علوم غيرهم وزادوا عليها أو (فلتروها) أي خلصوها من الشوائب وجعلوها إسلامية.

واليوم تقاعس المسلمون وخذل بعضهم بعضاً، واحتاجوا إلى صناعات الآخرين وعلاجاتهم، فلا يصح أن نرفض الآخرين من غير حجة ولا برهان، أو نقول بأنهم على الباطل في الوقت الذي لا نتبع فيه نحن الحق.

نعم «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، وفي المقابل طلب منا المولى جل جلاله أن نقرأ هذا الكتاب ونتدبر مكنونه، فما أدراك لعل الذين يأتون اليوم بنظريات نراها صواباً، وينتجون أدوية ويصفون علاجات، قد استنتجوا هذا العلم من قراءتهم وتدبرهم لكتابنا (القرآن الكريم) فلماذا نرفضها إذ كانت تطابق كتابنا؟ ولماذا نرفض العلم وكنا أولى باستكشافه؟

ومن هذا القبيل ما يسمى اليوم العلاج بالطاقة، وهذا النوع من العلاج منهم من رفضه مطلقاً من غير تفصيل وحكم عليه بأنه وثني المنشأ والمصدر، ومنهم من لم يستعجل وراجع مصادره الدينية الإسلامية، فوجد أن فيها ما يشير إلى هذا النوع من العلاج، لكنها تحتاج إلى من يفهمها ويبرزها لعامة الناس.

ومنهم من رفض العلاج بالطاقة بعد أن علم أنه يختلط بالحرام المنهي عنه وأنه مبني على معتقد فاسد ونحن نؤمن بقوله تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» (الآية 56 من سورة الذاريات).

والشرك مرفوض طبعاً، فما اعتمد على الشركيات والشعوذة لا يصح أن نتخذه علاجاً، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بالحرام» (رواه أبو داوود) وللمقال بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"